أقلام وأراءعناصر القوة والضعف في الوضعية الفلسطينية اين تتجه فلسطين ؟

أقلام وأراءعناصر القوة والضعف في الوضعية الفلسطينية اين تتجه فلسطين ؟
أخبار البلد -   أخبار البلد - مقدمة : الجزء الاول

احد اركان التحليل العلمي انه يقوم على المعطيات وقراءة التناقضات وحركتها … بعيدا عن الشعاراتية والميتافيزيفا … وشائع تماما الخطاب السياسي في العقل الفلسطيني ، سواء لعدم القدرة على الربط بين السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي كبنية مترابطة ، او لطغيان المفردة السياسية على الحدث والمنعطفات . وفي هذا النص سوف اعتمد تشخيص الموضوعي وخط سيرة قبل التطرق للذاتي مع ادراك الجدلية بين الذاتي والموضوعي .

الموضوعي فلسطينيا
لم يعد الشعب الفلسطيني مجرد 1.15 مليون نسمة كما كان عليه الحال قبل النكبة / التطهير العرقي عام 1948 ، وقد تجاوز كونه نحو 3 ملايين نسمة عام 1967 أو مجرد 6 ملايين عام 1990 ليقترب اليوم من 14 مليون نسمة ( مركز الإحصاء) . وبينما كان الداخل (الضفة الفلسطينية مجرد 2/1 مليون بعد هزيمة حزيران 1967 بات اليوم اكثر من 3.1 مليون وغزة 4/1 مليون أصبحت 2.1 مليون والحال نفسه في 48 اذ تضاعف مرات من 50 الفا بعد النكبة ليناهز اليوم 1.7 مليون نسمة ، والقاعدة نفسها تنسحب على شعبنا في دول الطوق والشتات الذي يقترب من 7 ملايين نسمة .

هذه عملية تراكمية موضوعية بصرف النظر عن التقلبات السياسية ، وهي كافية لإسقاط المقولة العنصرية العمياء ( ارض بلا شعب ) التي أسسها اللورد البريطاني ميتفورد عام 1840 ( بأن العناية الإلهية اهدتنا لأرض بلا شعب ) ونسخها مؤسس الحركة الصهيونية هرتزل في كراسته ( الدولة اليهودية ) في أواخر القرن 19 التي وصفها الباحث الصهيوني بنفنستي ( بالسخيفة التي تعكس مأزقاً) .

وفيما كان الشعب الفلسطيني ما قبل اقتلاعه وتشريده يتوزع على 70% ريف و20% مدينة و10% بادية ، حيث اعتمد الريف على الحياة الفلاحية التقليدية وشريحة اقطاعية محدودة، والمدينة على القطاع الخدمي والورش الصغيرة وبعض الجيوب الصناعية ، والبادية على الترحال والتنقل ، طرأت عليه تحولات جذرية في العقود السبعة التالية . ففي الديار الفلسطينية من الماء الى الماء بات يشكل العمال والمستخدمون نحو 40% واكثر منهم ( طبقة وسطى من خريجي الجامعات ومعهم البرجوازية الصغيرة ( أصحاب الورش والمحال التجارية …) ونحو 5% برجوازية يملكون وسائل انتاج تشغل اعداد من قوة العمل . اما العنصر الفلاحي فقد تقلص جذريا ( الفلاح يملك استثماره فلاحية هي مصدر دخله ) تقلص الى اقل من 10% من ذوي العمل الاثنيني كفلاح وعامل او فلاح وموظف وبالتالي تراجعت الزراعة والاستثماره الفلاحية لأسباب لا يتسع السياق لتتبعها .

اما في الشتات فيغلب العمل الوظيفي والعمل المأجور في شركات وقطاعات تعليمية وصحية وصناعات هي وسائل انتاج عربية واجنبية فضلا عن الملكيات الخاصة للفلسطينيين بطابعها الخدماتي .

وعن الحياة البدوية فقد انحسرت على نحو جذري ولم يتبق منها الا القليل الذي يلاحق بدأب في الاغوار والنقب بغية تخليع البدو من ارضهم الى درجة ان يتم هدم قرية العراقيب اكثر من 190 مرة .

