اكتب هذ المقدمة بمناسبة كتابي الذي صدر عام 2011 عن كتب التكليف السامي لحكومات المغفور له الملك الحسين بن طلال التي وجهها الى هذه الحكومات ابتداء من حكومة المرحوم دولة فوزي الملقي وحتى حكومة المرحوم الدكتور فايز الطراونة .
وقد رأيت ان اسجل للتاريخ ولتذكير الاردنيين عن انجازات حكومات المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه وما هي الصعوبات التي واجهت كل حكومة سواء الصعوبات الداخلية ام الخارجية وان هذه الصعوبات ادت الى ان بعض الحكومات كانت غير قادرة على الانجاز , الا ان بلدنا خلال هذه الفترة منذ عام 1953 وحتى عام 1999 مر بظروف صعبة وقاسية ,واخرى في تحسن وازدهار استطاعت بعض الحكومات من تنفيذ برامج كتب التكليف السامي واقامت الانجازات الكبيرة التي نشهد بعضها اليوم وهي ماثلة للعيان .
ماذا حدث في عهد هذه الحكومات
لقد مر الاردن في بدايات حكم المغفور له الحسين بن طلال بظروف صعبة وقاسية خارجية وداخلية هدفها زعزعت الحكم آنذاك الا ان حكمة الملك الحسين وقدرته على تجاوز المحن استطاعت حكوماته ان تسيطر على الاوضاع الداخلية وعلى التحديات الخارجية ففي الاوضاع الداخلية الغت الحكومة آنذاك قانون المطبوعات لعام 1953 بعد ان تغولت بعض الصحف على الحكومات وعلى الوطن لارتباطها في انظمة خارجية فقد اصدرت الحكومة قانون للمطبوعات عام 1957 بديلا لقانون 1953 ووضعت فيه شروطا جديدة مما ادى الى اغلاق العديد من الصحف التي وصفت بصحف المعارضة .
وتعرض الاردن خلال حكم بعض الحكومات الاردنية في فترة الخمسينات الى محاولة الانقلاب التي تم وأدها في مهدها وكان من ابرز ما حدث في الاردن قيام الملك الحسين بطرد قائد الجيش الاردني الانجليزي ( كلوب باشا ) عام 1956 وتعريب الجيش الاردني وتنظيفه من الضباط الانجليز .
ففي فترة الستينات من القرن الماضي واجهت الحكومات الاردنية احداثا مهمة منها حرب حزيران عام 1967 ,واغتيال رئيس وزراء الاردن دولة المرحوم هزاع المجالي بتاريخ 28/8/1960 وتعاملت ايضا مع العمل الفدائي الذي احتضنه الاردن حتى عام 1970 عندما حدثت احداث ايلول المؤسفة بين الجيش الاردني والمنظمات الفدائية المسلحة التي انتهت بمغادرة المنظمات الفدائية الاردن الى لبنان بموافقة عربية بعد مفاوضات قادها الباهي الادغم التونسي الاصل بين الحكومة الاردنية والفدائيين .
وفي فترة السبعينات حدثت احداث ومفاصل حاسمة تعاملت معها الحكومات الاردنية بالحزم والقوة والدبلوماسية للمحافظة على هيبة الدولة وصمودها في وجه الحملات الخارجية وفي وجه ما تبقى من الاحداث الداخلية التي انتهت بحكمة وسياسة الدولة الاردنية , ومن اهم ما اصاب الاردن والاردنيين من حادث اليم هو اغتيال المرحوم الشهيد وصفي التل في القاهرة ادمى قلوب الاردنيين لأنه كان يمثل كل اردني وفي قلب كل اردني , كما تعاملت حكومات هذه الفترة مع ردود فعل المواقف المعادية للأردن بكل ثقة وحزم مثل محاولات اغتيال عدد من الدبلوماسيين الاردنيين ومحاولة اختطاف طائرة عالية الاردنية .
ومن الانجازات المهمة بعد توقف الحياة البرلمانية , عندما تم احتلال الضفة الغربية وفقد البرلمان الاردني نصفه من ابناء الضفة الغربية , ارتأت الحكومة اعادة الحياة البرلمانية وذلك بتشكيل الاتحاد الوطني الاردني بتاريخ 25/11/1971 والمجلس الوطني الاستشاري على فترتين الاولى عام 1978 والثانية عام 1980
اما في فترة الثمانيات فكانت فترة مريحة للحكومات الاردنية بحيث اخذت تضع الخطط والبرامج التنموية وتنفيذ المشروعات في جميع المحافظات بهدف توزيع ثمار التنمية على مختلف شرائح المواطنين .
ومن اهم ما تعاملت معها الحكومات هي محاولة اغتيال رئيس الوزراء آنذاك دولة السيد مضر بدران واختطاف القائم بأعمال السفارة الاردنية في بيروت ( هشام المحيسن ) وقيام الحكومة بتشييد مطار الملكة علياء الدولي واكتشاف النفــــــط في ( بئر حمزة ) واحداث جامعة اليرموك , ووضع خطة اقتصادية في الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية , وكان من القرارات الصعبة التي صدرت في فترة الثمانيات اعلان المغمور له الملك الحسين بن طلال فك الارتباط القانوني والاداري مع الضفة الغربية , كما تم اعلان انشاء الاتحاد العربي بتاريخ 6/2/1989 بين الاردن ومصر والعراق واليمن , وكان من القرارات الصعبة التي ازعجت المواطنين وادت الى احداث في محافظات الجنوب والوسط .
من اهم القرارات التي صدرت قيام الحكومة بتنفيذ رغبة جلالة الملك الحسين بإعادة الحياة البرلمانية واجراء الانتخابات النيابية بتاريخ 9/11/1989 .
اما فترة التسعينات فقد بدأت مرحلة الديمقراطية حيث اتخذت الحكومات الاردنية العديد من القرارات بينها اقرار قانون الاحزاب لإعادة الحياة الحزبية واقرار قانون المطبوعات الشهير عام 1993 الذي منح الصحافة حريات واسعة , وتشكيل لجنة الميثاق الوطني برئاسة دولة السيد احمد عبيدات التي تمثلت فيها الاطياف الحزبية والسياسية ومؤسسات المجتمع المدني , ومن المفاصل المهمة في عهد حكومات الاردن في فترة التسعينات مشاركة الاردن بمسيرة السلام التي انطلقت في مدريد العاصمة الاسبانية وتوقيع اتفاقية وادي عربة بتاريخ 26/10/1994 , ومن اهم الاحداث المؤلمة التي مرت على الاردن والاردنيين مرض ورحيل المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه , وكان تشييع جسده الغالي مهيبا وكبيرا حضره معظم زعماء العالم وشعبه الاردني الوفي .