مَنْ يتآمر على مَنْ...؟؟
حسان الرواد
يبدو أن المؤامرة هي مفهوم عربي بحت أجاد النظام العربي الرسمي استخدامها ببراعة واحتراف طيلة العقود الماضية وتحديدا منذ اغتصاب فلسطين لتبرير فعل أي شيء وكل شيء من أجل البقاء في الحكم حتى النهاية وإقصاء كل من يحاول التغيير تحت هذا المبدأ, متجاوزين كل القوانين والأخلاقيات بحجة إفشال تلك المؤامرات التي تستهدف البلاد وأمن العباد دون أن يكون لها أي نهاية منظورة, فلا يتوقف الحديث عن المؤامرة أبدا ماداموا على رأس السلطة فنحن من وجهة نظرهم دائما مستهدفون...
وما بين تلك المؤامرات التي لا تنتهي يعيش الإنسان العربي حياة البؤس والشقاء التهميش والإقصاء والتخلف الممنهج المقصود, وعليه أن يبقى صامتا كي لا يكون جزءا من هذه المؤامرة المفتوحة فيُتهم عندها بالخيانة العظمى...فكانت النتيجة أن مُنعت الحريات وكممت الأفواه وغابت العدالة وألغيت حرية التفكير والإبداع؛ فتأخرت التنمية في بلادنا واختلت طبقات المجتمع, ونهب المال العام, وتراجع مستوى التعليم بكافة مراحله بشكل واضح وكبير, وتراجعت مكانة العلم والعلماء عند الأنظمة ليتربع تلك المكانة وبامتياز الغناء والطرب فكثرت المهرجانات الغنائية ومسابقات الغناء التي أنفق عليها من أموال الشعب ما لا ينفق ربعه على التعليم, والنتيجة هجرة العلماء والكفاءات للبلاد الغربية التي أحسنت توفير ودعم أسباب هجرتهم وأحسنت بعد ذلك استقبالهم والاستفادة من إبداعاتهم...أما نحن فحزنا على نجوم الغناء وإبداعاتهم الشهوانية المخدرة...وبكل فخر أصبحت مكانتنا العلمية على مستوى خارطة البحث العلمي في العالم صفر..فبات الفقر والتخلف والمجاعات سمة يتميز بها الشعب العربي.
لكن هل هنالك مؤامرات تستهدف العرب كما يحلو للبعض وصف الربيع العربي بالمؤامرة الكبرى التي تستهدف العرب جميعهم وتستهدف ثرواتهم وخيراتهم...؟
في واقع الأمر تعرض الشعب العربي لمؤامرات كبرى عبر تاريخه المعاصر ولعل أهم تلك المؤامرات تمثلت باحتلال فلسطين وضياعها وتشريد الملايين من أهلها, وهي أم المؤامرات بدون شك...أما المؤامرة والمصيبة الأخرى التي حلت ثانيا علينا فهي أنظمة الحكم والاستبداد التي حكمت بالحديد والنار...وهنا علينا أن نسأل..من جلب الويلات والمصائب للأمة...؟ ومن يتحمل ما حدث ويحدث للوطن العربي من تخلف وانقسام...؟ من المسؤول عن تبديد ثروات العرب وخيراتهم...؟ من سلم العراق بعد فلسطين للاحتلال...؟ من أوصل الشعوب لهذه الدرجة من الإحباط واليأس الشديد...؟ بل من صنع مجتمعات الكراهية وعززها وحرص على تغذيتها وتركها الورقة الرابحة دائما ليضمن البقاء ولو على دماء الشعب الواحد الذي لا يلتقي إلا عند نقطة واحدة هي بقاء النظام...؟
وعندما يتساءل المواطن العربي عن المستفيد الأول من بقاء تلك الأنظمة...؟ فلن يجد بناءً على هذا الواقع الموجود سوى (إسرائيل) ولا غيرها...فكيف تتآمر (إسرائيل) وحلفائها على أنظمة منحتها الأمن والاستقرار والتطور والقوة على مدار احتلالها لفلسطين, فمن ناحية قامت تلك الأنظمة على القمع والاستبداد من خلال فرض قوانين الطوارئ والأحكام العرفية وتقييد الحريات بحجة نظرية المؤامرة المستمرة والمواجهة مع (إسرائيل) فتراجع مستوى المعيشة وغابت العدالة وانعدمت الحرية وذهبت الكرامة وتخلفت البلاد وأفقرت الشعوب؛ أما النتائج فكانت ضياع كل فلسطين وعلو (إسرائيل) سياسيا واقتصاديا وعلميا وعسكريا...
