مشاريع مستعجلة أمام وزير السياحة
مع تكليف دولة الرئيس لوزير سياحة من رحم القطاع السياحي فان الحديث عن وزراء الكوتا و"المرضوة " هو من الماضي وأصبح على كاهل مدير هيئة تنشيط السياحة سابقا ومعالي الوزير الحالي مواجهة تحديات تطوير قطاع السياحة والآثار والذي يساهم ب 13% من الدخل الوطني. ولن تكون هذه المهمة بيسيرة في وقت تراجعت فيه السياحة العالمية والإقليمية بشكل خاص استجابة للأحداث التي تمر بها دول الإقليم. ويتوقع من معالي الوزير مواجهة تحدي تنشيط السياحة وفي نفس الوقت السير قدما في مرحلة لتطوير القطاع تحمل الملامح الرئيسة التالية:
أولا: مرحلة استكمال التوجه لعصر السياحة البيئية التي من شأنها إحداث تنمية اقتصادية اجتماعية مستدامة وتعمل في نفس الوقت على صون الإرث الحضاري والموروث الثقافي الشعبي الملموس وغير الملموس وحماية التنوع الحيوي. وبالرغم من التوجه العالمي نحو السياحة البيئية إلا ان منتج السياحة البيئية في الأردن ما زال أمامه شوط طويل ليقطعه، وتقف وزارة السياحة أمام نموذج ريادي للسياحة البيئية تقوده الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في المحميات الطبيعية ونماذج عالمية أخرى يمكن الاستفادة منها. أما القول بأن نموذج المحميات الطبيعية لا يتطابق مع المواقع الأثرية فهو مغالطة لأن صون وحماية الآثار والإرث الحضاري هو أحد أهم الأولويات الوطنية في وقت أصبح فيه الصراع يتمركز حول الهوية قبل كل شيء.
ثانيا: مرحلة التوجه لزيادة مواقع الإرث الحضاري المعتمدة من اليونسكو لما لها من مردود ايجابي كبير على الهوية الحضارية الأردنية وزيادة الاهتمام الدولي وتمويل وتوثيق الآثار والإرث الحضاري الغني في الأردن. ومن هذه المشاريع النجاح في الترشيح الثالث الذي يمثل الفرصة الأخيرة لمدينة جرش الأثرية والعمل على ترشيح مواقع أخرى مثل درب الحج الشامي ومحمية ضانا ومدينة السلط والطريق الملوكي وحلف مدن الديكابوليس وغيرها. وتحتاج هذه المرحلة الى تشكيل لجنة وطنية متخصصة ترتبط بالوزارة ومكتب منظمة اليونسكو تقوم بدراسة وتأهيل مواقع جديدة لأدراجها على قائمة اليونسكو.
ثالثا: مرحلة تطوير المنتج السياحي الحضاري الفريد بشكل مستدام وعدم الاكتفاء بالقائم من المواقع الأثرية ومن أشكال هذا المنتج الدروب والمسارات التاريخية التالية:
1- الطريق الملوكي المؤرخ للقرن الثاني عشر قبل الميلاد وهو الطريق الأقدم على وجه الكوكب حيث ورد ذكره في رسالة النبي موسى الى ملوك الممالك السامية ( الأيدومية والمؤآبية والعمورية والعمونية ) في أسفار العهد القديم (عدد 21 ). يضاف الى ذلك طريق تراجان الروماني الذي يعود لبدايات القرن الثاني(111-114 م) والذي بني في كثير من أجزاءه على بقايا الطريق الملوكي وطرق القوافل النبطية.
2- مسار درب الحج الشامي التاريخي الذي يعود لنهايات لقرن الثامن والذي ما زالت قلاعه ومحطاته باقية مثل محطة المفرق والمحطة في عمان وبركة وقلاع زيزياء وضبعه والقطرانة واللجون وجرف الدراويش وعنيزة وقلعة الحسا ومحطة معان وفصوعة والمدورة وغيرها الكثير. ويشمل هذا المسار بالضرورة مسار سكة الحديد الحجازي الذي يعود للعام 1908 واللصيق العلاقة مع الثورة العربية الكبرى وتاريخ الأردن الحديث. ويمكن لمسار درب الحج الشامي تقديم منتج فريد على المستوى العالمي.
3- تطوير منتج السياحة الإسلامية مثل مسارات مقامات الأنبياء وقبور الصحابة ومواقع الفتح والمعارك الإسلامية في مؤتة واليرموك وطبقة فحل وجبل موقعة التحكيم في أذرح إضافة الى رحلة الرسول الأعظم صلوات الله علية الى الشام مرورا بالأردن والمذكورة في القرآن الكريم باسم " رحلة الشتاء والصيف ". كما انه يشمل بلدة الحميمة عاصمة الدولة العباسية الأولى ومولد ثلاثة من الخلفاء العباسيين.
4- تطوير درب الحج المسيحي الغني بأدب الرحالة والحجاج ليشمل موقع المغطس وتل النبي الياس وجبل نيبو ومأدبا وأم الرصاص ومكاور وحسبان وغيرها من الكنائس.