ومفيد التذكير ان قوة العمل الفلسطينية في الضفة وغزة التي تناهز مليون وربع المليون ( الأرقام متعددة ومتباينة ) ثمة من بينهم 170 الف يعملون في السلطة الفلسطينية بقطاعيها المدني والأمني من حملة الشهادات الجامعية او ذوي التعليم الأدنى، فضلا عن 72 الف مقاتل في فصائل المقاومة ( السنوار ) .

والشعب الفلسطيني ليس مجرد كم مجتمعي بلا روابط ، بل شعب تجمعه هوية مشتركة وتاريخ مشترك ونضال مشترك فضلا عن أهدافه المشتركة مهما بلغت الانقسامات السياسية والثقافية ، هذا كله استولد تضامن يتجلى اكثر في المحن والتحديات، بل وتكسوه النشوة مع كل نجاح او انتصار.

وللشعب نخبة الثقافية والأكاديمية والاقتصادية والنسوية والفنية والسياسية واوسع قاعدة ممركزة له القاعدة الطالبية وبشكل اخص في الجامعتات 250الف طالب /ة يدرسون هذا العام في جامعات الضفة وغزة بينهم 60% اناث) ، بما للتعليم من تأثير على الوعي وبناء كادرات لكل التخصصات ( بصرف النظر عن الطابع التلقيني وندرة البُعد النقدي ومحدودية البحث العلمي ).
وارتباطا ، انكمشت العائلة البطريركية الممتدة وتعاظمت العائلة النووية ، وخرجت المرأة للعمل حيث تشكل زهاء 18 % في اقتصاد الضفة وغزة ، تراجع الى 16 % في زمن الكورونا ( جهاز الإحصاء) وهي كذلك 18 % في قوة العمل الفلسطينية داخل 48 …

وفضلا عن التحولات الاجتماعية ومشاركة المرأة في العملية الاقتصادية طرأت تغيرات على الخارطة السياسية الفلسطينية ، اذ لم يعد هناك قوة بمفردها لديها سلطة القرار بشأن اية مسألة جوهرية سواء في أراضي 67 أو 48 او الشتات . لقد تجاوزت الحالة الفلسطينية مفهوم ارسطو للسياسة ( قيادة تسوس وتحكم الشعب) وحل المفهوم المعاصر السياسة تنازعات وتسويات ) كأحد اشكال الديموقراطية .

وعليه ، سقطت نظرات المعسكر المعادي ( انهم مجرد قبائل يقرر مصيرها زعيم القبيلة ، او قرى تقليدية يتحكم بمصيرها المختار او جمهرة يقطرها زعيم او قائد ).

وهذا يفتح المجال لرفع مكانة الحوار كضرورة ، والتمهيد لاشتقاق برامج للحركات السياسية تتبارى فيما بينهما على حساب الولاءات الشخصية والعشائرية والطائفية التي تعود جذورها لزمن ماضوي ما قبل الثورة الصناعية …
ورغم الاجتياحات والحصار والتنكيل والعنصرية وسرقة الأرض والمياه والاعتقال اليومي والخنق الاقتصادي والبطالة التي تربو على 30% والفقر الذي تخطى 50% و و و … ثمة مجتمع فلسطيني فاعل لا تعوزه قوة الحياة يتأقلم مع كل الظروف والشروط المجافية ويكدح ويتعلم ويتكاثر ( الزيادة الطبيعية 5.5% سنويا ) ويفرح ويتفاخر بفلسطينيته ويحلم بغدٍ افضل . اما الياسية فتصيب القشور لا الأعماق .

وسواء توافقت القيادات السياسية او تراشقت او افترقت ، فالروابط الفلسطينية قائمة والوحدة الشعبية دائمة والعائلة خط احمر كما روابط الدم واحترام الجار والتواصل مع أهالي الحي .والمخيم والقريه .. ان كل مخططات تفتيت الشعب وتفكيك بناه لم تحصد الا اقل من القليل .

