ليس جديدا القول أن الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير لها مسارات أهمها الأمني والسياسي، وأن سياسة الحكومات الإسرائيلية خلال العقدين الأخيرين استطاعت وقف المسار السياسي ووقف أي مفاوضات تبحث الحقوق الوطنية والسياسية للشعب الفلسطيني، لكن المسار الأمني أو ما يسمى بالتفاهمات الأمنية بقي حاضرا وفاعلا، وإن إسرائيل أصبحت تريد السلطة أداة أمنية لضبط إيقاع الضفة الغربية، ولهذا مع كل عدوان إسرائيلي تعلن السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني لكنه لم يتوقف يوما لأنه مفتاح مصالح السلطة مع إسرائيل في كل المجالات.
التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لا يعاني من أي مشكلات رغم أن إسرائيل تحاول من خلاله تحويل السلطة إلى جهاز أمني يتبع لها، ولا يحتاج الطرفان أي اجتماعات إقليمية لزيادة فعاليته، لكن المشكلة الحقيقية أن إسرائيل تذهب بعيدا في كل أشكال التصعيد والاعتداءات في الضفة الغربية والقدس وهذا يفتح الباب لاحتمالات ذهاب المنطقة إلى توتر وربما حرب وتصعيد في الضفة وغزة، ولهذا فالتحرك الأردني مع مصر وأميركا لمحاولة منع الوصول إلى أي حالة توتر إقليمية، كما يحاول الأردن جادا رغم كل ما تفعله حكومة نتنياهو أن يضغط لفتح الأبواب للمفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، لأن الأردن يتبنى موقفا واضحا ومعلوما للجميع بأنه لا سلام ولا تعاون إقليميا مع إسرائيل دون إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية يعطي للفلسطينيين حقوقهم الوطنية على أرضهم.
اجتماع أمس ليس أكثر من محاولة وليس الحل السحري لأن إسرائيل لا تتوقف عن المراوغة أو شراء الوقت، لكن لا يملك الأردن إلا أن يستمر في محاولات اختراق الحالة الموجودة واستثمار الموقف الأميركي وأيضا استغلال مخاوف الاحتلال من انتفاضة في رمضان.
علينا أن نتذكر أن خيارات العرب والسلطة الفلسطينية محدودة وتنحصر في السعي السياسي، وضرورة استمرار الضغط على الاحتلال وعدم ترك الأمور وفق تصوراته الأمنية والسياسية.
من يقرأ الموقف الأردني يعرف أنه لا يؤمن بأي مسار في العلاقات مع إسرائيل لا تكون القضية الفلسطينية على رأس أولوياته، وأنه لا يرى سلاما من أي نوع لا يكون إعطاء الفلسطينيين حقوقهم السياسية والوطنية هو القاعدة الأساسية له، ولهذا فكل جهد أردني لا يجوز قراءته إلا من ثوابت الموقف الأردني وليس من الرؤية الإسرائيلية.