تستباح جنين أمام أنظارنا، ونتابع همجية العدو وخرقه لحرمة منازلها بالنيران وترهيب أطفالها ونسائها، نحن، بكل أطيافنا الدينية والسياسية والاجتماعية نقف موقف المتفرج العاجز عن إغاثة من يستغيث منذ ما يقارب الثمانية عقود من الزمن.
أما كفانا بعد تنظيرا وتحليلا واصطفافات إقليمية ودولية تبعدنا أكثر وأكثر عن هويتنا وروايتنا الحقيقية، قلنا إن فلسطين هي بوصلتنا، شعرا ونثرا وخطابا رنّانا كدنا نحرر فيه فلسطين آلاف المرات.
منذ فترة ليست ببعيدة أثار حرق نسخة من القرآن الكريم في السويد على يد أحد الملحدين ردودا شاجبة في البلدان الإسلامية، ونحن بالطبع ندين أي نوع من أنواع التطرف أو المس بالكتب السماوية، إنما السؤال: هل فلسطين بعيدة عن كتاب الله تعالى؟ أرض الأنبياء ومسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فيها والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وثاني مسجد بني في الإسلام بعد المسجد الحرام.
أليس أبناء جنين بمسلمين صابرين على ضيم الاحتلال منذ عشرات السنين، إجراما وقتلا يوميا واقتحامات واعتقالات وهدم بيوت، لا يوفّر فيها الأطفال والمسنين ولا النساءالذي اطلق جنود الاحتلال كلابهم العسكرية عليهم وهم يقتحمون بيوتهم لارعابهم وسط صراخ جنود الاحتلال عليهم بروح الفاشية السادية؟ عجبا لهذا التخلّي الذي آن الأوان أن نخجل منه!
ولا يندرج ما يحصل في فرنسا من احتجاجات ألهبت باريس والمدن الفرنسية إثر تصفية الفتى الجزائري نائل برصاص أحد عناصر الشرطة إلا في سياق رفض التمييز العنصري والعنف غير المبرر الذي واجهته البيانات والاستنكارات من مختلف بلدان العالم لا سيما الإسلامية، هذا ما يجري في فلسطين كل يوم على يد المستوطنين المرتزقة تحت حماية جيش الاحتلال صاحب الباع الطويل في القتل والتشريد، وها نحن نتابع جنوده وضباطه في منازل جنين اليوم وهو يقوم بترهيب الأطفال والنساء!!
إن الفلسطينيين اليوم يسطرون حلقة جديدة من تاريخهم الدامي من أجل الحرية والسلام الذي يليق بهم كشعب عربي في منطقتنا آسى ما آساه داخل وطنه كما في شتاته إلا أنه انتصر بفكره الحر.
إذا كنا عاجزين أن نكون في ساحات الحرب ونقف بوجه جرافات العدو التي تبتلع طرقات جنين اليوم، فليكن موقفنا موقف عز في هذه الدنيا الفانية ينحاز إلى فلسطين وشعبها الأعزل، إلى جنين وشجعانها، فإن كانت صواريخنا لا تنطلق إلا على تكّات الأجندات الدولية، فلنسخّر كل ما نقدر عليه بالسياسة في مواجهة هذا الكيان المغتصب الذي يحلّل دماء الفلسطينيين من أجل الحفاظ على مشروعه الاستعماري الذي لم يجرّ على منطقتنا إلّا الويلات.. لنفعّل دورنا في الهيئات والمحاكم الدولية، آن الأوان لوضع حدّ لتمادي عنجهية إسرائيل، حان الوقت لجرّها إلى محكمة العدل الدولية لمحاسبتها على ظلمها وطغيانها وهيمنتها.. لنكن صوت فلسطين، صوت جنين أكثر من أي يوم مضى.
--------
* صحافية لبنانية