اخبار البلد -
البترو دولار مصطلح اقتصادي يوصف قيمة النفط المشترى بالدولار الأمريكي، وأول من استخدم هذا المصطلح هو البروفسور إبراهيم عويس أستاذ علم الاقتصاد في جامعة جورج تاون الأمريكية سنة 1973، كما أُطلِق تعبير البترودولار على الأموال الفائضة التي كانت بحوزة الدول النفطية بعد ارتفاع أسعار النفط في السبعينيات، واحتفظت بها على شكل احتياطيات دولارية أو استثمرتها في الدول الغربية، ويعرّفه بعضهم خطأً بأنه الدولارات التي جُنِيَت من بيع النفط.
وعادةً لا يجري الحديث عن هذا الموضوع إلّا في فترات ارتفاع أسعار النفط التي تمكّن هذه الدول من تحقيق فوائض كبيرة في موازناتها، كما حدث بين عامي 2006 و2008. يكتسب موضوع «البترودولار» أهمية خاصة لدى صانعي السياسات المالية والنقدية في العالم، لأنه يمثّل انتقالًا للثروة من الدول المستهلكة للنفط إلى الدول المنتجة من جهة، وتغيّرًا في الاتجاهات الاستثمارية في العالم من جهة أخرى. ومن أشهر مظاهر فترات «البترودولار» مطالبة الدول الصناعية الدول النفطية بـ»تدوير» هذه المبالغ في الاقتصاد العالمي، والتي تعني في النهاية وضع تلك الأموال في المصارف الغربية. وهناك اهتمام كبير في الفترات الأخيرة من قبل المتخصصين بالاقتصاد الكلي وبعض كبار المستمثرين والمضاربين بموضوع «البترودولار»، بسبب ظهور الصين بمثابة قوة اقتصادية عالمية وزيادة دور عملتها في التجارة الدولية من جهة، وبسبب النمو الكبير في العملات الإلكترونية أو المشفرة، وهناك حديث دائم عن احتمال تحويل الاحتياطيات المالية للدول النفطية من الدولار إلى عملات أخرى.
روسيا والبترودولار
يبدو واضحاً أن العقوبات الاقتصادية التي تم فرضها على روسيا قد تتسبّب في أضرار جسيمة، لكن خسارة البترودولار ربما ستكون أكثر دماراً على الاقتصاد الأمريكي. منذ إبرام اتفاق مع إدارة نيكسون في عام 1974، تداول السعوديون النفط حصريًا بالدولار الأمريكي. أما الآن، فيتم تداول ما يقرب من 80 في المائة من إجمالي النفط المنتج في العالم كله مقابل الدولار، وأصبح «البترودولار» أحد الركائز الأساسية للنظام المالي العالمي الحالي، علماً أن معظم الأمريكيين لا يدركون ذلك، والملفت أن حجم استخدام عملة الدولار خارج الولايات المتحدة أكثر من استخدامها داخل الولايات المتحدة، ويمثل امتلاك عملة احتياطية في العالم ميزة كبيرة بالنسبة للدول العربية، وكان هناك طلب متزايد على الدولار الأمريكي في جميع أنحاء العالم، وقد سمح ذلك لبعض الدول النفطية كدول الخليج العربي بالاستمتاع بمستوى معيشي أكثر رفاهية من باقي دول العالم، في وقت يتوقع فيه كثير من الباحثين أن هذا الوضع لن يستمر، وأن كل المؤشرات تدلل على أنه قد يكون على وشك التغيير، لاسيما بعد أن كبّلت أمريكا وبريطانيا وسياساتهما الاستعمارية العدوانية أنظمة الخليج بتحمُّل جزء مهم من الأعباء المالية (بعشرات المليارات) لتحمُّل تكاليف تلك المغامرات ومنها على سبيل المثال لا الحصر احتلال العراق وأفغانستان حيث قدرت بعض المصادر حجم ما أُنفق على هذه الجريمتين ب (ستة ترليون دولار).
سياسات أمريكية خاطئة
يعتقد كثيرين من الذين يهمهم القرارات الأمريكية، إن الإدارة الأمريكية الحالية تتخبط في مواقفها إزاء القضايا الخارجية، ولعل ما كشفته وسائل الاتصال الروسية والصينية من معلومات وحقائق صادمة فضحت كثير مما اعتبره البعض أنه كذب وتدليس مارسته الإدارات الأمريكية ضد شعوبها وضد العالم أجمع بإخفاء الحقائق وتزويرها مثل أحداث سيبتمبر التي اتخذتها إدارة بوش الابن ذريعة للعدوان على العراق وأفغانستان وتبيّن لاحقاً (وفقاً للروس) أن تلك الجريمة من تخطيط وتنفيذ أمريكي رسمي.
إن تقييم أطراف دولية كثيرة لآداء الإدارة الحالية هو تقييم سلبي لأن هناك اعتقاد جازم لدى هؤلاء أن الرئيس جو بايدن محاط بأسوأ فريق للسياسة الخارجية في تاريخ الولايات المتحدة ، وهذا في الحقيقة تؤكد رسالة مفادها أن مسارات السياسة الخارجية كارثي بسبب وجود فريق سيئ للسياسة الخارجية ، حيث تدهورت علاقات أمريكا مع دول مهمة جداً لأمريكا ومصالحها لاسيما الاقتصادية ومنها مثلاً المملكة العربية السعودية والصين، مما أدى إلى تطوير العلاقات وتوثيقها بينهما (الصين والسعودية)، ونُشير هنا إلى ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال (يبدو أن السعوديين قد يبدأون قريباً في تسعير النفط الذي يبيعونه للصين بالعملة الصينية، وسيكون الدولار الأمريكي في طريقه للخروج كعملة احتياطية عالمية).