في فيتنام الجنوبية كان نصف مليون جندي فيتنامي يأتمرون بأوامر قوات الاحتلال الأمريكي ، وفي أوكرانيا التي احتلها النازي بضعة أعوام تشكل حرس قومي اوكراني مكون من مئات الالاف عميلا للغزاة ، وفي الجزائر حاصرت قبائل عديدة ثورة عبد القادر الجزائري خدمة للمستعمر الفرنسي الى ان تم أسره 1846 وفي فرنسا تعاون الجنرال بيتان واتباعه مع النازية ضد الثورة التي قادها ديغول … اما الفلسطيني فهو يتنافس في وطنيته ويستشهد ويؤسر وتتقاطر طوابير الناس استقبالا لأسير او تعزية بشهيد رغم الارباكات والتباينات التي وقفت عاجزة عن إزالة خارطة فلسطين وبوسترات رموز المقاومة المعلقة على الجدران واغاني الوطن التي تبثها كل الفضائيات الفلسطينية بصرف النظر عن ولاءاتها السياسية .

فالوطن فوق السياسة في فلسطين، والسياسة الحقيقية هي التي تتناغم مع روح الوطن وذاكرة الشعب . واغنية هادرة بصوت النجار والبوريني او قصيدة لدرويش والقاسم او عرضا مبدعا لفرقة الفنون الشعبية او لوحة لإسماعيل شموط او رواية لغسان كنفاني او إبراهيم نصر الله او يحيى يخلف يجمع عليها الفلسطينيون متناسين تجاذبات الخطاب السياسي وابواقها النارية .
ومن تجربتي الشخصية في مناظرة جامعية مع احد القيادات صوّت لي اكثر من نصف اتباعه. ولما شقت الفصائلية الفدائية طريقها التف حولها الشعب بقضه وقضيضة، وما ان اختل المسار انتج الشعب قوى جديدة خلقت توازنا أعاد الاعتبار للبدايات والمنطلقات التي امسكت بالتناقض الأساس الذي لا يزول الا بزوال المرحلة التاريخية التي استولدته . فلا يظنن احد ان عقلية القطيع هي الناظم للوعي الفلسطيني او ان الكرباج هو الحاكم والمتحكم الذي ينصاع له الفلسطيني رغم تأثيراتهما . ففلسطين وجدت لتبقى، واجنحة النسر الفلسطيني عصية على الانكسار رغم نتف ريشاتها أحيانا.

العامل السياسي الذاتي
وهنا لا يتم التطرق للمتغيرات الإقليمية وصعود محور المقاومة، ولا الى ميزان القوى العالمي الجديد بعد نهوض الصين وتحالفها مع روسيا وتراجع الهيمنة الامريكية … الخ وانما التقيد بالعامل الفلسطيني ترجمة لمقولة ماوتسي تونغ عن البيضة البيولوجية والبيضة الحجرية وتفقيس الأولى للكتكوت رغم توافر الشرط الموضوعي لكليهما، أي الدجاجة ، وتعاظم فرضية ان الفلسطيني ليس وحده من يقرر مستقبل فلسطين وعللت ذلك في مقالة سابقة .

( السياسة هي الصراع القومي والطبقي) لينين واية صراعات أخرى على صلة . أي الفاعلية السياسية بأساليبها المتعددة سواء في شكلها المؤطر او العفوي في مواجهة الفاعلية السياسية النقيضة سيما الاستعمار المباشر، وبشكل اخص الفصائلية الفدائية فيما يطلق عليه الثورة المعاصرة وتحديداً بعد هزيمة حزيران 67.

لقد مرت في مرحلة أولى دامت أربعة او خمسة أعوام لتأكيد وجود هوية كفاحية وقضية وطنية تجاوزاً لمقولة ( حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وصرف الاعاشة من وكالة الغوث ) واحتواء وطمس الوطنية الفلسطينية من قبل عواصم عربية وبالتالي دفنت مقولة غولدامئير عام 1970 ( اين هو الشعب الفلسطيني )

وجاء مؤتمر القمة العربية 1974 الذي اعترف ب(م.ت.ف) كممثل شرعيي وحيد تتويجا لسنوات من الكفاح العنيد المعمد بتضحيات هائلة .