ولو عدنا للمنطق والعقل لكان الأولى (بإسرائيل) أن تفرض هي الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ وتُقيد الحريات وتكمم الأفواه بحجة أنها مرفوضة من كل الدول العربية التي تناصبها العداء وتحيك لها المؤامرات وتسلح الجيوش وتجوع الشعوب للانقضاض عليها...؟؟؟ لكنهم يعلمون ما لا تعلمه الشعوب المغلوبة على أمرها...؟ فأطلقت (إسرائيل) الحريات وأعطت هامشا واسعا من الحرية لا تتمتع به حتى الدول الديمقراطية, واهتمت بالتعليم وأولت البحث العلمي اهتماما بالغا وحظيت جامعاتها بالمراكز الأولى على مستوى العالم, كما أن العدالة الغائبة عن بلادنا كان لها نصيبا عندهم فلا يوجد من هو فوق القانون حتى الرئيس نفسه يحاكم وهو على رأس عمله...
فمن هو المتآمر ...؟ هل هي الشعوب التي ضاقت ذرعا بحكام ملكوا كل شيء ونصبوا أنفسهم آلهة من دون الله متفردين بمصير الشعوب وأوطانهم وثرواتهم...أم هم الحكام أنفسهم الذين أوصلوا شعوبهم لدرجة عدم مبالاتهم بنصرة من استعمرهم بالأمس القريب... ؟ علينا أن نسأل في نهاية المشهد مَنْ تآمر على مَنْ...؟؟
rawwad2010@yahoo.com
حسان الرواد
يبدو أن المؤامرة هي مفهوم عربي بحت أجاد النظام العربي الرسمي استخدامها ببراعة واحتراف طيلة العقود الماضية وتحديدا منذ اغتصاب فلسطين لتبرير فعل أي شيء وكل شيء من أجل البقاء في الحكم حتى النهاية وإقصاء كل من يحاول التغيير تحت هذا المبدأ, متجاوزين كل القوانين والأخلاقيات بحجة إفشال تلك المؤامرات التي تستهدف البلاد وأمن العباد دون أن يكون لها أي نهاية منظورة, فلا يتوقف الحديث عن المؤامرة أبدا ماداموا على رأس السلطة فنحن من وجهة نظرهم دائما مستهدفون...
وما بين تلك المؤامرات التي لا تنتهي يعيش الإنسان العربي حياة البؤس والشقاء التهميش والإقصاء والتخلف الممنهج المقصود, وعليه أن يبقى صامتا كي لا يكون جزءا من هذه المؤامرة المفتوحة فيُتهم عندها بالخيانة العظمى...فكانت النتيجة أن مُنعت الحريات وكممت الأفواه وغابت العدالة وألغيت حرية التفكير والإبداع؛ فتأخرت التنمية في بلادنا واختلت طبقات المجتمع, ونهب المال العام, وتراجع مستوى التعليم بكافة مراحله بشكل واضح وكبير, وتراجعت مكانة العلم والعلماء عند الأنظمة ليتربع تلك المكانة وبامتياز الغناء والطرب فكثرت المهرجانات الغنائية ومسابقات الغناء التي أنفق عليها من أموال الشعب ما لا ينفق ربعه على التعليم, والنتيجة هجرة العلماء والكفاءات للبلاد الغربية التي أحسنت توفير ودعم أسباب هجرتهم وأحسنت بعد ذلك استقبالهم والاستفادة من إبداعاتهم...أما نحن فحزنا على نجوم الغناء وإبداعاتهم الشهوانية المخدرة...وبكل فخر أصبحت مكانتنا العلمية على مستوى خارطة البحث العلمي في العالم صفر..فبات الفقر والتخلف والمجاعات سمة يتميز بها الشعب العربي.
