شهادة البورد الأردني – المنظومة الصحيّة الأردنية إلى أين؟

شهادة البورد الأردني – المنظومة الصحيّة الأردنية إلى أين؟
أخبار البلد -  

أخبار البلد-

للحديث عن المجلس الطبي الأردني وشهادة البورد الأردني لا بُد من العودة إلى بدايات التدريب الطبي في الأردن، حيث بدأت البرامج التدريبية الطبية في الاختصاصات الطبية الرئيسية وبشكل جزئي في العام 1968 في الخدمات الطبية الملكية ووزارة الصحة، وبعد تدريب الأطباء من سنتين إلى ثلاثِ سنوات، كان يتم ارسالهم لإكمال التدريب في الخارج وبشكل رئيسي في الدول الغربية المُتقدمة ليعودوا بعد ذلكَ بشهادات من تلك الدول ويمارسون الاختصاص في الأردن، فيما كان من لا يستطيع الحصول على شهادة لا يستطيع المُمارسة بلقب اختصاصي أو مُستشار في مُختلف المؤسسات، وبناء على عودة أعداد متزايدة من الأطباء الأردنيين الذين يحملون شهادة اختصاص من مُختلف دول العالم وعدم التجانس في برامج التدريب كل ذلك أدى بالمعنيين في القطاع الصحي في حينه الى تأسيس المجلس الطبي الأردني بموجب قانونٍ مؤقت في العام 1982.

وقد كان الهدف الرئيسي للمجلس الطبي الأردني ينصبُّ على ضبط مُمارسة التخصُصات الطبية في الأردن وذلك للحفاظِ على مُستوىً عالٍ من الرعاية الطبية في الأردن، وتقييم شهادات الاختصاص التي كانت تأتي من مُختلف دول العالم، ودخول كافة الاختصاصيين لامتحان البورد الأردني من الحاصلينَ على شهادات الاختصاص من جميع تلك الدول، وقد كانت تُشرف على ذلك الامتحان لجانٌ مرموقةٌ من الاختصاصين من ذوي الخبرة والكفاءةِ المشهودةِ من حملة شهادات الاختصاص من الدول الغربية المتقدمة.

وبعد تأسيس المجلس الطبي الأردني، الذي جاء بعد إنشاء أول كلية طب في الجامعة الأردنية وتخريج بضعة أفواج من الخريجين، بدأ أول تدريب اختصاص مبرمج كامل على المستوى الوطني في مُستشفى الجامعة الأردنية، ولاحقاً تم إنشاء برامج مُتكاملة في الخدمات الطبية الملكية ووزارة الصحة ومستشفى الملك المؤسس وبعض مستشفيات القطاع الخاص.

ومن خلال هذه البدايات استطاعت شهادة البورد الأردني الصادرة عن المجلس الطبي الأردني أن تكتسب ثقة الأردنيين والمنطقة، وكان ذلك مصحوباً بتصاعُد السمعة الطبية في الأردن وتعاليها والتي بدأت مشوار استقطاب المرضى العرب والأطباء العرب للتدريب في الأردن وتطوّر السياحة العلاجية لاحقا، بهذا الشكل ارتفعت سُمعة الأردن الطبية التي كان لشهادة البورد الأردني الصادرة عن المجلس الطبي الأردني الدور الرئيس في ذلك، إضافةً لسمعة خريجي كلية الطب في الجامعة الأردنية ولاحقا في الجامعات الأردنية الأخرى.

إلا أن ما حدث عقب ذلك وفي العقدين الأخيرين بشكل خاص بدأ التراجع في هذه الإنجازات مُتزامننا مع التعديلات التشريعية الشعبوية التي كانت البداية لكُل ما نعاني منه اليوم وبداية (تعديل قانون المجلس الطبي الأردني عام 2005) والذي حوّل مجالس المجلس الطبي الأردني ولجانه العلمية الى نظامِ مُحاصصة على حساب الكفاءات والنوعيّة، فيما تم تقزيم دور الجامعات في هذه اللجان علماً بأن هذه الشهادة تعتبر أعلى شهادة طبية في الأردن وهي شهادة علمية ومهنية.