ون قبل اشتعلت معركة الكرامة حين دفعت قوات الاحتلال بكتائب من الدبابات والمشاة وسلاح الطيران ( لتهشيم البيضة قبل ان تفقس) هذا الشعار الذي نحته تشيرشل للقضاء على ثورة أكتوبر التي قادها لينين 1917 في روسيا القيصرية، والاخفاق وصل حد إقبال الاف المتطوعين الفلسطينيين والعرب للالتحاق بالثورة ، اما مذابح أيلول 1970 في الأردن، والتفاصيل هنا كثيرة ، فهي وان اقتلعت قواعد الثورة وما تبقى منها في تموز 1971 غير ان شجيراتها تغلظت وتسامقت في الجنوب اللبناني . وان خفتت وتيرة النضال في الضفة فقد اشتدت في قطاع غزة، وتراجعها هنا وهناك في النصف الثاني من السبعينات وانقسام الساحة الفلسطينية بعد حرب أكتوبر 1973 والجلسة اليتيمة في جنيف 1974 لم تمنع تعظيم قاعدة الارتكاز في لبنان وتركيم عوامل الصمود في الوطن المحتل واشتعال يوم الأرض 1976 في 48 كمنعطف أشار الى مواجهة شعبية نقشت على راياتها ملامح فلسطينية اصيله.

ومواجهة الليطاني وحرب 1982الذي قاتل فيها الفلسطيني ومعه اللبناني والسوري وحصار بيروت ومذابح صبرا وشاتيلا وحرب المخيمات التي دامت عامين … انها سلسلة من المعارك المتصلة دون ان تستريح الثورة ولو يوم واحد وافضل كتاب يؤرخ لذلك العسكرية الفلسطينية )مازن عز الدين ، تبع ذلك قتال فتح -فتح ….

ان المظهر الرئيس لمسيرة الثورة هو وحدة البنادق رغم ما اعتورها من احتكاكات وصدامات داخلية أحيانا. وكان الدرس العظيم هو الوحدة الميدانية للدفاع عن المخيمات والبندقية رغم الانقسام السياسي ومعارك البداوي وطرابلس… فالذين اقتتلوا في الامس توحدوا اليوم من جديد.

( في لحظة القتال نتوحد وامام المشاريع السياسية ننقسم ) لخص د. جورج حبش. اما الجيشان الانتفاضي الذي دام أربعة أعوام ويزيد في اواخر الثمانينات ( الانتفاضة الأولى ) فكان اعظم مواجهة شعبية على ارض فلسطين انتقلت فيها الجماهير من الدفاع الى الهجوم فتجسدت بحق وحقيق وحدة الدم ووحدة الميدان واقتسام رغيف الخبز بين المطاردين الذين كانوا بالمئات واحتضان الجماهير لنشطاء الانتفاضة ونواتها الصلبة.

ومثلما بلبل مشروع ريغن الإرادة الفلسطينية اورث اتفاق أوسلو الساحة الفلسطينية انقساما عموديا لم تبرأ منه لحد اللحظة بما ارتبط به من التزامات سياسية وامنية .

ولكن من جديد توحدت الإرادة الفلسطينية في احداث النفق 1996 وبلغت مديات واسعة وعميقة في مواجهات 2000
( الانتفاضة الثانية ) التي غلب عليها الطابع المسلح ودامت عدة سنوات . .

لم تكن اللوحة السياسية الفلسطينية ستاتيكية ( جامدة ) اذ طرأ عليها تحولات جوهرية في مرحلة أوسلو، فبانخراط قوى الإسلام المقاوم في انتفاض أواخر الثمانينات انما انضمت تيارات جديدة للمسيرة التحررية وتعاظم وزن هذه القوى في العقدين الأخيرين، الى درجة ان أصبحت العلاقة طردية اذ كلما تراجع وزن فصائل م. ت. ف التي يغلب عليها العلمانية تزايد وزن الإسلام المقاوم ، واليوم يمكن القول ان وزن حماس والجهاد لا يقل عن وزن فتح والشعبية ، وبالتالي انتهت ثنائية فتح والشعبية وحلت ثنائية فتح وحماس بقطع النظر عن الابعاد الثقافية والأيديولوجية ….يمكن العوده لمقالتي السابقه عن الثقافه الفلسطينيه
وهذا بداهة لم يكن منفصلا عن خيار أوسلو الذي انتهجته القيادة الرسمية ( م. ت. ف) دون ان يفضي الى الانسحاب لحدود حزيران 67 ناهيكم انه لم يمنع الاستيطان الاستعماري الزاحف والقافز مع تغيير الطابع الديموغرافي للقدس الشرقية التي أصبحت فيها الاحياء العربية مجرد معازل محاصرة بامتدادات استعمارية لا تقل نسبتها عن 40% من عدد السكان وزهاء ثلاثة ارباع عندما ينظر للقدس بشطريها الشرقي والغربي "كعاصمة ابدية ) حسب الاجماع الصهيوني .

