المستعمرة تخوض معركة شرسة، بكل قدراتها وإمكانياتها المتفوقة ضد الشعب الفلسطيني، تستفرد بمدينة وراء مدينة، خلية بعد خلية، وتصفية على أثر تصفية، وهكذا مما يستوجب من المقاتلين إدراك خطط عدوهم، وشراسته وعدوانيته، واتخاذ إجراءات اليقظة والانتباه والاختفاء، حيث لا تفيد البسالة والشجاعة وحدها في مقاومة العدو، فالخسائر البشرية من الشعب الفلسطيني تبقى مجانية، حينما تفتقد للتخطيط، وحُسن المبادرة.
خسائر الشباب، خسارة لكل الفلسطينيين، لأن المواجهات غير متكافئة، والخسارة من طرف واحد، مؤذية ومنهكة، وتؤدي إلى المس بالمعنويات.
لقد تجاوب الفلسطينيون مع دعوات الإضراب والاحتجاج، تعبيراً عن تقدير الشعب لتضحيات مناضليه وبسالتهم واستعدادهم العالي للتضحية، مما يدلل أن شعب فلسطين يقظ، يعرف واجباته، ومهامه، وأين يقف بغالبيته وإنحيازه لخيار النضال المتواصل ضد المستعمرة ومشاريعها وبرامجها وخططها.
الفرق جوهري بين العمل الفردي، والعمل الجماعي، والنتائج أكيد مختلفة، الفرق جوهري بين نتائج الانتفاضة الأولى عام 1987، والانتفاضة الثانية عام 2000، وبين الأعمال والعمليات المتقطعة الأحادية، العمل البطولي الفردي له مواصفات وأساليب أهمها عدم الظهور وإدعاء البطولة بإطلاق الرصاص بالمناسبات مهما بدت مهمة وإنفعالية، ذلك أن العدو بمراقبته يكشف هويات المناضلين وأسلحتهم، ومواقعهم الجغرافية.
مجزرة نابلس، وقبلها أريحا، وقبلهما جنين، محطات متتالية في معركة مفتوحة، ستبقى تضحيات شباب فلسطين شموع مضيئة لطريق الحرية والاستقلال، وشعب فلسطين سينال تطلعاته مهما غلا الثمن، ومهما تفوق العدو، فالشعوب التي انتصرت على محتليها، أقل مقدرة وقوة، أمام جحافل قوات العدو وتفوقه، ومع ذلك انتصرت بسبب عدالة قضاياها وشرعية مطالبها، وتضحيات خيرة شبابها وبناتها، والشعب الفلسطيني لن يكون استثناء، بل سيواصل الطريق، بصموده وبسالته وتكاتف مكونات شعبه ووحدته وتماسكه، وهو الشرط الأول للانتصار، وهذا ما يجب أن تفهمه وتدركه وتعمل من أجله قواه السياسية، بدلاً من الانقسام والشرذمة، وضيق المساحة بمرض الاستئثار السائد، بين رام الله وغزة.