يعد الإصلاح التشريعي أحد أبرز أدوات ومكونات السعي نحو عملية الإصلاح بمفهومها الواسع بما في ذلك الإصلاح السياسي. وتشمل عملية الإصلاح التشريعي إعادة النظر بصورة شمولية معمقة بمراحل العملية التشريعية كافة، ابتداءً من إعداد التشريعات وإصدارها ونشرها ومن ثم تنفيذها.
تحديات عديدة تواجه عملية الإصلاح التشريعي، وتشكل عوائق أمام النهوض بهذا المكون الأساسي من مكونات العملية الإصلاحية التي تشمل مناحي الحياة كافةً، وتؤدي بالنتيجة إلى إحداث تغيير على مستوى السياسات والممارسات يجد المواطن أثرها الملموس على حياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ومن أبرز هذه التحديات التضخم التشريعي وما ينتج عنه من تداخل الاختصاصات وتعدد المرجعيات وتوسيع نطاق الملاحقة الجزائية في العديد من الأحيان.
تعد التجربة الفرنسية من التجارب الدولية المقارنة التي ادركت مبكرًا أهمية الحد من التضخم التشريعي؛ فسعت في سبيل ذلك إلى اعتماد آليات عدة، منها بناء التشريعات استنادًا إلى دراسات الأثر التشريعي التي تبين الحاجة الفعلية للقانون، والأثر الإيجابي الذي سيعكسه على المجتمع وحياة الأفراد. بالإضافة إلى التركيز على دور الرقابة الدستورية في الحد من هذا التضخم، وعلى اهمية المشاورات المسبقة مع الجهات ذات العلاقة بالقانون ومع المجتمع المدني بمكوناته كافة.
في الواقع عديدة هي القضايا ذات العلاقة بالشأن التشريعي وعملية النهوض بالمنظومة التشريعية بصورة عامة، إلا ان التضخم التشريعي قد لعب دورًا محوريًا في إضعاف البنية القانونية في الأردن؛ نظرًا لإعداد وإقرار تشريعات لا تشكل ضرورة لازمة في المجتمع ولا تترك آثارًا ايجابية في حياة الأفراد والجهات، لا بل على العكس من ذلك فإنها شكلت عبئًا على الفرد وعلى الدولة عمومًا، الأمر الذي استدعى تعديلات متلاحقة لبعض التشريعات، ووجود مطالبات متكررة من الأفراد أو من قبل المؤسسات المختصة أو منظمات المجتمع المدني بضرورة إلغاء بعض هذه التشريعات والنصوص القانونية الواردة في بعضها.
إن النهوض بإصلاح متكامل، يأخذ بالاعتبار المتطلبات كافةً للوصول إلى هذه العملية وأن تؤتي ثمارها، يتطلب دراسة متأنيةً ومراجعةً شمولية للتشريعات وضمن مصفوفات تؤدي إلى إزالة أي تشوهات تشريعية، وذلك كخطوة في الطريق نحو إلى إصلاح تشريعي يحقق مزيدًا من العدالة والإنصاف تثبتًا لدولة القانون والحق.