"وطنيتان"..!

وطنيتان..!
أخبار البلد -  

أخبار البلد- ‏يقف السياسي المعارض أو المواطن المحتج أمام المحقق الأمني، فيتصرف كل منهم باعتبار أنه يقف على الجانب الصحيح من الوطنية. ويسافر جندي إلى أقاصي الأرض ليشارك في احتلال بلد بعيد وتدميره وإخضاع أهله على أساس الوطنية. ويعتدي مواطنون على مواطنيهم، فيما يصل أحياناً إلى شن حرب أهلية عليهم، ويظنون أنهم آباء الوطنية المؤسسون. ولا حصر للأمثلة التي تظهر فقط كم هي الوطنية مفهوم معقد وبالغ النسبية، ومتناقض التجليات.

‏‏التعريفات البسيطة لـ"الوطنية" تتحدث -أكثر أو أقل- عن شعور بالحب العميق والتفاني والولاء وارتباط المرء ببلده. ويتم التعبير عن هذه العواطف باحترام الرموز الوطنية؛ العلم والنشيد الوطني والتقاليد الثقافية الأخرى التي ترمز إلى هوية وتراث الأمة.‏ وفي حين يمكن أن تكون تجليات الوطنية إيجابية، مثل الراحة التي يصنعها الشعور بالانتماء والمشاركة المدنية، فإنها يمكن أن تنتج عواقب سلبية إذا ما تم أخذها إلى حد التطرف. يمكن أن تؤدي الوطنية المفرطة، إلى الشوفينية البغيضة، والتعصب للعصبة الفرعية ومعاداة المختلف والثقافات الأخرى.
 

يؤدي الفهم الضيق للوطنية في كثير من الأحيان إلى التركيز على الاختلافات العرقية أو الدينية أو العقائدية في البلد الواحد، حيث يضع «الوطنيون" الشوفينيون أنفسهم في وضع احتكار الوطنية الحقيقية ويقسمون المواطنة إلى درجات. وليس أضر من هذه «الوطنية" بالأوطان. إنها تفتت النسيج المجتمعي وتؤسس للعداءات، وتعطل سيادة القانون، وتوزع الامتيازات وفقًا لدرجات «انتماء" يحددها الشوفينيون بعيدًا عن تعريف المواطنة القانوني. وبذلك تتعطل الإمكانيات الوطنية وتصبح البلدان مهيأة لانفجار الصراعات الأهلية والدمار الشامل.
منطقيًا، تتجلى أعلى مراتب الوطنية، مهما كانت طرق التعبير عنها، في في النضال من أجل تكريس السلم الأهلي والانسجام الاجتماعي والالتفاف حول المشتركات والإيمان بالمصير المشترك. وسوف يقترب الناس من الوطنية كلما اقتربوا من المبادئ العالمية الأساسية: الديمقراطية، والحرية، والمساواة والعدالة، التي تكفل تقدم الجميع في المركب الواحد.
ثمة وجهان بارزان يمكن التحدث عنهما للوطنية: الوطنية العاطفية والوطنية العملية. وفي حين تتعلق الوطنية العاطفية بالعواطف والفخر الثقافي وإجلال الرموز، تنطوي الوطنية العملية على المشاركة النشطة في تقدم بلد المرء من خلال الاضطلاع بالمسؤوليات والمساهمات المدنية. وينبغي أن يكون مقياس سوية الوطنية العاطفية بمعيار التزامها بتعزيز الشعور بالوحدة والانتماء بين المواطنين، بحيث تكون قوة موحدة تتجاوز الاختلافات، وتجمع الناس تحت هوية وطنية مشتركة. وسوف يكون هذا الاتصال الوطني العاطفي مصدر تحفيز وصمود خلال الأوقات الصعبة
في المقابل، قد يجعل فرط الوطنية العاطفية الناس منغلقي الذهن ومقاومين للتغيير، مما يعيق تقدم البلد المعني وشموله لكل مواطنيه. كما أن البعض يمكن أن يقعوا في فخ الاعتقاد بأن التعبير عن الحب للبلد يقتصر في المقام الأول على حفظ وترديد الأناشد الحماسية وعبادة الرموز أو الشخصيات من دون القيام بعمل مادي ملموس يساهم عمليًا في رفعة البلد. ‏
‏تتجذر الوطنية العملية في المشاركة النشطة والمساهمات في التحسين الحسي لبلد المرء. ويعني ذلك تحمل المسؤوليات المدنية، والمشاركة في خدمة المجتمع، والتطوع، ودعم سيادة القانون وحقوق المواطنة للجميع. ولا شك في أن الانتماء العملي أفضل بما لا يقاس من الانتماء الشفهي الخطابي. فالذي يفيد هو إنتاجية المرء التي تصب في إنتاجية البلد وانعكاساتها الملموسة على كل مواطنيه.
في النهاية، لا تنفصل «الوطنيتان"، وإنما ينبغي الموازنة بينهما. إذا كان المرء يعبر عن حبه لبلده بإجلال الرموز وترديد الأناشيد، فالأجدى به أن يترجم عواطف في سلوك إيجابي: بالحفاظ على البنية التحتية لبلده، والإخلاص في أداء عمله، وفعل كل ما يجب لتعزيز التماسك الاجتماعي والشعور بوحدة الحال والتعاطف، والانفتاح على التغيير ونبذ العصبيات وما لا ينفع الناس.‏ ومن المنطقي اقتراح أن العمل أفضل من القول بلا عمل. وسوف تقاس وطنية المرء وولائه بما ينجزه على الأرض وينتجه لوطنه. في النهاية، لا تبني المدائح والخطابات وحدها الأوطان بقدر ما تبدد الطاقة بصرفها في اختراع كلام يتناثر في الهواء كأن لم يكن.
 
شريط الأخبار "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025 استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد مراسم الاستقبال الرسمي لبوتين أمام القصر الرئاسي في نيودلهي (فيديو) حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غداً وفيات الأردن اليوم الجمعة 5/12/2025 "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026! وزير العمل: شبهات اتجار بالبشر واستغلال منظم للعمالة المنزلية الهاربة اتفاق أردني سوري لإنعاش الأحواض الشمالية قريبا هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد حماس: نتوقع حدوث محاولة اغتيال في دولة غير عربية انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما دون 76 روبلا للمرة الأولى منذ 12 مايو 2023 آخر موعد للتقديم على المنح والقروض من "التعليم العالي" وزارة اردنية الافضل عربيا من هي ؟ العراق يتراجع عن إدراج حزب الله والحوثيين على قوائم الإرهاب