غمضة يومين ونكون بين أحضان «رمضان».. نعم هي غمضة يومين وندخل في حسابات تحرق الأعصاب؛ مع أن الحياة وصلت لمرحلة من المعيب أننا ما نزال عند هذه الحسابات..!
ماذا يعني بعد هذا التقدّم الهائل في التطوّر الإنساني وما يزال العربي يصحو وينام وجلّ تفكيره بالأكل والشرب؛ نعمل الرز برياني أم بخاري أم كبسة أم مقلوبة أم منسف..؟! هل تتقدّم البشرية كي يأكل العربي نفسه طوال النهار والليل وهو يفكّر: ليش جحرني؟ ليش ما ردّ السلام ؟ ليش ما عزمني؟ ليش ما بعثلي جمعة مباركة؟ ليش ما تحطلي لايك؟ ليش وليش وليش..؟!.
هل البناء الحضاري الذي يفهمه العقل العربي الآن هو يكون رمضان شهر التقشّف والزهد والصيام هو ذات الشهر الذي يُكبّ فيه في النفايات ما لا عدّ له من أطنان الطعام المتنوِّع وكأنّ الطابخ مفجوع والآكل مفجوع والمشارك في كلّ هذا هو المفجوع الأكبر..! ملاحظة لغوية: المفجوع هنا لا تدلّ أبدًا على الفجيعة بل على اللاهط والشامط والغائر في الشبع بلا شبع وكأنه قادم من ألف جوع بلا كفِّ يدٍ عن طعام وشراب..!
ووسط هذا الفجعان الماشون نحن إليه بلا تفكير مسبق يعاني المهمّشون من الوجبة الكريمة ومن ترميم كرامتهم الداخلية وإعطائهم الإحساس بأنهم (ولا شي)..! المهمشون هم صنيعة العقل الجمعي العربي.
رمضان للفجعانين.. رمضان للشبعانين.. رمضان للذين يحتلون مكاننا ولا يسمحون لنا حتى بالمرور فيه.. ونحن ليس لنا إلا صبرنا وصيامنا المنكود وانتظار فرج الله ..!