حكاية نقرأ فيها تاريخنا التليد و نَستَلهم منها حاضرنا المشرق ، فالاستقلال لم يكُن يوماً تنازلاً من مُحتل بل نصراً نالته المملكة قيادةً و شعباً ، و شكّل نقطة تحول لبناء الدولة المعاصرة، ومحطة فارقة للبناء والنهضة والتطور والتقدم ، جذّرت قيم الاعتدال و الانفتاح و احترام الاخر
استطاع خلالها الأردن بقيادته تقديم نفسه صانعاً للسلام فحَمَل القائد حفيد آل البيت قنديل السلام و نال جائزة دربه .
في الاستقلال يتجلى الجوهر العظيم للأردنيين من ولِدوا بمتلازمة الوطن، من غضبوا غضباً نبيلاً لأمتهم و قضاياها رغم قلة ذات اليد و ضيق المساحة دون ان تنحني هاماتهم الا لله، و بقي الأردني محافظاً على هذا البلد و استقراره بلا ريبٍ او زيفٍ او تردد مما جعل منه واحةً للأمن و قِبلة للاجئين و المُهجرين الفارين من قسوة العالم المُستعر .
و لتكريس الاستقلال كنهجٍ و واقع ثمة أولويات وطنية امنية و اقتصادية و سياسية وجب الالتفات لها من باب البناء على ما تم إنجازه لنستشرف مستقبلنا بكل أمل.
وفي هذا السياق قد يكون المشهد الأخطر هو ما يواجهه يومياً جيشنا العربي المصطفوي في دحر عصابات الاشرار بكل "عين حمرا"، و هذا يُقرأ في سياقات الاقليم الملتهب، و هنا لنتذكر دوماً أن استقلالنا ركيزته الاستقواء بالداخل و ان قوتنا الحقيقية تكمن في تلاحمنا، اما إيماننا بانتماءاتنا فهو سلاحنا.
و على الصعيد الاقتصادي فإننا نعي جيداً وطأة الضغوط المعيشية التي تحيط بالاردنيين اليوم، فهُم القابضين على جمر الظروف ممن توسدوا الصبر و الفقر، مما يستوجب على الجميع العمل على تمكين الطبقة الوسطى الشريحة الأوسع من المجتمع ، و على الحكومة ان تتوقف مليّاً أمام السياسات الاقتصادية و ان تبتعد عن التعامل معها بلغة الأرقام و الحسابات المجردة، مُعظّمين مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص في رسم هذه السياسات معترفين بدوره التنموي .
كذلك الأمر فيما يتعلق بسياسات التنمية المتوازنة التي تحقق الحد الأعلى من العدالة في توزيع المكتسبات و التخلص من معضلة المركز و الأطراف و الشعور بالحرمان الاجتماعي الذي يخلق شرخاً اجتماعياً يرفع من معدلات الجريمة .
و في ظل التعديلات الاخيرة التي طالت قانون الاحزاب فاننا نتطلع قُدماً لان تأخذ الاحزاب دورها الطليعي و ان تعمل على بلورة برامج اقتصادية و اجتماعية تساعد في الخروج من حالة الاحباط الاجتماعي.
أما الشريحة الحاسمة "الشباب" عماد الاستقلال و غايته
فهُم شركاء صناعة الحاضر و لهم كل المستقبل ، و اذا ما أردنا لمجتمعنا رُقياً وتقدماً فلا بد من اشراكهم و تعزيز حقهم في الترشح للانتخابات و تولّي المناصب العامة ومعالجة مسألة انتشار التمييز على أساس السن، متجاوزين جملة المعيقات التي تقع تحت مظلة المنظومة التعليمية ( نهجاً و منهجاً ) .
حكايتنا مستمرة و لن تنتهي بعون الله و ما الفصول ال٧٦ منها الا حصاد أعوام من الصمود في وجه التحديات و المطامع و أعوام من الثبات على المبادئ و أعوام من التضحية في سبيل قضايانا العادلة و أعوام و نحن لا نخشى في الحق لومة لائم، سبقتها اعوام مضاعفة من التاريخ العريق و الارث و الموروث الغني .
في الختام ادعو الله ان يُتمَ نعمه علينا، و ان يديم أمننا و أماننا و ان نكللهما في قادم الأعوام بأمن غذائي و مائي و تكون شمسنا مصدر دفئنا و طاقتنا، و ان يحفظ جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين و ولي عهده الامين .