فخيار أوسلو لم يكن اكثر من ( تحسين الأوضاع الاقتصادية فهي اهم من الحلول السياسية ) بيرس في أواسط تسعينات القرن الماضي ومؤلفة الأشهر ( شرق أوسط جديد) صاحب ذلك تراكيب والتزامات.

وفصائل الإسلام المقاوم لم تتقدم كرد فعل على إخفاقات مسار أوسلو الذي وصل طريقا مسدوداً، وانما أيضا لأنها تعمدت في معمعان الكفاح ولهيب التضحيات وقد تناغمت في روحها القتالية مع الإرث الذي صنعته واسسته الثورة المعاصرة الى درجة ان يخوض قطاع غزة أربعة حروب 2008 و2012و2014 وصولا الى محطة أيار التي شهدت قصفاً للعاصمه والمركز ونهوضا شعبيا عارما في كل مكان بما للجماهير الفلسطينية في 48 من خصوصية بل يمكن النظر لهذه المحطه كانطلاقة ثانية لثورة الشعب الفلسطيني الذي سيظل يثور جيلا بعد جيل الى ان تتحرر فلسطين) الشهيد عبد القادر الحسيني

عوامل القوة والضعف في الوضع الفلسطيني

اين تتجه فلسطين

د. احمد قطامش الجزء الثاني والأخير
عامل القوة الأول هو الوجود الموضوعي للشعب ومسيرته التراكمية كما اسلفنا. وعامل القوة الثاني هو الشرط الذاتي الذي شهد نهوضا على امتداد ستة عقود وما قبلئذ بما جعل كل جهود ومخططات كسر عزيمة الشعب وتبديد تطلعه نحو الحرية والتحرير والعودة هباءً منثوراً، فالكف واجه المخرز واصطبر على الالام والعذابات والتضحيات ( 100 الف شهيد منذ 48) وكالة وفا. واضعافهم من الجرحى ومليون اختبروا تجربة الاعتقال ( نادي الأسير) وتشريد طال واستطال وكل صنوف البطش والقهر…
والعامل الثالث هو ولادة أجيال جديدة ، فان رحل جيل الإباء او تعب حل جيل الأبناء والاحفاد خلافا لوهم ( الكبار يموتون والصغار ينسون ) والاجيال الجديدة هي اكثر تعليما ومهارة وابداعا، وهي بلا شك أوسع قاعدة . ويكفي للتدليل على ذلك القاء نظرة على كادرات الشركات والجامعات ووسائل الاعلام وكل اشكال التنظيم المجتمعي وصولا الى الحركة الاسيرة ( نحو 5 الاف اكثر من ثلثيها دون 25 عاما ) .

وهذه الأجيال وضعها التاريخ امام سؤال المستقبل، مستقبل هذه الأجيال ومستقبل الوطن الذي يحتضنها رغم الجهود لتمييعها.
العامل الرابع هو قوة الصمود وقوة الحياة ، فالشعب الفلسطيني حيوي ويتأقلم مع كل الظروف ويعمل في اصعب المهن ويقبل على التعليم ويتزوج وينجب مهما اشتدت المصاعب وضاقت ذات اليد، ويصمد في وطنه وحيثما تواجد ( وطني ليس اجمل وطن ولكن لا وطن آخر اجمل منه ) الشاعر حمزاتوف.

اما عوامل الضعف فاهمها واولها عدم قدرة القيادات السياسية على توحيد صفوفها ولو في حدود المشتركات والقواسم الميدانية ، بما يتوالد عن ذلك من تراشق واتهامات وتعبئة متشنجه وتبديد جهود واضاعة اتجاه . ولافت تماما عجز العقل عن قراءة لوحة التناقضات التي اتقن قراءتها في زمن سابق .

