إن الاجتماع الوزاري لأوبك+ أكد التأثير السلبي للتذبذب وانخفاض السيولة على سوق البترول في الوقت الراهن، والحاجة إلى دعم استقرار السوق وكفاءة تعاملاتها، وأكدت المجموعة أن لديها من الالتزام والمرونة والوسائل ما يمكنها من التعامل مع هذه التحديات، ضمن إطار الآليات الحالية لإعلان التعاون. وقررت أوبك+ إعادة مستوى الإنتاج في شهر أكتوبر 2022، إلى مستويات شهر أغسطس 2022، علماً بأن قرار الاجتماع الوزاري الحادي والثلاثين للمجموعة بزيادة 100 ألف برميل يومياً في شهر سبتمبر 2022، كان لشهرٍ واحدٍ فقط، بحسب تصريحات اللجان. من ناحية أخرى، أظهر تحليل أوبك+ أن الطلب العالمي سيكون أعلى من الإمدادات في الربع الرابع، مما سيتسبب في إنخفاض المخزونات بمعدل 300 ألف برميل يوميا. إذ أنه من المتوقع الزيادة في الطلب من المستهلكين مع قدوم فصل الشتاء.
تشير الدلائل من السوق الفعلية إلى أن الإمدادات لا تزال شحيحة في ظل إنخفاض إنتاج العديد من دول أوبك عن المعدل المستهدف والعقوبات الغربية الجديدة التي تهدد الصادرات الروسية. إذ صرحت روسيا بأنها ستتوقف عن إمداد الدول التي تدعم فكرة تحديد سقف لأسعار إمدادات الطاقة الروسية في خضم الصراع العسكري الدائر في أوكرانيا. ومن المتوقع أن تضيف إيران مليون برميل يوميا للإمدادات العالمية، وهو ما يساوي 1% من الطلب العالمي.
تواجه البشرية تحديات خطيرة في العقود القادمة؛ تغير المناخ ، وفقدان التنوع البيولوجي، والإرتفاع الحاد في مزودات الطاقة، والمزيد. لا يمكن معالجة هذه الأزمات العالمية المنهجية بمعزل عن بعضها البعض، بحسب ترابطها. لكن أنظمتنا الاقتصادية ليست مناسبة بما يكفي لتحقيق توازن بين الأهداف البيئية والاجتماعية والإقتصادية. الاقتصادات هي في جوهرها مجموعة من القواعد والمعايير التي تكافئ بعض السلوكيات وتعاقب البعض الآخر. ففي شكلها الحالي، تحفز اقتصاداتنا الاستهلاك المفرط، وتقوض الروابط المجتمعية، وتدمر الثروة الطبيعية. لكن هذا ليس حتميا أو لا مفر منه. إنها ببساطة الطريقة التي تطورت بها اقتصاداتنا للعمل. ولحل هذه المشاكل، هناك حاجة إلى رؤية إقتصادية جديدة. رؤية الإقتصاد الأخضر.
يعرف الإقتصاد الأخضر على أنه اقتصاد يهدف إلى الحدمن المخاطر البيئية وإلى تحقيق التنمية المستدامة دون أن تؤدي إلى حالة من التدهور البيئي، كما أنه منخفض الكربون، وفعال من حيث الموارد، وشامل اجتماعيا. في الاقتصاد الأخضر، يكون النمو في التوظيف والدخل مدفوعا بالاستثمار العام والخاص في مثل هذه الأنشطة الاقتصادية والبنية التحتية والأصول التي تسمح بتقليل انبعاثات الكربون والتلوث، وتعزيز كفاءة الطاقة والموارد، ومنع فقدان التنوع البيولوجي وخدمات النظام البيئي.
