تطور الأحداث في الاقليم جراء حرب العدوان على غزة تستوجب العودة الى مزيد من «التحوط»، فما يجري عند باب المندب أعاد وبقوة:- أزمة تعطل سلاسل التوريد.- ارتفاع كلف الشحن.- ارتفاع كلف التأمين.-ارتفاع كلف المواد والبضائع على المستهلك النهائي، بسبب اضطرار السفن لسلوك طريق عبر الرجاء الصالح مما يزيد المدد ويرفع الكلف.ليس «باب المندب» حيث البحر الأحمر وقناة السويس فحسب، بل انتقل الأمر شمالا الى البحر الأسود حيث اصطدمت سفينة كانت تستعد لشحن حبوب من أوكرانيا بلغم في البحر الأسود أمس الأول الخميس، مما فاقم مخاوف تصعيد التوترات في المنطقة ، وأدى هذا الحادث الى صعود عقود القمح المستقبلية.أسعار القمح -وبحسب وكالات الأنباء- ارتفعت في بورصة شيكاغو بنحو 2.13 % عقب الحادث أمس الأول، مع صعودها بنسبة 0.14 % إلى 632.1 دولار خلال يوم أمس الجمعة، (وفقا لما نقلته «بترا» عن وكالة بلومبرغ أمس الجمعة).على صعيد متصل، قفز سعر السكر الخام بحوالي 6.4 % في بورصة نيويورك الخميس، وهي أكبر قفزة له خلال اليوم منذ 10 آب 2021، ما يؤشر إلى تعافيه بعد الانخفاض الحاد الذي سجله سابقا.المؤشرات تظهر أنه كلما طال أمد حرب العدوان على غزة ، وتوسعت رقعتها بصورة أو بأخرى، زادت مخاطر انعكاسات كل ذلك على اقتصادات الاقليم بل واقتصادات العالم.الأردن وخلال جائحة كورونا تحديدا ، وبتوجيهات ملكية حثيثة ، انتهج سياسة تحوط حكيمة في المواد الأساسية تحديدا، فكانت «مستوعبات الحبوب في الغباوي» قصة نجاح وأنموذجا يحتذى في «التخزين الأفقي» للقمح ، باتت دول شقيقة تقتدي بتلك التجربة الناجحة.. ومنذ عام 2020 استمرالأردن بسياسة «التحوّط» حتى بات لدينا من المخزون ما يكفي استهلاك المملكة لأكثر من 10 أشهر سواء في «القمح» أو «الشعير».الأسعار التي استوردت فيها المملكة القمح والشعير قبل جائحة كورونا عام 2020 كانت أقل بنحو النصف من الأسعار التي استوردت كثير من الدول تلك المواد الأساسية بعد جائحة كورونا..وها هي الأسعار اليوم تواصل ارتفاعها.تجربة «كورونا « ثم » الحرب الروسية الأوكرانية» واليوم «الحرب على غزة»..ولا ندري ما هو قادم ، تستوجب منّا وتحديدا القطاعين العام والخاص المضي قدما بسياسات التحوط وفي كل شيء وبما يحفظ للأردن «أمنها الغذائي، والدوائي، والمائي، والطاقة» على وجه التحديد، وهذا لا يكون الا بتعاون وثيق بين القطاعين العام والخاص، بل انه يحتاج الى تحفيز حكومي للقطاع الخاص من أجل لعب دور أكبر في التحوط من خلال:- استثمار القطاع الخاص ببناء مستوعبات للمواد الأساسية في أقاليم المملكة الثلاث.- تقديم البنوك وبحثّ من البنك المركزي تسهيلات للقطاع الخاص لفتح اعتمادات وتقديم تسهيلات له تمكنه من استيراد كميات أكبر لتخزينها «تحوطا» للتطورات الاقليمية والعالمية من باقي المواد الغذائية (كون الحكومة معنية بأساسية فقط).- تشجيع مصانع المواد الغذائية المحلية على زيادة انتاجها بما يوفر مخزونا يكفي حاجة السوق لمدة أطول.نحن على بعد نحو 70 يوما تقريبا من شهر رمضان المبارك، حيث يتضاعف الاستهلاك والطلب على المواد الغذائية ، ويتوقع المواطنون انخفاضا على الأسعار لا ارتفاعا لها..فهل سيكون من الممكن ذلك في ظل تخوفات من ارتفاع الأسعار جرّاء ما يجري في المنطقة العالم؟- القرارات والتوصيات التي اتخذها «مجلس الأمن الغذائي» في اجتماعه الأول منذ أيام مهمة وضرورية للغاية لمواجهة التحديات، وفي مقدمة تلك التوصيات:(منع اعادة تصدير مواد أساسية (الرز والسكر والزيوت) وذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الشحن الناتجة عن الازمة في البحر الأحمر.- كذلك فان ما أعلنته وزيرة النقل و شركة الجسر العربي للملاحة منذ يومين حول سيناريوهات لمواجهة تداعيات الملاحة في باب المندب والبحر الأحمر، أن هناك سيناريوهات لمسارات شحن ونقل بديلة بين الأردن ومصر عبر (العقبة – نويبع – وصولا لموانئ البحر المتوسط // اسكندرية – بورسعيد – ودمياط //) يمثل بدائل مهمة و» تحوّطا» ضروريا سرّعته ظروف الاقليم، رغم الحديث عنه منذ أكثر من سنتين.باختصار: فان ظروف المنطقة والعالم تتطلب مضيّ الأردن قدما بسياسات التحوط والابقاء على مخزون آمن ومستدام من المواد الأساسية ، وبالتعاون مع الدول الشقيقة والتعاون بين القطاعين العام والخاص، حتى يبقى مخزوننا في جميع الأساسيات مريحا..خصوصا ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك ، ولا يلوح في الأفق القريب أية بوادر لانهاء حرب العدوان على غزة وتداعياتها على الاقليم والعالم.