لكن هل هنالك مؤامرات تستهدف العرب كما يحلو للبعض وصف الربيع العربي بالمؤامرة الكبرى التي تستهدف العرب جميعهم وتستهدف ثرواتهم وخيراتهم...؟
في واقع الأمر تعرض الشعب العربي لمؤامرات كبرى عبر تاريخه المعاصر ولعل أهم تلك المؤامرات تمثلت باحتلال فلسطين وضياعها وتشريد الملايين من أهلها, وهي أم المؤامرات بدون شك...أما المؤامرة والمصيبة الأخرى التي حلت ثانيا علينا فهي أنظمة الحكم والاستبداد التي حكمت بالحديد والنار...وهنا علينا أن نسأل..من جلب الويلات والمصائب للأمة...؟ ومن يتحمل ما حدث ويحدث للوطن العربي من تخلف وانقسام...؟ من المسؤول عن تبديد ثروات العرب وخيراتهم...؟ من سلم العراق بعد فلسطين للاحتلال...؟ من أوصل الشعوب لهذه الدرجة من الإحباط واليأس الشديد...؟ بل من صنع مجتمعات الكراهية وعززها وحرص على تغذيتها وتركها الورقة الرابحة دائما ليضمن البقاء ولو على دماء الشعب الواحد الذي لا يلتقي إلا عند نقطة واحدة هي بقاء النظام...؟
وعندما يتساءل المواطن العربي عن المستفيد الأول من بقاء تلك الأنظمة...؟ فلن يجد بناءً على هذا الواقع الموجود سوى (إسرائيل) ولا غيرها...فكيف تتآمر (إسرائيل) وحلفائها على أنظمة منحتها الأمن والاستقرار والتطور والقوة على مدار احتلالها لفلسطين, فمن ناحية قامت تلك الأنظمة على القمع والاستبداد من خلال فرض قوانين الطوارئ والأحكام العرفية وتقييد الحريات بحجة نظرية المؤامرة المستمرة والمواجهة مع (إسرائيل) فتراجع مستوى المعيشة وغابت العدالة وانعدمت الحرية وذهبت الكرامة وتخلفت البلاد وأفقرت الشعوب؛ أما النتائج فكانت ضياع كل فلسطين وعلو (إسرائيل) سياسيا واقتصاديا وعلميا وعسكريا...
ولو عدنا للمنطق والعقل لكان الأولى (بإسرائيل) أن تفرض هي الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ وتُقيد الحريات وتكمم الأفواه بحجة أنها مرفوضة من كل الدول العربية التي تناصبها العداء وتحيك لها المؤامرات وتسلح الجيوش وتجوع الشعوب للانقضاض عليها...؟؟؟ لكنهم يعلمون ما لا تعلمه الشعوب المغلوبة على أمرها...؟ فأطلقت (إسرائيل) الحريات وأعطت هامشا واسعا من الحرية لا تتمتع به حتى الدول الديمقراطية, واهتمت بالتعليم وأولت البحث العلمي اهتماما بالغا وحظيت جامعاتها بالمراكز الأولى على مستوى العالم, كما أن العدالة الغائبة عن بلادنا كان لها نصيبا عندهم فلا يوجد من هو فوق القانون حتى الرئيس نفسه يحاكم وهو على رأس عمله...
فمن هو المتآمر ...؟ هل هي الشعوب التي ضاقت ذرعا بحكام ملكوا كل شيء ونصبوا أنفسهم آلهة من دون الله متفردين بمصير الشعوب وأوطانهم وثرواتهم...أم هم الحكام أنفسهم الذين أوصلوا شعوبهم لدرجة عدم مبالاتهم بنصرة من استعمرهم بالأمس القريب... ؟ علينا أن نسأل في نهاية المشهد مَنْ تآمر على مَنْ...؟؟
rawwad2010@yahoo.com