وفي ذات السياق استمرت مسيرة التعديلات حيث حصل (آخرها تعديل لقانون المجلس الطبي الأردني عام 2022) وهو ما ينطبقٌ عليه مقولة (حقٌ أريدَ به باطل) حيثُ تجاوز هذا التعديل الامتحان وأصبحت شهادات الاختصاص من الخارج تُعادل بالمُطلق ضمن بعض الشروط التجميلية منها أن يكون لدى المُتقدم إذن مُمارسة التخصص في بلد التخصص لمدة ثلاث سنوات على أن يكون قد حصل على الشهادة من خلال تدريب مُبرمج، إلا أن جميعنا يعرفُ عدم التجانس في المستوى التدريبي الموجود بين مُختلف دول العالم في هذا الحقل، فيما كانت التغطية تكمُن في أن بعض الأطباء الأردنيين في دول أوروبا الغربية والولايات المُتحدة الأمريكية يعانون من الحصول على شهادة البورد الأردني، هذا سليم جزئيا لأنة ليس لمستواهم العلمي والمهني الجيد والممتاز و ان اعدادهم محدودة بل إن معاناتهم كانت مع تكوينة غالبية أعضاء اللجان التي تُقيّم هؤلاء الخريجين حيث انهم في غالبيتهم من المتدربين محلياً و خبرتهم متواضعة في الامتحانات والتقييم والذي كان محصّلة تغيير التشريعات وترسيخ مبداء المحاصصة بعيداً عن اعتماد الكفاءات كمعيار لذلك، مع تحجيم دور المؤسسات الأكاديمية الوطنية في لجان الامتحان في أعلى شهادة وطنية علمية ومهنية في الأردن.

وهذا الباب الآن أصبح مفتوحاً على مصراعيه -الأمر الذي سندفع ثمنهُ جميعاً والذي سيسهمُ بدوره في رفع وتيرة التراجُع في اسم شهادة المجلس الطبي الأردني بما سينعكس سلباً مؤدياً إلى مزيدٍ من التراجع على مُستوى الرعاية الطبية وكذلك السياحة العلاجية التي تمر بأزمة كبيرة ايضاً.

إضافة لكل ما سبق نجدُ بأنه وفي العقدين الأخيرين بات أيضاً هنالك توسع غير مدروس بشكل شامل في البرامج التدريبية سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، حيث أن هنالك زيادة في أعداد المُقيمين بشكل غير مدروس (دون الاعتماد على المعايير الدولية المتعارف عليها التي تربط اعداد المقمين في أعداد الأسرة و أعداد الاختصاصيين المؤهلين والبُنى التحتية للمؤسسات المعنية التدريبية) والاعتماد على سياسات استرضائية وشعبوية وغيرها.

وهُنا لا بُدّ من الإشارة إلى أن أحد وزراء الصحة الأفاضل قد قام وبقرار واحد بزيادة قبول عدد المقيمين المقبولين إلى (500) مُقيم جديد في وزارة الصحة في عام واحد دون الأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المُتاحة لضمان الحد الأدنى من النوعية تبعهُ في هذا الاتجاه وزراء صحة آخرون – نكنُّ لهم الاحترام- اتبعوا ذات النهج لاحقاً في ظل غياب أي دور رقابي على مُتابعة نوعية التدريب سواء من قبل لجان المجلس الطبي أو جمعيات التخصص الغائبة عن هذا المجال -مع الاحترام لجهودهاعلى مستويات أخرى.

