ليس في الأمر دعابة أو محاولة لاستدراج القُراء قِراءة هذه العُجالة, بقدر ما هو مؤكد أن رئيس القائمة الموحدة/"راعَم" بالعبرية, الإسلاموي/المتصهين منصور عباس أعلن بعظْمة لسانه, وفي كلمة أمام جمهور غفير في مؤتمر نظمته جامعة رايخمان (وهي بالمناسبة الجامعة الخاصة/والوحيدة في إسرائيل التي تمّ الاعتراف بها رسمياً قبل عام واحد 2021، بعد أن غيّرت اسمها من المركز المُتعدد المجالات/هرتسليا, الذي كان مؤتمره السنوي يستقطب شخصيات إسرائيلية/ودولية مُؤثرة, كي تحمل اسم جامعة راخمان الآن).
عباس أمام مؤتمر عقد يوم أول أمس/الأحد تحت عنوان: الاستقطاب السياسي في إسرائيل, أعلن بفخر أنّه "قد يكون وزيراً في الحكومة الإسرائيلية المقبلة", وإن كان لفت في الآن ذاته أنّه ما زال الوقت مبكراً لـ"نعي الحكومة الحالية"، لكنه في قرارة نفسه يعلم أنّ الائتلاف الفاشي/الاستيطاني القائم الآن بزعامة الثنائي بينيت/لبيد في طور الاحتضار وأنّ احتمالات بقائه شبه معدومة، ناهيك عن الصراع المحتدم بين "رأسَيّ" الحكومة الحالية بينيت/لبيد، حيث يسعى الأول إلى استنقاذ مستقبله السياسي عبر البقاء رئيساً لحكومة انتقالية, قد تخلف ا?فراط الائتلاف الحالي، ليس فقط لتجنّب الذهاب إلى انتخابات خامسة, تشير استطلاعات الرأي أنّ حزبه لن يجتاز نسبة الحسم فيها, كذلك حزب تكفا حداشا/بزعامة جدعون ساعر المُهدد بالاختفاء هو الآخر، ولكن أيضاً لأنّ نتنياهو قد يعجز عن تشكيل ائتلاف يميني يعتمد في الأساس على حزب شاس ويهدوت هاتوراة, فضلاً عن حزبي "الصهيونية الدينية" برئاسة سموترتش, و"عظمة يهودية"/بن غفير، وهي كتل لن تُؤمّن له أغلبية 61 صوتاً اللازمة لإقامة حكومة جديدة.
هنا تقدّم منصور عباس الصفوف وأعلن السبت الماضي و"قبل" مؤتمر جامعة رايخمان أنّه "لا" يستبعد الجلوس مع نتنياهو وأحزاب اليمين في حال "أرادوا" تشكيل حكومة، مضيفا أنه "لا يستبعد الجلوس مع سموتريتش، وبن غفير أيضاً (نائبين مُتطرفين عن اليمين الإسرائيلي)، طالما لم يتم استبعاده كما حدث في المرة السابقة". على ما نقل موقع "واللا" الصهيوني، ثم جاءت كلمة عباس أمام المؤتمر الأخير لتؤكد صحة ودقة خبر موقع "واللا"، علماً أنّ عباس كان أجرى مفاوضات مكثفة مع نتنياهو, وتوصل وإياه إلى تفاهم لتوفير مظلة أمان له بمقاعد كتلته الأر?عة، لكن "الفيتو" جاء من بن غفير/وسموترتش بإعلانهما عدم المشاركة في حكومة تعتمد على أصوات "العرب". ما فتح الطريق أمام زعيم حزب يش عتيد يائير لبيد/صاحب المقاعد الـ"18"، لتركيب ائتلاف هجين وضع على رأسه أحد تلامذة نتنياهو (كان مدير مكتبه) وهو نفتالي بينيت, وصدف أن أكمل هذا الائتلاف الهجين الذي يجمع ثمانية أحزاب من اليمين المتطرف ويسار الوسط واليسار ويمين الوسط، إضافة بالطبع إلى مظلة أمان يوفرها الإسلاموي/المتصهين منصور عباس.
يصحّ القول والحال هذه أنّ القائمة العربية الموحدة/التي تمثل الحركة الإسلاموية/الجناح الجنوبي في الداخل الفلسطيني, باتت حركة/حزباً لـ"لإيجار", حيث لا مواقف ثابتة لها ولا برنامج، سوى توفير شبكة أمان لأي ائتلاف صهيوني، سواء أكان يمينياً فاشياً/استيطانياً عنصرياً, كما حال أحزاب المعارضة التي يقودها نتنياهو, أم خصوصاً الائتلاف الفاشي القائم الآن، والذي لم يعد يختلف اثنان على وصفه بانّه يقود أسوأ حكومة في تاريخ العدو الصهيوني منذ "74" عاماً.
في الخلاصة.. لا يبدو مؤكداً أن يحمل منصور عباس حقيبة وزارية في حكومة يشكلها نتنياهو, حتّى لو نجح الأخير في الضغط على الثنائي العنصري/الفاشي بن غفير وسموترتش، حتى لو حذّرهما نتنياهو ولفت نظرهما إلى أن عدم قبول كتلة عباس من الخارج, سيُسهم في بقاء الكتل الحالية على مقاعد المعارضة مدة أطول ما يضعف شعبيتها، رغم أنّ حزب بن غفير/عظمة يهودية سيحقق "عشرة" مقاعد وفق استطلاعات الرأي. وسيكون البديل هو الذهاب إلى انتخابات خامسة، ليس مؤكداً أنّ نتائجها ستمنح نتنياهو والأحزاب المتحالفة معه تفويضاً لتشكيل حكومة تحظى بأغلب?ة "61" صوتاً على الأقل، كما كانت حال حكومة بينيت/لبيد قبل عام من الآن (13 حزيران 2021), والتي قال بينيت عنها أول من أمس/الأحد في جلسة احتفالية لمجلس الوزراء الأسبوعي: "هذه واحدة من أفضل الحكومات في تاريخ إسرائيل".