اخبار البلد-
مَن يُتابع المؤتمرات الصحافية للناطق باسم جيش الإرهاب الصهيوني الجنرال/دانييل هاغاري, يلحظ في إيجازه اليومي كما في إجاباته المقتضبة على أسئلة الصحافيين, دعوته المتكررة أهالي المنطقة «الشمالية» من قطاع غزة بما فيها مدينة غزة, للتوجّه إلى «المناطق الآمنة» في جنوب القطاع, إذا ما أردوا النجاة بأنفسهم, حيث يتوفّر الغذاء والماء والكهرباء. كما يزعم, رغم أن القصف الوحشي الصهيوني يشمل مناطق القطاع المنكوب كافة, بما فيها المنطقة الآمنة المزعومة.
وإذ بات معروفاً أن دعوة الجنرال الصهيوني, إنما تروم تهجير أهالي القطاع باتجاه سيناء المصرية, ودعواتهم المُلحّة للقاهرة فتح معبر رفح, فإن ما تم كشفه من وثائق وسيناريوهات تم إعدادها في دوائر إستخبارية, وأخرى تكفلت بها مراكز أبحاث ومرجعيات إستيطانية, لا تترك مجالاً للشك بأن دولة العدو الصهيوني, كانت تتحيّن الفرص لوضع تلك السناريوهات موضع التنفيذ, على النحو الذي تسعى إليه الآن في حرب الإبادة الجماعية والتطهير العِرقي, التي يقارفها جيشها النازي, بتواطؤ مُعلن وسافر من قادة المُعسكر الغربي وفي مقدمتهم الرئيس الأم?ركي/بايدن.
أحد هذه السيناريوهات تولّاها معهد «ميسغاف», لبحوث الأمن القومي وللاستراتيجية الصهيونية, كاشفاً قبل يومين عن أدق التفاصيل للخطة الإسرائيلية «المُرتقبة» لتهجير كافة سكان قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء. إذ نشرَ المعهد الخطة عبر دراسة حملت عنوان: «خطة التوطين والتأهيل النهائي في مصر لجميع سكان غزة: الجوانب الاقتصادية».
وقد شملت الدراسة التي أعدها المحلل الاستراتيجي/أمير ويتمان، عدة نقاط رئيسية تعتمد عليها إسرائيل لتهجير سكان غزة إلى مصر، وأهم هذه النقاط هي «إستغلال» أزمة مصر الاقتصادية بتهجير هؤلاء الفلسطينيين إلى سيناء مُقابل «امتيازات مادية ضخمة».
ووفق الخطة فإن هناك «فرصة فريدة ونادرة», لإخلاء قطاع غزة بـ«الكامل»، حيث هناك حاجة إلى خطة فورية وواقعية ومُستدامة, لإعادة التوطين وإعادة التأهيل «الإنساني» لجميع السكان «العرب» في قطاع غزة في سيناء، والتي تتوافق بشكل جيد مع المصالح الاقتصادية والجيوسياسية لإسرائيل والولايات المتحدة.
لم تتوقف وقاحة الذين أعدوا الدراسة عند هذه التفسيرات التي تنتهج الأساليب التي إتبعتها الحركة الصهيونية قبل النكبة الفلسطينية, من خلال مؤسسة «الكيرن كييمت» التي واظبت شراء الأراضي من الإقطاعيين الفلسطينيين والعرب, بل مضوا إلى القول: أنه في عام 2017، أشارتْ التقارير إلى أن هناك حوالي 10 ملايين وحدة سكنية خالية في مصر، نصفها تقريبا قيد الإنشاء والنصف الآخر تحت الإنشاء، فعلى سبيل المثال–أضافتْ الدراسة -، في أكبر مدينتين تابعتين للقاهرة، «السادس من أكتوبر» و«العاشر من رمضان»، هناك «كمية هائلة» من الشقق المبنية ?الفارغة المملوكة للحكومة والقطاع الخاص, ومساحات البناء تكفي لإيواء حوالي 6 أشخاص في الوحدة السكنية الواحدة. ما يعني أنها قد تكفي لـ«مليون نسمة». لافتة/الدراسة إلى أن «إجمالي عدد سكان غزة، حوالي 2 مليون نسمة، أي أقل من 2% من إجمالي سكان مصر، والذي يضم بالفعل اليوم حوالي 9 ملايين لاجئ من عدة جنسيات عربية أخرى.
ما أن نُشرتْ الدراسة أعلاه, حتى تمّ يوم أمس «تسريب» دراسة/خطة تهجير «أخرى», ولكن هذه المرة من إعداد «المخابرات الإسرائيلية», كما قالت صحيفة «كالكليست» الاقتصادية, التي تُصدرها صحيفة «هآرتس». كاشفة/كالكليست أن وزيرة المخابرات الإسرائيلية/جيلا جلمائيل، هي التي تدعم هذا المُخطط بشدة, وإنها «أوصتْ» بنقل سكان غزة إلى سيناء في «نهاية الحرب الجارية».
وإذ لفتت الصحيفة إلى أن الوثيقة التي حصلت عليها, تحمل شعار وزارة الاستخبارات وتُستخدَم في المناقشات الداخلية بين الوزارات الحكومية الإسرائيلية. فإنها أشارت إلى أن وثيقة جلمائيل تتناول ظاهرياً «ثلاثة بدائل لفترة ما بعد الحرب»، ولكن البديل «الذي سوف يُؤدي إلى نتائج استراتيجية إيجابية وطويلة الأمد», هو (نقل مواطني غزة إلى سيناء).
وتتضمن الخطوة–وفق الصحيفة–ثلاث مراحل: 1): إنشاء «مُدن خيام» في سيناء جنوب غرب قطاع غزة. 2):إنشاء ممر إنساني لمساعدة السكان. 3): بناء مدن في شمال سيناء. وفي الوقت نفسه، سيتم إنشاء «منطقة عازلة بعرض عدة كيلومترات داخل مصر» جنوب الحدود مع إسرائيل، حتى «لا يتمكّن السكان الذين تم إجلاؤهم من العودة». بالإضافة إلى ذلك، تدعو الوثيقة إلى «خلق تعاون مع أكبر عدد ممكن من الدول, حتى تتمكن من استقبال الفلسطينيين المُهجرين من غزة واستيعابهم».
ثمة تفصيلات أخرى تعكس من بين أمور أخرى حجم وطبيعة المخططات الإستعمارية الصهيونية, التي لا تحيد عن تحقيق الحلم الصهيوني بإقامة «إسرائيل الكبرى» على أرض فلسطين التاريخية, محمولاً على هيمنة إقليمية توسّعية بلا حدود, سوى الحدود التي يقف عندها «بسطار» الجندي اليهودي.
لكن الرفض المصري الرسمي والشعبي, كفيل «في ما نحسب ونأمل» بإحباط هذا المخطط الصهيوني الخبيث, الذي يحمل في طياته «نكبة ثانية». خاصة أن فلسطينيي القطاع أعلنوا بحزم وحسم أنهم باقون على أرضهم بين جثث أطفالهم ونسائهم وفوق أنقاض بيوتهم.