5- إحياء درب البخور والقوافل النبطية التي جابت العالم مقدمة مع بخورها حضارة عربية وارثا ما زال يدرس في جامعات العالم. ويمكن لهذا المسار كما غيره من المسارات ان يحتوي على محطات سياحة حضارية تدر دخلا وتحدث تنمية مستدامة للمجتمعات المحلية.
6- مسار حلف الديكابوليس ( المدن العشر) والذي يشمل فيلادلفيا "عمان" وجيراسا "جرش" وارابيلا "اربد" وكابيتولياس "بيت راس" وجيدارا "ام قيس" وبيلا "طبقة فحل" وأبيلا "قويلبه". وسيكون منتجا فريدا يمكن السائح من زيارة سبع من هذه المدن في رحلة واحدة ليومين وهو أمر يطمح الكثيرون لانجازه.
رابعا: مرحلة التشبيك والتطوير الإداري ذات الأولوية: وتشتمل هذه المرحلة على التوجهات التالية:
1- تقديم مقترح جديد لقانون السياحة يكون بمستوى تطور السياحة العالمية ويشارك في صياغته القطاع الخاص وخبراء السياحة ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة بحيث يشمل كافة أشكال المنتج السياحي. ويفترض ان يشمل القانون الجديد فئة عريضة من القطاع السياحي ألا وهي سائقي السيارات السياحية الناقلين للسياح والذي يتجاوز عددهم سبعمائة سائق لا سلطة لأحد عليهم سوى شرطة السير.
2- تشبيك وتوحيد جهود هيئة تنشيط السياحة والوزارة ودائرة الآثار العامة والقطاع الخاص والجامعات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة من خلال إستراتيجية وطنية موسعة للسياحة تنبثق عنها خطط عمل تنفيذية بمراحل ومهام وتكليفات واضحة المعالم تبقى منهجا تسير عليه وزارة السياحة مهما تغير الوزراء. كما انه يتوقع من الوزارة أن تتقدم بمقترح قانون لحماية وصون الإرث الحضاري في الأردن.
3- وأخيرا فأن مشروع تفويض دائرة الآثار العامة بصلاحياتها القانونية واختيار مدير عام يتمتع بخبرة فنية وإدارية في صون الآثار والإرث الحضاري هو أولوية قصوى. كما ان استحداث وزارة مستقلة تحت مسمى وزارة الآثار والإرث الحضاري سيبقى مطلبا ملحا أمام الحكومات القادمة.
يوسف رشيد زريقات
خبير سياحة
رئيس الجمعية الأردنية لتنمية وتطوير الإرث الحضاري ( جهد )
tourismyousef@gmail.com
مع تكليف دولة الرئيس لوزير سياحة من رحم القطاع السياحي فان الحديث عن وزراء الكوتا و"المرضوة " هو من الماضي وأصبح على كاهل مدير هيئة تنشيط السياحة سابقا ومعالي الوزير الحالي مواجهة تحديات تطوير قطاع السياحة والآثار والذي يساهم ب 13% من الدخل الوطني. ولن تكون هذه المهمة بيسيرة في وقت تراجعت فيه السياحة العالمية والإقليمية بشكل خاص استجابة للأحداث التي تمر بها دول الإقليم. ويتوقع من معالي الوزير مواجهة تحدي تنشيط السياحة وفي نفس الوقت السير قدما في مرحلة لتطوير القطاع تحمل الملامح الرئيسة التالية:
أولا: مرحلة استكمال التوجه لعصر السياحة البيئية التي من شأنها إحداث تنمية اقتصادية اجتماعية مستدامة وتعمل في نفس الوقت على صون الإرث الحضاري والموروث الثقافي الشعبي الملموس وغير الملموس وحماية التنوع الحيوي. وبالرغم من التوجه العالمي نحو السياحة البيئية إلا ان منتج السياحة البيئية في الأردن ما زال أمامه شوط طويل ليقطعه، وتقف وزارة السياحة أمام نموذج ريادي للسياحة البيئية تقوده الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في المحميات الطبيعية ونماذج عالمية أخرى يمكن الاستفادة منها. أما القول بأن نموذج المحميات الطبيعية لا يتطابق مع المواقع الأثرية فهو مغالطة لأن صون وحماية الآثار والإرث الحضاري هو أحد أهم الأولويات الوطنية في وقت أصبح فيه الصراع يتمركز حول الهوية قبل كل شيء.
ثانيا: مرحلة التوجه لزيادة مواقع الإرث الحضاري المعتمدة من اليونسكو لما لها من مردود ايجابي كبير على الهوية الحضارية الأردنية وزيادة الاهتمام الدولي وتمويل وتوثيق الآثار والإرث الحضاري الغني في الأردن. ومن هذه المشاريع النجاح في الترشيح الثالث الذي يمثل الفرصة الأخيرة لمدينة جرش الأثرية والعمل على ترشيح مواقع أخرى مثل درب الحج الشامي ومحمية ضانا ومدينة السلط والطريق الملوكي وحلف مدن الديكابوليس وغيرها. وتحتاج هذه المرحلة الى تشكيل لجنة وطنية متخصصة ترتبط بالوزارة ومكتب منظمة اليونسكو تقوم بدراسة وتأهيل مواقع جديدة لأدراجها على قائمة اليونسكو.
