قبل التفكير في التواجد الفني أو قبول دور بعمل ما، يفكر الممثل المصري أحمد عيد كثيرًا لرغبته الدائمة في الحفاظ على جماهيريته والعلاقة الخاصة التي تربطه بجمهوره، الذين يثقون في اختياراته وأنه لن يخذلهم، لتؤثر هذه الثقة بدورها وتزيد من المسؤولية التي يشعر بها تجاه متابعيه، ليدقق في اختياراته، ومهما طالت غيبته يعود بشكل وشخصية جديدة لم يجسدها من قبل.
هذا التحدي الخاص بين أحمد عيد ونفسه، يواصله في رمضان الحالي من خلال تجسيده لشخصية صعيدية لأول مرة في مسلسل "عملة نادرة"، ليؤكد في حواره مع موقع "القاهرة الإخبارية" أنه وجد ضالته وما ظل يبحث عنه طوال الفترة الماضية، كما يكشف السبب وراء غيابه عن الساحة لسنوات طويلة، وكيف أثرت عليه وما إذا كان يشعر بالندم بسبب اعتذاره عن قبول أعمال كثيرة عُرضت عليه، وتفاصيل أخرى تطرق إليها في هذه السطور:
الحقيقة أنني تحمّست للعمل لأسباب كثيرة أولها أنني أعمل مع شركة إنتاج كبيرة، ومخرج متميز مثل ماندو العدل، وفريق العمل يضم نجومًا كبار مثل الفنانة نيللي كريم وجمال سليمان، كما أن الدور نفسه مختلف تمامًا ولم أقدمه من قبل.
وأستطيع القول إن العمل مختلف تمامًا عن كل ما عُرض عليّ خلال الفترة الماضية، إذ وجدت أنه الأنسب لي، والدور من أفضل الأدوار بالنسبة لي، وسعيد أنني أقدم نفسي للجمهور في شخصية مختلفة بشكل جذري عن كل الأدوار التي سبق أن جسدتها، ليراني المشاهد بطريقة جديدة غير التي اعتاد رؤيتي بها، خصوصًا أن ذلك يأتي بعد غياب لسنوات عن الساحة الفنية.
ببساطة، أغيب لأنني لم أجد عملًا يجذبني أو فرصة بالقوة نفسها التي أتواجد فيها حاليًا، وما كنت أبحث عنه وجدته في "عملة نادرة"، فسبق أن عُرضت عليّ أعمال ومسلسلات في رمضان، لكنني اعتذرت عنها لأنها غير متوافقة معي، ولم أجد فيها ما يدفعني للتواجد بعد غياب سنوات، خاصة في موسم رمضان.
لأول مرة أجسد دور صعيدي في حياتي، من خلال شخصية "مسعود عبد الجبار" واستعنت بمصحح لغوي وتدربت كثيرًا على اللهجة وأداء اللكنة، إذ أجسد في العمل دور شخص طمّاع وشرير وانتهازي، ويلعب الفنان جمال سليمان دور والدي، وندخل في صراع ومشكلات كثيرة مع "نادرة" أو الفنانة نيللي كريم.
والحقيقة أنني لأول مرة أقابل الفنانة نيللي كريم والفنان جمال سليمان في عمل فني، وهما شخصيات متعاونة ونجوم كبار ولديهما خبرات أكثر مني، واستفدت من وجودهما معي في العمل.
كان التحدي الأكبر بالنسبة لي في الدور وطبيعته وشكل الشخصية المختلفة، فكانت بعيدة تمامًا عن شخصيتي الحقيقية، لذا اجتهدت كثيرًا، ودرست الدور مع نفسي وشكله وطريقة أدائه وسماته الشخصية والفيزيقية وشكله الخارجي وأيضًا الداخلي وأقصد هنا بانفعالاته وما يكنه بداخله.
هذا الأمر أتركه على الله، وأنا فقط أؤدي دوري واجتهد فيه قدر استطاعتي، ولا أعلم ما الذي يخبئه لي المستقبل.
بالطبع أثرت عليّ وفرقت معي كثيرًا، لأن أي شخص يجلس فترة طويلة دون عمل أو لا يكون متواجدًا فهذا أمر يسبب الضيق له، وطبيعة البشر والحياة تفرض أن يعمل الإنسان خصوصًا الشيء الذي يحبه.
لا لم أندم نهائيًا لأنني لا أحب تقديم أي شيء أو التواجد في دور غير مقتنع به، فلدي قناعاتي الخاصة بعدم المشاركة في أي عمل من أجل التواجد فقط، ودائمًا ما أبحث عن القيمة والرسالة التي أقدمها، وإذا أردت التواجد فقط كنت سأشارك بكل المسلسلات التي عُرضت عليّ وأظهر في كل شيء وكل برنامج يطلبني للتصوير معه، لكن هذه ليست خياراتي.
كما ذكرت هذا أمر بيد الله، ومن الوارد أن أجلس في المنزل بعد مسلسل "عملة نادرة" وأغيب عن الساحة لسنوات أخرى أيضًا، ومن الجائز ألا أجد عملًا مناسبًا، فهذا كله في علم الغيب ولا أعرف مصيري.
ربما هذا أو ذاك، فما زال أمامي الطريق مفتوحًا، ولا أعرف ما الذي سأتجه له الفترة المقبلة، ولم أعرف رد فعل الجمهور على المسلسل بعد إذاعته كاملًا، لكن على أي حال تبقى الكوميديا متعة، لكن في الوقت نفسه مطلوب من الممثل أن يقدم مختلف الأدوار سواء كوميدي أو تراجيدي وكل الشخصيات لأنه في النهاية ممثل.
بالفعل أتمنى أن أجسد أدوارًا تراجيدية أكثر وألوانًا مختلفة، لأنه مهم جدًا أن أتنوع وأن يراني الجمهور في شكل مختلف بعيدًا عن النمطية، لأن سني ليس صغيرًا، إذ وصلت إلى مرحلة أن أقدم دور الأب أو الشخص الذي تجاوز مرحلة الشباب ودخل في مرحلة أخرى ولديه إحساس وروح مختلفة ويحمل هموم معينة عندما يكبر في السن، فنحن لسنا صغارًا في العمر، وهناك شخصيات كثيرة في مثل عمري.
أكثر ما يهمني هو أن أركز بشكل أكبر على أن تكون الشخصية إنسانية أو بالتعبير الفني "من لحم ودم" وفيها صفات وتفاصيل ثرية، وأن تكون واقعية بمعنى أن يكون لها شبيهًا في الواقع، فالممثل يحب أن يتقمص شخصية يحبها ويستطيع أن يُظهرها للناس بالشكل الذي يرضيه.
آخر فيلم قدمته بعنوان "خلاويص" قبل 5 أعوام، ولم أجد بعدها عملًا يجذبني، لكنني لديّ فيلم "أهل الكهف" اعتزم تصويره بعد عيد الفطر المقبل.