أخبار البلد ــ تُعرّف إصابة العمل وفقاً لقانون الضمان بأنها الإصابة بمرض من الأمراض المهنية المحددة في جدول خاص ملحق بالقانون (الجدول رقم 1)، أو الإصابة الناشئة عن حادث وقع للمؤمّن عليه أثناء تأديته لعمله أو بسببه بما في ذلك الحادث الذي يقع أثناء ذهابه لعمله أو عودته من مكان عمله إلى منزل.
وبناءً على ذلك فإن إصابة العمل تأخذ أشكالاً ثلاثة هي:
أولاً: المرض المهني: ويُشترط أن يكون من بين الأمراض المهنية المذكورة في الجدول المشار إليه.
ثانياً: حادث العمل: وهو الحادث الذي يقع أثناء العمل أو بسببه وخلال المدة المحددة لمزاولته.
ثالثاً: حادث الطريق: وهو الحادث الذي يقع للمؤمّن عليه خلال ذهابه إلى عمله أو عودته منه.
وقد كشفت مؤسسة الضمان الاجتماعي في بيان صحفي أمس أن الإصابة بفيروس كورونا للمؤمن عليهم العاملين في المستشفيات والمختبرات الطبية تعتبر إصابة بمرض مهني الذي يعد أحد أشكال إصابة العمل بمفهوم قانون الضمان الاجتماعي، وبالتالي إذا أدت الإصابة إلى عجز أو وفاة المؤمّن عليه فإنه يستحق راتب اعتلال العجز الإصابي أو راتب تقاعد الوفاة الناشئة عن إصابة عمل.!
إلى هنا والأمر جيد، لكن المستغرب أن المؤسسة اقتصرت في اعتماد الإصابة بالفيروس كإصابة عمل على العاملين في المستشفيات والمختبرات الطبية فقط، ما يعني أن أي مؤمّن عليه تتطلب طبيعة عمله تقديم خدمة عامة للناس عبر التواصل معهم والاحتكاك المباشر بهم في موقع العمل أو في المكان المكلّف فيه بتأدية عمله وتقديم الخدمة لهم، وتعرّض للعدوى بفيروس كورونا أثناء عمله لا يتم الاعتراف بإصابته كإصابة عمل حتى لو نتج عنها عجزه أو وفاته..!
وبالعودة إلى جدول الأمراض المهنية (الجدول رقم 1) الملحق بقانون الضمان، نجد أنه ورد ضمن تسلسل الأمراض المهنية مرض مهني يحمل التسلسل رقم (27) وهو (أمراض الحميات المعدية والوبائية) وهو المرض الذي استندت إليه مؤسسة الضمان في إقرار أن الإصابة بفيروس كورونا كمرض وبائي ينتقل بالعدوى تعتبر إصابة عمل.. أما لماذا اقتصرت المؤسسة في قرارها على العاملين في المستشفيات والمختبرات الطبية فقط، فيبدو أنها استندت في ذلك إلى الوصف المقابل لوصف المرض المذكور حيث يظهر في الجدول مقابل اسم ووصف هذا المرض، وتحت عنوان وصف العملية ما يلي: (العمل في المستشفيات المخصصة لعلاج الحميات المعدية والأمراض الوبائية، والعمل في المختبرات الطبية والعمل في البيطرة بالنسبة للأمراض الحيوانية التي تنتقل إلى الإنسان Zoonosis). ويُفهم من هذا الوصف أنه جاء على سبيل المثال وليس الحصر في ذكر أماكن عمل المؤمّن عليهم الذين يمكن أن يتعرّضوا للإصابة بالمرض دون أن يكون القصد حصرها في العاملين في المستشفيات والمختبرات الطبية..! والأمر يتضح بجلاء في استعراض كافة الأمراض المهنية الثمانية والخمسين التي تضمّنها الجدول، حيث يّذكر إلى جانب اسم كل مرض ما يسمى بـ "وصف العملية" دون أن تحصر العاملين المعرّضين للإصابة به في مجال أو جهة عمل محددة بعينها، ومن أمثلة ذلك مرض التسمم بالزئبق (المرض رقم 15 في الجدول) حيث جاء في وصف العملية لهذه المرض: ( أي عملية تنطوي على استعمال الزئبق أو مستحضراته أو مركباته)، لكنه لم يحصر ذلك في عاملين في مصانع معينة أو صناعات بعينها تُستخدم فيها مادة الزئبق..!
من هنا فإنني أرى أن أي مؤمّن عليه ولا سيما الموظف أو العامل الذي تقتضي طبيعة عمله ومهنته الاحتكاك والتواصل المباشر مع الجمهور لتقديم الخدمة لهم، فيتعرض للإصابة بفيروس كورونا ويثبت أن هذه الإصابة نشأت عن عدوى تعرّض لها أثناء أدائه لعمله أو بسببه، فيجب أن تُعتمَد إصابته كمرض مهني وفقاً لوصف المرض رقم (27) في جدول الأمراض المهنية وهو (أمراض الحميات المعدية والوبائية) والتكييف القانوني للحالة أن المرض مذكور ضمن قائمة الأمراض المهنية وهذا هو المهم، ثم إن وصف العملية وشرحها المقابل لاسم المرض، لا تعني بأي حال الاقتصار على العاملين في المستشفيات والمختبرات الطبية فقط، وإلا ماذا نقول إذا تعرض أحد العاملين في مراكز التطعيم أو مراكز فحص كورورنا خارج إطار المستشفيات والمختبرات الطبية مثلاً للإصابة بالفيروس وثبت أن إصابته كانت بسبب عدوى تعرض لها أثناء تأديته لعمله أو بسببه..؟! إضافة طبعاً إلى العاملين أيضاً في المراكز الصحية، فكيف يتم استثناؤهم من اعتبار إصاباتهم بالفيروس إصابات عمل أو أمراض مهنية، فأي عامل في هذه المراكز مُعرّض للإصابة بالفيروس في أي لحظة من أي مريض مراجع، فهل نستطيع القول أن إصابته لا تدخل ضمن المرض المهني المذكور وأنها لا تعتبر إصابة عمل..؟!
أرى أن الاقتصار على العاملين في المستشفيات والمختبرات فهم جامد وقاصر وغير مرن للوصف المذكور إلى جانب المرض المشار إليه، ناهيك عن أن الإصابة التي تنشأ عن العمل أو أثناء تأديته أو بسببه تعتبر إصابة عمل بالمفهوم المرن والشامل لإصابات العمل سواء كانت على شكل مرض مهني أو نتيجة التعرض لمؤثر خارجي "حادث مثلاً" والمؤثر الخارجي لا يمكن بحال أن يُختزل بصورة حادث فقط..!