تحتاج هذه الاستثمارات الخضراء إلى التمكين والدعم من خلال الإنفاق العام المستهدف وإصلاح السياسات والتغييرات في الضرائب واللوائح. إذ تشجع الأمم المتحدة للبيئة مسار التنمية الذي يفهم رأس المال الطبيعي كأصل اقتصادي حاسم ومصدر للمنافع العامة، وخاصة للفقراء الذين تعتمد سبل عيشهم على الموارد الطبيعية. لا يحل مفهوم الاقتصاد الأخضر محل التنمية المستدامة، ولكنه يخلق تركيزا جديدا على الاقتصاد والاستثمار ورأس المال والبنية التحتية والعمالة والمهارات والنتائج الاجتماعية والبيئية الإيجابية عبر آسيا والمحيط الهادئ.
الاقتصاد الأخضر هو نموذج محوره الناس والطبيعة ومبادئه الرئيسية: الرفاهية، العدل والحكم الرشيد، القضاء على الفقر، كفاءة في استخدام الطاقة، وتنمية منخفضة الكربون.
بينما يتحول العالم مع تطور التكنولوجيا والمناخ والسياسة والاقتصاد، هناك ممارسات مترابطة توازن بشكل إيجابي الأهداف البيئية والاجتماعية لصالح الطبيعة والمواطنين والشركات. يقود الطريق الاقتصاد الأخضر، إذ أنه نموذج اقتصادي يعطي الأولوية لنجاح رفاهية الإنسان والعدالة الاجتماعية، مع تقليل المخاطر البيئية والندرة البيئية.
المجالات الثلاثة الرئيسية للعمل الحالي على الاقتصاد الأخضر هي:
تشكل موارد الطاقة المتجددة 26٪ من الكهرباء في العالم اليوم، ولكن وفقا لوكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن تصل حصتها إلى 30٪ بحلول عام 2024. ويأتي الانتعاش بعد تباطؤ عالمي في عام 2019، بسبب انخفاض تكاليف التكنولوجيا وتزايد المخاوف البيئية،كما يتوقع خبراء الصناعة أن تضاعف الولايات المتحدة منشآتها الشمسية لتصل إلى أربعة ملايين بحلول عام 2023. وفي عام 2021، كان لدى المملكة المتحدة أكثر من مليون منشأة للألواح الشمسية ، بزيادة 15٪ عن عام 2018، ووصلت أستراليا إلى مليوني منشأة شمسية في نفس العام.
بينما يزداد الطلب على النفط وشح المعروض النفطي، ومع إقتراب فصل الشتاء، وفي ظل الأزمات والحروب العالمية، لابد للعالم أن يلتفت قليلا إلى مصادر الطاقة المتجددة، والنظر بجدية إلى تطبيق الإقتصاد الأخضر، خصوصا في الدول المستوردة للنفط، كالأردن. تركز الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة للأعوام 2020- 2030 التي أعلنتها وزارة الطاقة الأردنية العام الماضي على استمرار توليد الطاقة الكهربائية في المملكة؛ اعتمادا على الغاز الطبيعي ومشاريع الطاقة المتجددة والمشاريع الأخرى الملتزم بها.وفيما يتعلق باستمرار العمل على زيادة مشاركة مشاريع الطاقة المتجددة والبديلة في تغطية احتياجات المملكة من الطاقة الكهربائية، تضمنت الخطة التنفيذية تخصيص (200 م.و) لغايات تغطية الاستهلاكات للمستهلكين النهائيين من مختلف القطاعات وبحسب أولويات تحفيز الاقتصاد الحكومية من خلال تجمعات باستطاعة (20 م.و) وبحد أدنى للتجمع الواحد تقام على أراض حكومية يجري تخصيصها لهذه الغاية.
من المقرر أن تتوسع سعة الطاقة المتجددة بنسبة 50٪ بين عامي 2021 و 2024 عالميا، وفقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية، والذي وجد أن مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية يتم طرحها بأسرع معدل لها في آخر أربع سنوات، مما يجعل الحجة القائلة بأن المستقبل في استخدام مصادر الطاقة المتجددة أصبح قريبا.
حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.