وعامل الضعف الثاني ما ينخر عظام الشعب وقواه المنظمة من أولويات متناقضة اضعفت التضامن ( دون تضامن يهتز كيان الشعب وكيان الطبقة الاجتماعية ) ونمى بالتالي التفتت الذي يقوم على أولوية الهوية المحلية والفرعية وصولا الى الغطس في الجزئيات دون التفات لما هو جمعي ( فصيلي ، صحيفتي ، نقابتي ، فرقتي ، جامعتي ، عائلتي، قريتي ، حارتي …) ومثل هذه الدينامية التفكيكية اشرأبت في مرحلة أوسلو على نقيض الحال في زمن الجيشان الانتفاضي ومعارك المقاومة في الشتات ..

وعامل الضعف الثالث ان التجمعات الفلسطينية الكبرى، وبشكل اخص في الضفة الفلسطينية فيما عدا قطاع غزة ، هي عزلاء الا من ارادتها وصدورها العارية …

وعامل الضعف الرابع ان التزامات أوسلو الأمنية توجب ضبط الوتيرة الكفاحية في حدود النضال الشعبي السلمي .
والخامس انتشار السباق لتحصيل المكاسب الشخصيه ولو بصورة غير مشروعة بما يتطلبه من نصب واحتيال وكذب واستزلام وتسلق وظيفي وكيدية وتلاعبات والأكثر سوءاً هي النخب التي تجيّر مواقعها لخدمة تطلعاتها ومصالحها وجيوبها وصولا الى تبرير استغلال الاخرين والتفريط بالقيم الإيجابية والحقوق الجمعية …

لقد تراجعت قيم البطولة والشهادة والثقة بالمستقبل والاقبال على اللباس المرقط والحذاء بعنق واتسع الإحباط والنفسية المتذمرة واللهاث على البزة القشيبة والحياة الاستهلاكية وربطة العنق.
اين تتجه فلسطين ؟
للإجابة عن هذا السؤال لا يمكن الاكتفاء بما اسلفنا وربط السيناريوهات المحتملة بالعامل الذاتي الفلسطيني فقط ، اذ يتدخل هنا العامل الاستعماري الإسرائيلي وظهيره الإدارة الامريكية من جهة ومحور المقاومة حيث الصراع في الإقليم وعلى الإقليم ، وما فلسطين الا مربع بنيوي في لوحة الصراع من جهة أخرى .

وبالانشداد للعامل الذاتي الفلسطيني يمكن تصور الاحتمالات التالية في الزمن المنظور.

– الاحتمال الأول : استمرار الحال على حاله، وضبط اية تحولات في الاطار الكمي الذي لا يغير المشهد جوهريا ( سلطتان ، خطان سياسيان، دوام أوضاع القوى الفاعلة ، قاعدة فدائية في غزة وارهاصات وكمون في الضفة و 48 ودور فلسطيني في الشتات لا يتجاوز ما هو عليه وتململات في قلاع الاسر بما لها من أصداء ) .. صمود شعبي تتجاذبه عناصر متناقضة …
– الاحتمال الثاني : تحقيق الوحدة الفلسطينية على قاعدة برنامج واحد وقيادة واحدة وقرار واحد سواء استند البرنامج لاستراتيجية وطنية كفاحية او استراتيجية تفاوضية تسووية .

– الاحتمال الثالث : تصاعد وزن قوى ونهج التسوية وتضاؤل وزن قوى ونهج الكفاح ال … او العكس ، بحيث تصبح فاعليةالأقوى حاسمه وقائدة ، وفاعلية الأضعف مجرد صوت احتجاجي او معارضة لا تصنع سياسة .

– الاحتمال الرابع : اعتماد استراتيجية التعايش بين برنامجين متباعدين والذهاب للوحدة الميدانية بما تستدعيه من جهود جماعية ، سواء لعدم قدرة فريق على اقصاء الفريق الاخر، او لمتطلبات الفعل الميداني او لكليهما معا .


