للإجابة لابد أولا أن نحدد المفهوم القانوني لحق الاحتباس ثم نبحث فيما إذا كانت الشهادة الجامعية تصلح أن تكون محلاً للاحتباس أم لا . نص القانون المدني في المادتين(387و388) على حق الاحتباس كضمان للوفاء، حيث عرفت حق الاحتباس أن لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يوفِ بالتزام في ذمته نشأ بسبب التزام المدين وكان مرتبطاً به ويكون الاحتباس في المعاوضات المالية والعقود التبادلية التي يتوافر بها الارتباط الوثيق وبالتالي فإن حق الاحتباس يرد على المال ، وحيث أن المادة (53) من القانون ذاته عرفت المال بأنه كل عين أو حق له قيمة مادية في التعامل .
وسؤال هنا هل تعتبر الشهادة الجامعية مالًا ؟ تعتبر الشهادة حقًا معنويا فهي ليست محلاً للبيع والشراء ولا تصلح أن تكون محلاً للحقوق المالية باعتبار أنها لا تعد مالاً بالمعنى المقصود في المادة (53) من القانون المدني كما لا تصلح أن تكون محلاً للمعاوضات المالية بالمعنى المنصوص عليه في المادة (54 ) من القانون ذاته لكونها ليست محلاً للتعاقد بين الطالب والجامعة ذلك أن التزام الطالب بدفع الأقساط الجامعية يقابله التزام الجامعة بالتعليم والتسجيل وتمكين الطالب من استكمال متطلبات الدرجة العلمية سنداً لأحكام المادة 6 من قانون الجامعات الأردنية وتعديلاته وتصنف بأنها حق ثابت يستحقه الطالب بمجرد استكماله متطلبات الحصول على شهادة البكالوريوس فالشهادة الجامعية هي الكاشف لهذا الالتزام وفي حال امتناع الطالب عن الوفاء بالتزامه يكون من حق الجامعة مطالبته بالوفاء بدعوى حقوقية ودعوى تنفيذية ولا يكون باحتباس الشهادة الجامعية! وإن تسليم الشهادة الجامعية عند استحقاق الطالب لها واستكماله متطلباتها يعد من الالتزامات الرئيسية للجامعة وبالتالي لا يرد عليها حق الاحتباس، حيث ان الجامعات و ان كانت شركات خاصة هدفها التجارة والاستثمار إلا ان غاياتها التعليم ومن ضمن أهدافها منح الدرجات العلمية والشهادات سنداً لنص المادة 6 من القانون المذكور، فلا يجوز للجامعة الامتناع عن تسليم الشهادة لوجود دين لأن ذلك يتنافى مع طبيعة الجامعة والغاية التي أنشأت لأجلها .
وبالنتيجة يحق لطرف المتضرر ( الطالب الخريج ) إقامة دعوى حقوقية والمطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي نتيجة امتناع الجامعة عن تسليم شهادته الجامعية و تعويضه عن الاثار السلبية الناتجة عن حرمانه من ذلك. وبصفتي محامية وناشطة حقوقية تربطني علاقة منبتة الصلة مع طلاب الجامعات لاحظت بتزايد اعداد خريجين الذين حرموا من فرصة التوظيف بسبب امتناع الجامعة عن تسليم شهاداتهم لأسباب مالية مما أستدعى الأمر إقامة الدعاوى القضائية، ومن هنا أخاطب الجامعات ودوائرها القانونية بأن لا مجال لتطبيق حق الاحتباس في هذه الأحول فلا يوجد مبرر قانوني او شرعي لهذا، وان كان الطالب مدين للجامعة فالطريق الذي رسمه القانون هي المطالبة المالية بالدين وليس باحتباس الشهادة، ومن هنا علينا بالإيعاز لمجلس النواب بأن يشرع نص صريح يحظر هذه الممارسات وان يفرض غرامات على الجامعة التي تقوم بهكذا افعال، فلا يستحق الأمر خيبة الأمل الشباب فهم القوة البشرية العاملة وهم المستقبل وهم قمحنا وحصادنا. فماذا لو أستلم الخريج شهادته ودخل سوق العمل هنا سيتمكن على أقل تقدير بتسديد المبالغ المترتبة عليه.