أخبار البلد ــ نعم في الأردن رجال وشخصيات وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، نذروا وقتهم وفكرهم وحياتهم من أجل الصالح العام، في وقت نرى فيه الكثيرين لا يلوون على شيء إلا على مصالحهم الخاصة ولا يلوذون إلا بمكتسباتهم الشخصية ولا يعنيهم سوى منافعهم ومنافع ذويهم الأقربين.
أسوق هذه المقدمة بين يدي جلالتكم وأنا أرقب الموظف العام الشجاع موسى الصبيحي الذي غادر الوظيفة العامة طواعيةً وبمحض إرادته الأردنية الحرة احتجاجاً على سياسات رأى أنها تصطدم بالصالح العام رغم أنه رفع صوته عالياً مطالباً بتصويبها، لكنه لم يغادر دوره وواجبه ورسالته، فمنذ أن أطلق استقالته الاحتجاجية المدويّة ذات العشر آلاف كلمة والتي أوضح فيها أسباب مغادرته وسطّر فيها رؤيته وآراءه في عدد من سياسات انتهجتها الإدارة السابقة لمؤسسة الضمان الاجتماعي، محذّراً من مغبتها وآثارها المستقبلية على الجميع، وهو يمارس دوراً توعوياً مهماً، حيث أطلق صفحة توعوية على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" تحت عنوان (حقك تعرف عن الضمان) لينشر مئات المعلومات التأمينية التوعوية التثقيفية اليومية بكافة شؤون الضمان الاجتماعي وتشريعاته وسياساته وقراراته وإجراءاته موجّهاً ومصحّحاً وناصحاً ومدافعاً عن الطبقات الهشّة والضعيفة في المجتمع.
موسى الصبيحي يا جلالة الملك شكّل حالة استثنائية غير مألوفة في مجتمعنا الأردني لا بل ربما في كافة المجتمعات، فبدلاً من يؤثِر الدعة والراحة بعد خروجه من الوظيفة العامة وينصرف إلى مصالحه وشؤونه الخاصة بعيداً عن ضجيج العمل العام والشأن العام، رأيناه مثابراً عصامياً وصاحب همّة عالية متصدّراً للعمل التطوعي التوعوي التثقيفي وناصحاً للحكومات والمؤسسات والأفراد، وليس لديه أي مآرب أو غايات شخصية، لكنه يريد أن يرسّخ تقليداً وطنياً رائقاً وجميلاً ونافعاً في العمل والعطاء خارج إطار العمل الوظيفي التقليدي، وقد استطاع عبر منبره التوعوي على شبكات التواصل الاجتماعي أن يرسّخ هذه الصورة بقالبها الوطني النقي المنزّه عن المآرب الضيقة والمصالح الذاتية..
فرض الصبيحي نفسه بقوة كخبير في الحماية والتأمينات الاجتماعية، وكيف لا وهو صاحب الخبرة الطويلة في مؤسسة الضمان الاجتماعي كناطق رسمي سابق باسمها لأطول مدة في تاريخها، والذي شكّل خلال عمله أيضاً حالة ناصعة للموظف العام المسؤول الذي آثَرَ العمل الميداني على العمل المكتبي، فظل يتواصل مع الناس في كافة مواقعهم تواصلاً تفاعلياً منتِجاً، صنع من خلاله الثقة بين مؤسسته وبين جمهورها العريض في طول البلاد وعرضها، ولا نظن أن مسؤولاً أو موظفاً عاماً رسمياً تواصل مع الناس كما فعل الصبيحي الذي عقد مئات اللقاءات والحوارات المفتوحة الوجاهية مع مختلف شرائح المجتمع في الجامعات والمؤسسات والمصانع والشركات والجوامع والكنائس والمنتديات والجمعيات والأحزاب وجماعات المغتربين الأردنيين والنقابات المهنية والعمالية وغيرها. ولا يزال متحلياً بذات الروح والمعنوية وحب العمل العام، واضعاً نصب عينه الذود عن حقوق الضعفاء من العمال وغيرهم، ناشراً الوعي بحقوقهم، ميسّراً الوصول إليها.
يا صاحب التاج الهاشمي العظيم..
هذا واحد من أبناء مملكتنا الأردنية الهاشمية، ذو رباطة جأش وعزيمة لا تلين، وطني محب لوطنه، حادب على الصالح العام، شجاع في الصدع بكلمة الحق، ولا يجامل أحداً على حساب الوطن والصالح العام، أشار بقلمه وفكره الى الكثير من الهِنات والأخطاء والمخالفات مصحّحاً وناصحاً، بالكلمة الحرة والحجة والاقتناع، وها هو مستمر في الضغط بكل ما يستطيع من أجل تصحيح أي مسار خاطىء، مترجماً توجيهات جلالتكم الحكيمة بالضغط من أجل الصالح العام الوطني.
هذه الكلمات التي أنثرها بين يديكم يا جلالة الملك تهدف إلى إيصال رسالة واضحة بأن في الوطن رجال أقوياء أمناء، أمثال الأخ الصبيحي ومن على شاكلته، وأن هؤلاء هم مَنْ يُعتمَد عليهم في التطوير والبناء وترجمة رؤاكم السامية يا جلالة الملك في إحداث التغيير المنشود وتحقيق حالة الرضا الشعبي في أزهى وأنقى صورها.