وطالما يدور الحديث عن أعوام قليلة ، عامين او ثلاثة فالاحتمال الثاني مستبعد ، ذلك ان قيادة خيار المقاومة مستمرة في خيارها وقيادة خيار التسوية مستمرة في خيارها ، ومستبعد أيضا تبديل هذه القيادات .

اما الاحتمال الأول ففرصة قوية طالما لا تحصل انعطافات من نوع مسار سياسي او مشروع سياسي امريكي لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية ، ولو في حدود إدارة الازمة لا حل الازمة ، بما يصاحب ذلك من مساعدات ووعود واوهام على غرار مناخات اتفاق أوسلو، وحينها يمكن تصور ان يتعزز خيار التسوية . او ارتفاع وتيرة الصراع بين محور المقاومة والسياسة الامريكية – الإسرائيلية وحينها يتعزز خيار المقاومة . وهنا يتداخل الاحتمال الأول والاحتمال الثالث بالنظر لترابط منطقهما الداخلي .

اما الاحتمال الرابع فهو يشترط نظرة جديدة في العقل الفلسطيني بالإفادة من دروس النموذج اللبناني في الثمانينات والتسعينات بعد حرب 1982، حيث تعايشت مقاومة الجنوب مع حكومة بيروت، وما يدور الان في الهند حيث تتعايش القوى التي تحمل السلاح سيما في الشمال الشرقي والجنوب الشرقي(الحزب الماركسي –اللينيني الشعبي )

مع أحزاب أخرى ماركسية برلمانية في ولاية كٍيرلله والبنغال وشتى الولايات، وهذه الأحزاب بمجملها تتعايش مع حزب المؤتمر المنافس القوي للحكم اليميني . وهناك تجارب لاتينية عديدة تقوم على التعايش والتقاطع يمكن الإفادة منها أيضا .
وهذا الاحتمال ( التعايش والوحدة الميدانية ) تستدعيه اكثر ما تستدعيه الاستباحة الاحتلالية لكل ما هو فلسطيني والانغلاق الذي وصل اليه مسار أوسلو. فلا تسوية قريبة سلمية ولا استسلاميه.
وما اكثر القواسم الميدانية ( الدفاع عن ما تبقى من ارض وقدس ومواجهة حصار وهدم وتجويع غزة، ومؤامرة شطب حق العودة وقضية اللاجئين ، الحركة الاسيرة واوجاعها، الحاجة لكل الكفاءات الإدارية وتحسين العملية التعليمية والصحة والتنموية ، ضرورة انتاج ثقافة تقوم عل التعددية واحترام الاخر والمواطنة وضرورة توحيد الجهد الثقافي دفاعا عن الهوية والذاكرة والرواية ، تخفيف الاغتراب والإحباط والهجرة وتزخيم الفخر بالوطن والشعب وعدالة القضية ( انتم اعدل قضية في العالم ) رئيس اتحاد الكتاب التركي الأسبق. ضفر الطاقات لردم الثغرات والتخلص من الاخلالات في مختلف الحقول ، ورعاية افضل للشباب والاستجابة لما امكن من مطالبهم ..

وخاصية القواسم الميدانية انها لا تمسس الخطاب السياسي ومصالح القيادات السياسية وتخفف من الاحتقانات وتحمي ما يتوجب حمايته دعما للصمود وتمهيداً لمرحلة جديدة .

اما فلسطين فهي راسخة بوجودها وشعبها وتطلعاتهم واستعداداتهم، فهي رقم صعب وجدار عالٍ عصية على التبديد والمحو . وهنا ( ينبغي الرهان على القوى الصاعدة ) لين بياو وزير الدفاع الصيني الأسبق ، فالقوى الصاعدة التي لا يمكن وقف آوالية صعودها هي الصين والمعسكر المناهض للهيمنة الامريكية التي هزمت في أفغانستان وتمدد المشروع التحرري اليساري في أمريكا اللاتينية ، اما في الإقليم فمحور المقاومة يوطد خطواته ويطور إمكاناته، رغم ما أصابه من دمار واضرار ، تمهيداً ” للمواجهة الشاملة ” وكل محاولات ضبط الإقليم على الساعة الامريكية تبخرت.