فيما تزامن ذلك مع وجود عمليات ابتعاث أو قضاء فترات زمنية في مراكز في دول مُتقدمة بعد الحصول على شهادة المجلس الطبي ألأردني من قبل بعض المؤسسات الرسمية ولم يكن هُنالك مُتطلب للحصول على أي شهادة فمنهم من ذهب لبضعة أشهر ومنهم لعامين أو ثلاثة في أكثر الحالات (ومنها حالات الجامعات بهدف التعيين كعضو هيئة تدريسية و ذلك لانة متطلب اساسي للتعيين) ثم عاد هؤلاء دون الحصول على الشهادات الوطنية من تلك الدول الا القليل منهُم، فيما لم يكُن يُسمح لهم بمُمارسة التخصص كاختصاصيين في الدول التي كانوا فيها في أغلب الحالات، حيثُ أن نوعية التدريب المهني لهُم كانت تعتمد بشكل رئيسي على الجهد الشخصي ومدى الرغبة في التعلم وتأثير الظروف المُحيطة.

لقد عادت أعداد كبيرة من هؤلاء، فيما تم تخريج الكثيرين عبر برامج التدريب المحلي الذي يعاني من الكثير من الفجوات والذين أصبحوا الآن في واجهة الطب في الأردن -وهذا أمر جيد لو كان هنالك تركيز على نوعية التدريب المحلي ومخرجاتة- إلا أنه بقي عدد خريجي الدول المتقدمة في تضاؤل لصالح التدريب المحلي الذي يخلو من أي مُتابعة للبرامج، وقد سارت هذه المُخرجات بالتوازي مع التاثير على نوعية اللجان، والمحّصلة أوصلتنا الى ما نتحدّث عنة الآن بألم وحزن شديد حيث تتزامن هذه الظاهرة حاليا مع تراجع السياحة العلاجية التي نُعزيها الى أسبابٍ مُتعددة منها «النوعية» وهي موضوعٌ لا نستطيع تجاهُله أو الإشاحة عن تراجُعه المُتسارع، خاصةً وأننا نعيش في عالمٍ مفتوح فيه تنافُسية عالية في كافة الحقول وبين جميع الدول.

لقد وصلنا حالياً إلى مرحلة حسّاسة فنحنُ نفقدّ بعض سُمعتنا التعليمية وكذلك الصحيّة والخدماتية والتعليم العالي حيث نسمع بين فترةٍ وأخرى عن عدم الاعتراف بشهاداتِ بعض جامعاتنا من قبل بعض الدول الشقيقة «والحبلُ على الجرار» هذا هو واقعُ الحالِ وقد كُنا قد نوهنا الى مثل هذه الأمور والقضايا سابقاً وفي سياقاتٍ متنوعةٍ، إلا أننا الآن نحصد ما زرعناه بأيدينا.

وخُلاصة الأمر أن التشريعات الشعبوية وعدم متابعه البرامج التدريبية المحلية من قبل المعنيين وسياسات القبول العشوائي في أعداد المقيمين في البرامج أدت الى التراجع في المنظومة الصحيّة الأردنية وهكذا نرى ما حصل مع شهادة البورد الأردني والسياحة العلاجية وسنرى ما سيحصل لشهاداتنا من كليات الطب الأردنية لاحقا.و ان ذلك ليست وليد اللحظة وانما هو خلل تراكمي أدى الى ما وصلنا الية.

لقد عملتُ في لجان امتحان البورد الأردني لسنوات طويلة، وقد كان المُرشح المتعثر في البورد الأردني يذهب ليحصُل على شهادة البورد العربي بسهولة، وقد كنتُ أيضاً في لجان امتحانات البورد العربي لسنوات، وكنت أرى كيف كان يتراجع البورد الأردني تدريجياً فيما كان البورد العربي يتصاعد مع الزمن لأن تعليماته ونظامه ولجانه كانت أكثر صرامة ومهنية مقارنة.

