لم تمض فترة الشهر، حتى ردت إيران فجر الأحد 14 نيسان 2024، على عملية قصف القنصلية الإيرانية يوم 1 نيسان 2024 في دمشق، واغتيال 7 من ضباط الحرس الثوري، من قبل المستعمرة الإسرائيلية.
الرد الإيراني، على المستعمرة عبر قصف الطائرات المسيرة على الأغلب، شكل ضربة معنوية، ورسالة مقصودة للإسرائيليين والأميركيين، أن إيران قادرة على الرد، وعلى توجيه الأذى، ولديها الإمكانيات، ولكنها لم تكن ترغب قصداً بتوجيه أذى مضاعف، حيث لا مصلحة لها بالتصعيد وتوسيع حجم ردود الأفعال ضدها، ولذلك اكتفت بما فعلت، وردتْ الاعتبار لنفسها كقوة إقليمية أمام شعبها والحلفاء، وهي قاصدة أن يبقى ردها محدوداً، وأن لا تدفع خصومها نحو المزيد من التصادم والاشتباك، بينها وبين الأميركيين أولاً وفي مواجهة الإسرائيليين ثانياً.
الولايات المتحدة عبرت عن موقفها المسبق أنها ستشارك المستعمرة بالدفاع عنها، ولهذا ساهمت في التصدي للمسيرات والصواريخ الإيرانية وإسقاطها قبل أن تصل أهدافها، وأعلنت أنها لن تشارك بأي هجوم على إيران، ولا تحبذ الرد الإسرائيلي، وتجد أن الضربة الإيرانية لم تكن نتيجتها مؤذية، وأن تتوقف عند هذا الحد، وعلينا أن نتذكر أن الولايات المتحدة وإن لم تستنكر أو تشجب عملية المستعمرة بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق، ولكنها أبلغت طهران أنها لم تشارك ولم تعرف مسبقا بخطة المستعمرة في الاعتداء على القنصلية.
المستعمرة لديها دوافع ومصلحة في توسيع شبكة التصادم مع إيران، لعلها تصل إلى ردود فعل تؤدي إلى قصف المفاعل النووي الإيراني، ولمعرفة إيران بالنوايا الإسرائيلية ودوافعها في توريط واشنطن لمساهمتها في قصف المفاعل النووي الايراني، كان رد طهران محدوداً حتى لا يصل إلى مستوى إشراك أميركي إسرائيلي في قصف المفاعل النووي الإيراني.
إيران لديها هدف مركزي وهو الوصول إلى إنتاج القنبلة النووية، وهي تسعى لذلك بكل نشاط وحيوية، ولا تسعى لتوسيع الحرب وتصعيد الاشتباك قبل أن تصل إلى هدفها بالقنبلة النووية.
من جهتها، المستعمرة الإسرائيلية تسعى لمنع وصول إيران إلى هدفها النووي، حتى تبقى منفردة كطرف نووي في المنطقة.
إيران حققت غرضها وأعلنت أن عمليتها لن تتواصل إلا إذا تمادت المستعمرة، وعملت على قصف إيران، وهذا ما لا ترغبه واشنطن، ولذلك سيبقى رد المستعمرة معلقاً على قاعدة التفاهم الأميركي الإسرائيلي حول الخطوة المقبلة.
الناطق بلسان جيش المستعمرة، وصف الهجمة الإيرانية بالفاشلة، وأن 99 بالمائة من المسيرات والصواريخ الإيرانية تم إسقاطها، ولم تصل إلى أهدافها، وهو بهذا يُوفر المقدمة والأرضية لقرار حكومة المستعمرة، واعتبر الموضوع ما زال مفتوحاً على كل الاحتمالات.
اتصالات وزير الدفاع الأميركي بوزير جيش المستعمرة، هدف إلى قبول النتائج غير المؤثرة، وعدم الرد وعدم التصعيد، لأن واشنطن لا ترى ضرورة لتوسيع المواجهة وإشعال المنطقة بالصدامات والحروب، لأن ذلك سيدفع الولايات المتحدة لتكون مجبرة على التورط والشراكة وهي لا مصلحة لها في ذلك، حيث أن اولوياتها مواجهة الصين وروسيا، بدلاً من إيران، التي سبق ووقعت معها على الاتفاق النووي عام 2015 بعهد أوباما وكان نائب الرئيس آنذاك، الرئيس الحالي بايدن.