ما حدث في "نقابة المهندسين” يوم الجمعة الماضي، كان صادما، ليس فقط لأنها المرة الأولى التي يتعارك فيها المهندسون بالأيدي، وتتراجع فيها الاعتبارات المهنية، لحساب اعتبارات إيديولوجية وأخرى مخجلة، ولا لأنها هزت أهم المعاقل النقابية التي شكلت، فيما مضى، جزءا مشرقا للعمل النقابي والسياسي، وإنما لأنها عكست، أيضا، صورة أو حالة بلدنا بكل ما تعرض له من إصابات وتراجعات، وما يعاني الآن منه، من مخاضات عسيرة.
سأتجاوز عمدا الاختلافات والخلافات التي عصفت "بالمهندسين” منذ سنوات، وعن تفاصيل ما جرى يوم الجمعة الماضي وخلفياته والفاعلين فيه، أقول فقط: إن الجميع أخطأ، وإن استدعاء المصالح الانتخابية الفردية، والانحياز لها على حساب "الصالح العام” لأكثر من 180 ألف مهندس، مسألة مُدانة ومرفوضة، كما أن غياب "الحكماء” وصوت العقل من الأطراف كلها، أفقدنا الأمل بوجود "صمامات أمان” يمكن التعويل عليها، لإطفاء حرائقنا السياسية والمهنية، حين يصب عليها المتحمسون ما يلزم من زيت لإشعالها أكثر.
أزمة المهندسين لا تخصهم فقط، وإنما تخصنا كدولة ومجتمع معا ، ومن واجبنا أن ندقق في مرآة ما يحدث داخل "مجمع النقابات” لنرى صورتنا كما هي، بلا أية رتوش: صورة النقابات، وما يجري داخلها من صراعات، أفقدتها حيويتها وثقة أعضائها بها، وعطلتها عن القيام بخدمة منتسبيها، ثم صورة الطبقة الوسطى التي يمثلها جيل النقابات، وما انتهت إليه من أوضاع صعبة ألحقتها بالطبقة الفقيرة، وحرمت الدولة من دورها المركزي في أي إصلاح أو نهضة، وأخيرا صورة المجتمع عموما، والإدارة العامة للدولة، بما طرأ عليها من غبش وتشويه، وبما أفرزته الأزمات التي تتابع فصولها كل يوم من خيبات وهواجس لدى أغلبية الأردنيين.
حين ندقق في واقع نقابة المهندسين، نكتشف فعلا انها تجسد صورة مصفرة (بروفة إن شئت) لواقع بلدنا، في المجالات السياسية والإدارية والاقتصادية وغيرها، (للأسف معظم مؤسساتنا تجسد الصورة ذاتها)، من بين نحو 180 ألف مهندس مسجلين في النقابة، لم يدفع رسوم التسجيل إلا 80 ألفا، أي أقل من نصفهم، ومن بينهم أكثر من 35 ألف مهندس عاطلون عن العمل، فيما يذهب للمشاركة بالانتخابات نحو15 ألفا فقط، حين ندقق أكثر، نكتشف أيضا أن الصراع بين النخب النقابية يتجاوز أسوار النقابات ومصالح المنتسبين لها، لحساب "أجندات” سياسية، لا علاقة لها بالمهنة، يمكن بالطبع فهمها في إطار التنافس واحترام أخلاقيات الخصومة، لكنها ابتعدت عن ذلك، وأغرقت النقابات – معظمها على الأقل – في دوامة من المحاباة والإقصاء، وربما الفوضى أيضا.
لكي تكتمل الصورة، صورة مجتمعنا كما تعكسها مرآة النقابات الآن، ونقابة المهندسين تحديدا، نجد أنه دخلت على الخط محاولات "للعبث”، استهدفت قولبة العمل النقابي (كذلك السياسي والاجتماعي وربما الثقافي)، وسحبته من دوره ومكانته، كفاعل مستقل ومؤثر في المشهد العام، إلى مفعول به جاهز لتمرير ما يصله، وبالتالي افتقدنا "بيوت الخبرة” المهنية، والكفاءات الوطنية، وكذلك افتقدنا معظم الضمائر الحية التي يفترض أن تمثل صوت الحكمة والعقل في بلدنا.
أعرف أن "المهندسين” سيتجاوزون ما حدث، وأن الازمة ستنقشع ولو مؤقتا، لكن ما أعرفه أيضا أن جذور هذه الازمات أصبحت أعمق مما نتصور في بلدنا، والأخطر أنه ثمة من يتعمد ابقاءها والاستثمار فيها، ليس بالضرورة لحسابات انتخابية فقط، وانما لحسابات تتعلق بتكسير وسائطنا النقابية والسياسية، وإضعاف مجتمعنا كله، وهذا ما يجب أن ينتبه إليه العقلاء الذين أدركوا تماما أنهم أدرى مني بتفاصيل الصورة.