فعقارب الزمن تدور نحو تحرير المزيد من الحلقات من التبعيه للبيت الابيض، وهذا سوف يشمل لا محالة بعض أنظمة التبعية التي ادركت ان نجم أمريكا نحو الافول المتدرج سيما في الشرق الأوسط وانها لم تعد المظلة القادرة على حماية توابعها .
فمركز الثقل في السياسة الخارجية الامريكية اليوم هي المحيط الهندي والهادئ لمحاصرة الصين وقطع الطريق على القوة الاقتصادية والتكنولوجية المؤهلة لمنافسة أمريكا ( يبلغ حجم الإنتاج القومي الصيني بالأسعار العالمية 22 تريليون $معادلا او متخطيا حجم الإنتاج الأمريكي يضاف له رصيد 3.5 تريليون$ فيما مديونية أمريكا تعادل حجم انتاجها، وفيما تخصص أمريكا 750 مليار دولار كموازنة عسكرية تكتفي الصين بتخصيص 280 مليار لتحديث جيشها النووي الذي يتفوق في سلاح البحرية ويقوم بمناورات مشتركة مع الجيش الروسي بموازنته التي لا تصل 50 مليار ولكنه يتفوق في منظومات عسكرية متنوعة ( لا داعي ان تدخلوا في سباق معنا فلن تتفوقوا علينا ) شويغو وزير الدفاع الروسي …

لم تنفك أمريكا القوة الأولى اقتصاديا وتكنولوجيا وعسكريا واعلاميا ولكنها امبراطورية مأزومه لم تحرز أي نجاح في العقد الأخير وتناقضاتها الداخلية تتفاقم.

وزيارات مبعوثها ووزير خارجيتها للمنطقة والمقاطعة في رام الله كشفت ان جعبتها فارغة على صعيد التسوية والحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية والشعب بمختلف تياراته وقواعده يقف امام لحظة الحقيقه، حقيقة انه ( لا يحرث الأرض الا عجولها). وهذا بلا ريب يصب في طاحونة خيار المقاومة باشكالها ..

وختاما من غير المتوقع حصول تغيرات دراماتيكية في الأشهر المقبلة، فالجميع لا يضع الحراب على رأس الاجندة. وبعدئذ يكون لكل حادث حديث.

 
شريط الأخبار الحكومة تقر نظام معدل لترخيص شركات الصرافة قرار مرتقب لتخفيض مدة رخصة القيادة العمومي إلى سنة واحدة سقف لتأجير الأراضي في منطقة وادي عربة لغايات الاستثمار إسرائيل تقبل وقف إطلاق النار مع إيران إذا وافق خامنئي على ذلك الموافقة على إعفاء حافلات سورية داخلة للأردن من بدل دعم المحروقات شريطة المعاملة بالمثل انتحاري يفجر نفسه في كنيسة بدمشق... وعدد الضحايا 20 (فيديو) هل تغلق إيران مضيق هرمز امام العالم الحرس الثوري الإيراني يتوعد واشنطن برد "موجع" خارج حساباتها الأردن: مركبة لكل 6 أشخاص وهذه نسبة الوفيات سنوياً الملك يترأس اجتماعا مع رؤساء السلطات وقادة الأجهزة الأمنية العبادي: الفرس نفسهم طويل ويختلفون عن العرب البنك الأردني الكويتي يستضيف جلسة نقاشية توعية بعنوان"آفة المخدرات وجهود المكافحة ومخاطر الإدمان" زين الأردن تطلق ذراعها التأميني "زين إنشور" بالتعاون مع مجموعة الخليج للتأمين – الأردن تهكير (واتس اب) مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء د. نزار المهيدات بدء استقبال طلبات الترشح لجائزة "الضمان" للتميز بالصحة والسلامة المهنية عبر البالونات والمناطيد... الأمن يضبط كميات مخدرات لاحدى الدول "تنشيط السياحة": الظروف الإقليمية انعكست بشكل مباشر على القطاع السياحي بسبب الصواريخ .. سارة نتنياهو في الملجأ هذا ما قاله "بيل كلينتون" عن ضربة ترامب لايران طوقان يفزع الأردنيين بـ"يود البوتاسيوم".. فما القصة؟