وللأسف فإن قرار دولة قطر الشقيقة الأخير لم يأتِ من فراغ ويُخشى أن تتبعه دول شقيقة أخرى باتت تبحثُ عن نوعية الرعاية الطبية لمواطنيها فالدول ترى وتُراقب -وهذا حقها- حيثُ نجد بأن هنالك أطباء أردنيين يتدربون حاليا في برامج الإقامة في الشقيقة قطر ومنهم من كان في برامج الدراسات العليا الأردنية وغادر الأردن للتدرُّب في قطر، ولكن علينا أن نعيد حساباتنا في العملية التعليمية ومنظومتها بشكل عام وفي العملية الطبية على وجه الخصوص، إذ يجب أن لا يمُرّ هذا القرار مرور الكرام على أصحاب القرار وصُنّاعه في وطننا العزيز الأردن، ويجب أن تُتخذ الاجراءات السليمة لتصويب وضعنا قبل فوات الأوان بخصوص اعادة النظر في التشريعات المبنية على المحاصصة في شهادة علمية مهنية وكذلك الاعتراف المطلق بما يخص كافة الدول دون أي استثناء، وتكوينة اللجان العلمية وضبط البرامج التدريبية ومتابعتها من قبل المجلس الطبي الأردني ومشاركة جمعيات الاختصاص في تحديد المراكز والأعداد واعتماد المعايير العلمية للتدريب وهي غائبة تماماً مما أدى الى التشوه الخطير في المُخرجات خاصةً ونحن نرى ازدياد عدد كُليات الطب الأردنية وازدياد أعداد الطلبة المضطرد المبني على المنظور الاقتصادي الآنيّ فقط، وحينها سيحدُث ما نخشاه لا قدّر الله بأن نعود لنتعالج ونُعالج أهلنا ونُدّرس أبنائنا وأحفادنا في الخارج كما كان ذلك قبل عقود من الزمن.

حفظ الله الأردن ومؤسساته ومُقدّراته ليبقى النموذج الذي نتمناه.

عميد كلية طب سابق ومدير عام مستشفى الجامعة الأردنية السابق

 
شريط الأخبار مستشفى الكندي يهنئ بزيارة صاحب السمو الأمير الكويتي إلى الأردن "فينيكس العربية القابضة" تعقد إجتماعها العمومي العادي وتصادق على بياناتها الملخص اليومي لحجم تداول الاسهم في بورصة عمان لجلسة الاربعاء .. تفاصيل المحكمة تطلق الرصاصة الأخيرة .. "أموال انفست" للتصفية ووضع اليد على موجوداتها والمساهمون "منه لله اللي كان السبب" المعايطة: جاهزون للعملية الانتخابية والتعامل مع سيرها والإعلان عن نتائجها بكل شفافية ارتفاع عدد الجنسيات التي تقصد المملكة لإجراء عمليات السمنة إلى 72 جنسية المستقلة للانتخاب تعلن إجراء الانتخابات النيابية في 10 أيلول المقبل مصير النواب والحكومة بعد صدور الأمر الملكي باجراء انتخابات الأسماء النهائية لرؤساء مجالس المحافظات كسر قرار وزير الداخلية في "جمعية متقاعدي الضمان" وآراء مختلفة حول قانونية القرار هل "يفرم" دولة الرئيس أمين عمان في حديقة عبدون تراجع الحركة السياحية ألحق الضرر بالمنشآت الفندقية بالبترا لهذا السبب أوقفت عُمان الابتعاث للجامعات الأردنية الخاصة مؤقتاً الملك يأمر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب جامعات تكسر قرار الرئيس وتصمم على إجراء امتحانات للطلبة المسيحيين في عيدهم جيش الاحتلال يعدم فتاة في الخليل فوز 5 رؤساء مجالس محافظات عجلون ومعان والعقبة والكرك والبلقاء بالتزكية بدء انتخابات رؤساء مجالس المحافظات ونواب رؤساء المجالس في المملكة ارتفاع أسعار الذهب بالأردن نصف دينار 5 إصابات بتصادم مركبتين على طريق ال100