سأتجاوز عمدا الاختلافات والخلافات التي عصفت "بالمهندسين” منذ سنوات، وعن تفاصيل ما جرى يوم الجمعة الماضي وخلفياته والفاعلين فيه، أقول فقط: إن الجميع أخطأ، وإن استدعاء المصالح الانتخابية الفردية، والانحياز لها على حساب "الصالح العام” لأكثر من 180 ألف مهندس، مسألة مُدانة ومرفوضة، كما أن غياب "الحكماء” وصوت العقل من الأطراف كلها، أفقدنا الأمل بوجود "صمامات أمان” يمكن التعويل عليها، لإطفاء حرائقنا السياسية والمهنية، حين يصب عليها المتحمسون ما يلزم من زيت لإشعالها أكثر.
أزمة المهندسين لا تخصهم فقط، وإنما تخصنا كدولة ومجتمع معا ، ومن واجبنا أن ندقق في مرآة ما يحدث داخل "مجمع النقابات” لنرى صورتنا كما هي، بلا أية رتوش: صورة النقابات، وما يجري داخلها من صراعات، أفقدتها حيويتها وثقة أعضائها بها، وعطلتها عن القيام بخدمة منتسبيها، ثم صورة الطبقة الوسطى التي يمثلها جيل النقابات، وما انتهت إليه من أوضاع صعبة ألحقتها بالطبقة الفقيرة، وحرمت الدولة من دورها المركزي في أي إصلاح أو نهضة، وأخيرا صورة المجتمع عموما، والإدارة العامة للدولة، بما طرأ عليها من غبش وتشويه، وبما أفرزته الأزمات التي تتابع فصولها كل يوم من خيبات وهواجس لدى أغلبية الأردنيين.
حين ندقق في واقع نقابة المهندسين، نكتشف فعلا انها تجسد صورة مصفرة (بروفة إن شئت) لواقع بلدنا، في المجالات السياسية والإدارية والاقتصادية وغيرها، (للأسف معظم مؤسساتنا تجسد الصورة ذاتها)، من بين نحو 180 ألف مهندس مسجلين في النقابة، لم يدفع رسوم التسجيل إلا 80 ألفا، أي أقل من نصفهم، ومن بينهم أكثر من 35 ألف مهندس عاطلون عن العمل، فيما يذهب للمشاركة بالانتخابات نحو15 ألفا فقط، حين ندقق أكثر، نكتشف أيضا أن الصراع بين النخب النقابية يتجاوز أسوار النقابات ومصالح المنتسبين لها، لحساب "أجندات” سياسية، لا علاقة لها بالمهنة، يمكن بالطبع فهمها في إطار التنافس واحترام أخلاقيات الخصومة، لكنها ابتعدت عن ذلك، وأغرقت النقابات – معظمها على الأقل – في دوامة من المحاباة والإقصاء، وربما الفوضى أيضا.
لكي تكتمل الصورة، صورة مجتمعنا كما تعكسها مرآة النقابات الآن، ونقابة المهندسين تحديدا، نجد أنه دخلت على الخط محاولات "للعبث”، استهدفت قولبة العمل النقابي (كذلك السياسي والاجتماعي وربما الثقافي)، وسحبته من دوره ومكانته، كفاعل مستقل ومؤثر في المشهد العام، إلى مفعول به جاهز لتمرير ما يصله، وبالتالي افتقدنا "بيوت الخبرة” المهنية، والكفاءات الوطنية، وكذلك افتقدنا معظم الضمائر الحية التي يفترض أن تمثل صوت الحكمة والعقل في بلدنا.
أعرف أن "المهندسين” سيتجاوزون ما حدث، وأن الازمة ستنقشع ولو مؤقتا، لكن ما أعرفه أيضا أن جذور هذه الازمات أصبحت أعمق مما نتصور في بلدنا، والأخطر أنه ثمة من يتعمد ابقاءها والاستثمار فيها، ليس بالضرورة لحسابات انتخابية فقط، وانما لحسابات تتعلق بتكسير وسائطنا النقابية والسياسية، وإضعاف مجتمعنا كله، وهذا ما يجب أن ينتبه إليه العقلاء الذين أدركوا تماما أنهم أدرى مني بتفاصيل الصورة.