ثالثا: مرحلة تطوير المنتج السياحي الحضاري الفريد بشكل مستدام وعدم الاكتفاء بالقائم من المواقع الأثرية ومن أشكال هذا المنتج الدروب والمسارات التاريخية التالية:
1- الطريق الملوكي المؤرخ للقرن الثاني عشر قبل الميلاد وهو الطريق الأقدم على وجه الكوكب حيث ورد ذكره في رسالة النبي موسى الى ملوك الممالك السامية ( الأيدومية والمؤآبية والعمورية والعمونية ) في أسفار العهد القديم (عدد 21 ). يضاف الى ذلك طريق تراجان الروماني الذي يعود لبدايات القرن الثاني(111-114 م) والذي بني في كثير من أجزاءه على بقايا الطريق الملوكي وطرق القوافل النبطية.
2- مسار درب الحج الشامي التاريخي الذي يعود لنهايات لقرن الثامن والذي ما زالت قلاعه ومحطاته باقية مثل محطة المفرق والمحطة في عمان وبركة وقلاع زيزياء وضبعه والقطرانة واللجون وجرف الدراويش وعنيزة وقلعة الحسا ومحطة معان وفصوعة والمدورة وغيرها الكثير. ويشمل هذا المسار بالضرورة مسار سكة الحديد الحجازي الذي يعود للعام 1908 واللصيق العلاقة مع الثورة العربية الكبرى وتاريخ الأردن الحديث. ويمكن لمسار درب الحج الشامي تقديم منتج فريد على المستوى العالمي.
3- تطوير منتج السياحة الإسلامية مثل مسارات مقامات الأنبياء وقبور الصحابة ومواقع الفتح والمعارك الإسلامية في مؤتة واليرموك وطبقة فحل وجبل موقعة التحكيم في أذرح إضافة الى رحلة الرسول الأعظم صلوات الله علية الى الشام مرورا بالأردن والمذكورة في القرآن الكريم باسم " رحلة الشتاء والصيف ". كما انه يشمل بلدة الحميمة عاصمة الدولة العباسية الأولى ومولد ثلاثة من الخلفاء العباسيين.
4- تطوير درب الحج المسيحي الغني بأدب الرحالة والحجاج ليشمل موقع المغطس وتل النبي الياس وجبل نيبو ومأدبا وأم الرصاص ومكاور وحسبان وغيرها من الكنائس.
5- إحياء درب البخور والقوافل النبطية التي جابت العالم مقدمة مع بخورها حضارة عربية وارثا ما زال يدرس في جامعات العالم. ويمكن لهذا المسار كما غيره من المسارات ان يحتوي على محطات سياحة حضارية تدر دخلا وتحدث تنمية مستدامة للمجتمعات المحلية.
6- مسار حلف الديكابوليس ( المدن العشر) والذي يشمل فيلادلفيا "عمان" وجيراسا "جرش" وارابيلا "اربد" وكابيتولياس "بيت راس" وجيدارا "ام قيس" وبيلا "طبقة فحل" وأبيلا "قويلبه". وسيكون منتجا فريدا يمكن السائح من زيارة سبع من هذه المدن في رحلة واحدة ليومين وهو أمر يطمح الكثيرون لانجازه.
رابعا: مرحلة التشبيك والتطوير الإداري ذات الأولوية: وتشتمل هذه المرحلة على التوجهات التالية:
1- تقديم مقترح جديد لقانون السياحة يكون بمستوى تطور السياحة العالمية ويشارك في صياغته القطاع الخاص وخبراء السياحة ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة بحيث يشمل كافة أشكال المنتج السياحي. ويفترض ان يشمل القانون الجديد فئة عريضة من القطاع السياحي ألا وهي سائقي السيارات السياحية الناقلين للسياح والذي يتجاوز عددهم سبعمائة سائق لا سلطة لأحد عليهم سوى شرطة السير.
2- تشبيك وتوحيد جهود هيئة تنشيط السياحة والوزارة ودائرة الآثار العامة والقطاع الخاص والجامعات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة من خلال إستراتيجية وطنية موسعة للسياحة تنبثق عنها خطط عمل تنفيذية بمراحل ومهام وتكليفات واضحة المعالم تبقى منهجا تسير عليه وزارة السياحة مهما تغير الوزراء. كما انه يتوقع من الوزارة أن تتقدم بمقترح قانون لحماية وصون الإرث الحضاري في الأردن.
3- وأخيرا فأن مشروع تفويض دائرة الآثار العامة بصلاحياتها القانونية واختيار مدير عام يتمتع بخبرة فنية وإدارية في صون الآثار والإرث الحضاري هو أولوية قصوى. كما ان استحداث وزارة مستقلة تحت مسمى وزارة الآثار والإرث الحضاري سيبقى مطلبا ملحا أمام الحكومات القادمة.
يوسف رشيد زريقات
خبير سياحة
رئيس الجمعية الأردنية لتنمية وتطوير الإرث الحضاري ( جهد )
tourismyousef@gmail.com