أخبار البلد - كم سعدتُ وانا أستمع قبل بضعة أسابيع لطبيب مسؤول في وزارة الصحة لم ألتقط اسمه مع الأسف، متحدثًا للتلفزيون عن إنجازات الرعاية الصحية الاولية في مجال تطعيم الأطفال بالوصول الى نسب عالية من التغطية تعوّدناها حتى أيام شح الم وارد منذ اواسط القرن الماض بفضل إقبال مجتمعي منقطع النظير دونما ضغط أو إكراه إذ لم تضطر الوزارة طوال تاريخها لاستخدام قانون الصحة العامة الذي ينص على ان التطعيم اجباري وأن عقوباتٍ تطبق على من يتخلف عنه من أولياء الامور، وبشهادة منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف حقق الاردن تفوقًا مشهودًا في ن?بة تطعيم اطفاله ليس على دول المنطقة وبعض الدول الأوروبية المتقدمة فحسب بل على الولايات المتحدة الاميركية نفسها حيث التغطية بالتطعيم غير موزعة بعدالة إذ تختلف من شريحة اجتماعية لسواها والاكثر بشاعة ًفي التمييز انها عالية عند البيض ومتدنية عند السود !..
للتذكير فان تلك المطاعيم التي حمت أجيالًا متعاقبة من اطفالنا من المرض والإعاقات والموت كان عددها يومذاك خمسة وأصبحت الان اثني عشر وما زالت وزارة الصحة توفرها مجانًا، لكنها مازالت تحصد أرواح الملايين من الأطفال حول العالم وكان يمكن انقاذهم بكلفة مالية قليلة، وبنظام صحي جيد لا يخضع لتوجيهات «السوق» وإرشادات البنك الدولي!.
- ولقد زادت سعادتي في سياق هذا الإنجاز المنسي المشرّف عندما أتحفتنا «الرأي» في الأسبوع الماضي (٣١/٥/ ٢٠٢٣) بتقرير صحفي من اعداد غدير السعدي عن حصول المرأة الاردنية على حق اساسي من حقوقها في «الأمومة الآمنة» بما انعكس إيجابًا على خفض معدلات وفيات الأمهات وحديثي الولادة، وهما في مقدمة المؤشرات الحقيقية على ارتقاء الخدمات الصحية في أي بلد، اما اعداد المستشفيات والأسرّة والاطباء والصيدليات ونسبتها لعدد السكان فزائفة لا يُعَوَّل عليها، وقد جاء في هذا التقرير على لسان مديرة صحة المرأة والطفل بوزارة الصحة الدكتورة ?ديل السائح «ان لدينا ٥٢٠ مركزًا صحيًا منتشرة في جميع أنحاء المملكة تقدم مجانًا خدمات الصحة الإنجابية كجزء من الرعاية الصحية الأولية، ومن خلالها رعاية الحمل والنفاس ورعاية الأطفال دون الخمس سنوات بالفحص الدوري العام ومتابعة النمو والتطور والتحري عن فقر الدم لديهم، كما تقدم خدمة التطعيم المجاني لجميع الأطفال المقيمين على أرض المملكة، وتقوم بالمسح الطبي لحديثي الولادة للتحري عن ثلاثة أمراض استقلابية قد تؤدي الى الإعاقة حتى تتمكن الوزارة من معالجة الحالات المكتشفة مبكرًا، ويوجد في ٩١ من هذه المراكز كوادر مدربة?على رعاية ما قبل الحمل والتخطيط له، والتوعية بالأدوية التي يجب ان تتناولها المرأة اثناءه وكيفية المحافظة على الاحمال القادمة..»، وفي جانب آخر من التقرير بينت رئيسة قسم صحة المرأة والرضاعة الطبيعية في وزارة الصحة الدكتورة حنان النجمي ان الوزارة تقدم خدمات ما قبل الزواج بالمشورة المتخصصة وإجراء فحوص الدم والسكر، ثم متابعة مرحلة التخطيط للحمل والارشاد حول فسيولوجيته ونصائح عن الرضاعة الطبيعية، وتهيئة الحامل للولادة وكيفية العناية بالمولود.. كما تقوم الحامل بمراجعة المركز ١٣ مرة أربع منها في الثلث الثالث من ال?مل لرصد اي خطر محتمل.. الى غير ذلك من خدمات أخرى لا يتسع لها الحيّز المتاح.
وبعد.. ايتها الاردنيات: إن هذا الذي اوردتُه وبعضكن لا يعرفنه ليس من نسج الخيال بل هو جزء من حقوقكن التي تم توفيرها لكنَّ ولأطفالكن، وينبغي التمسك بها والمحافظة عليها من تغوّل تجار الصحة الذين يسعون بالخصخصة وسواها لتحويل كل هذه الخدمات المجانية الى ما يشبه السلع، ولكل سلعة ثمنها!.