محاربة الفساد وتحديد الهوية الوطنية وتنمية المحافظات
يعيش الأردن ربيعه العربي بنموذج فريد في المنطقة. فالإصلاح في الأردن هو مطلب القيادة بقدر ما هو مطلب الشعب. وجلالة الملك عبدالله الثاني يدعو الأردنيين منذ توليه سلطاته الدستورية, الى الانتظام في أحزاب برامجية ضمن منابر فكرية معدودة تساعد في الوصول الى الحكومات البرلمانية. وجاءت آخر هذه الدعوات في خطبة العرش عند افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة للعام 2011 - .2012
يسير الإصلاح السياسي, إذاَ, بثبات, نحو الهدف الذي وضعه جلالة الملك. وهو الوصول الى الحكومة البرلمانية من خلال تمثيل الأحزاب في مجلس النواب, وبالتالي تشكيل الحكومات من الأغلبية النيابية المطلقة. ويبدأ, بذلك, عهد تداول الموالاة والمعارضة على أسس واضحة.
ويشهد الأردن حراكاً شعبياً يطالب بالإسراع في الإصلاح, ومحاربة الفساد, وتحديد الهوية الوطنية الأردنية, وعودة الولاية الدستورية العامة الى مجلس الوزراء كاملة غير منقوصة, وحصر مهام الأجهزة الامنية في المحافظة على أمن الأردن واستقراره والابتعاد عن التدخل في العمل السياسي.
وتتفق القيادة مع الشعب في هذه المطالب, وتحث القيادة الحكومات على العمل بجدية وبسرعة لتحقيقها. وبنظرة سريعة, سوف نلاحظ التوافق القائم بين مطالب الحراك الشعبي وبين اتجاهات خطبة العرش.
وفيما يتصل بقضايا الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي, تختلف وجهات النظر في البلاد. فهناك من يريد العودة الى الاقتصاد الموجه بقيادة القطاع العام, وآخرون يدعون الى تطبيق نظام السوق الحر, بينما يتبنى فريق ثالث رأيا وسطا يرى إخضاع نظام السوق الحر إلى ضوابط اجتماعية وقوانين تمنع الإحتكار والاستغلال.
وعلى خلاف الآراء, يتفق الجميع على أهمية دور القطاع الخاص, وضرورة بناء شراكة حقيقية واضحة بينه وبين القطاع العام, تحدد بموجبها واجبات كل قطاع ومسؤولياته ليتمكن من اداء دوره الكامل لتحقيق الرفاه والحياة الكريمة للمواطنين.
كما يتفق الجميع على ضرورة التركيز على أولوية تنمية المحافظات وإعطاء دور أكبر لكل محافظة في تحديد أولوياتها ومشاريعها من دون تدخل من الحكومة المركزية.
إن هذه الخلافات في وجهات النظر صحية ومفيدة. وهي تشكل العنصر الأساسي على برامج الاحزاب المتنافسة. وسوف تحدد صناديق الاقتراع أي هذه البرامج هو الذي سيفوز بثقة المواطنين, ويصبح, بالتالي, محور السياسة الرسمية لحكومة الأغلبية البرلمانية.
وهناك من يشكك في نية الحكومة في التطبيق الدقيق للتعديلات الدستورية وقوانين الإصلاح السياسي ونزاهة عملية الانتخاب العام. واعتقد جازماً ان الملك هو صمّام الأمان لضمان الالتزامات الحكومية في هذه المجالات.
إلى ذلك, فإن المرحلة القائمة¯ وعنوانها الإصلاح محليا وعربيا تتطلب السرعة في الإنجاز والدقة في التطبيق, فلا تستطيع أية حكومة تجاوز هذا الواقع او ترحيل حلول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى الحكومات التالية. ولعلي أجد, في انعدام الثقة بين المواطن والحكومة, ما يبرر المخاوف الشعبية من الممارسات الحكومية, ولكني أجد, في الوقت نفسه, أن الأردن يستحق منا منح الحكومة, الفرصة لتحقيق برامج الإصلاح ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين.
لقد قمنا, خلال الأشهر الماضية, بالعديد من الحوارات المفيدة, وتوضحت الصورة والمواقف. وقد حان الوقت لنبدأ, جميعا, بما يمكن تسميته ب¯ "حوار الإنجاز". فالبقاء في خنادق المطالبات والمطالبات المعاكسة, لا يحل مشكلة, ولا يسرّع بحل قضيّة, ولا يطعم جائعاً, ولا يعالج مريضاً.
ولقد أظهرت الحوارات والتفاعلات الوطنية والشعبية في الأشهر الماضية, بوضوح, أن هنالك ثلاث قضايا أساسية ينبغي حلها بالسرعة الممكنة من أجل التأسيس المتين للمرحلة الاصلاحية المقبلة, وهي:-
أولا: - تكريس الهوية الوطنية الأردنية والإجابة على سؤال "من هو الأردني?"
والإجابة التي تحظى بالإجماع على هذا السؤال, نجدها في ديباجة تقرير لجنة الحوار الوطني, والتي انتهت إلى التوافق بين أعضاء اللجنة, (الذين يمثلون كل الأطياف السياسية والاجتماعية والاقتصادية,) على ما يلي:
أ- كل من يحمل رقما وطنيا أردنيا هو مواطن أردني كامل الحقوق والواجبات. وينطبق ذلك على الأردنيين من حملة البطاقة الصفراء.
ب- كل من يحمل جواز سفر مؤقتا, ولا يحمل رقما وطنيا أردنيا ويحمل البطاقة الخضراء, هو مواطن فلسطيني مقيم في الأردن, له حق الاقامة والعيش الكريم وجميع الحقوق باستثناء الحقوق السياسية.
ج- تطبيق قانون الجنسية على الجميع من دون استثناء, بحيث تنعدم إمكانية سحب الرقم الوطني أو منحه لأي كان, الا بموجب أحكام القانون, وبقرار من مجلس الوزراء.
د- ان حق العودة لاصحابه هو حق مقدس لا يجوز التفريط به او المساومة عليه.
وأرى ان قيام الحكومة في تطبيق هذه التوصيات يمكن أن يتم بسرعة, بما يطمئن الأردنيين, ويبعث, في الوقت نفسه برسالة واضحة لمن ما زالوا يروجون لخيار الوطن البديل أو حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن, وهما أمران يعتبرهما جلالة الملك خطاً احمر ويقف معه وخلفه في ذلك الشعب الأردني بكل مكوناته. فالأردن هو الأردن وشعبه أردني له هوية وطنية واحدة هي هوية الدولة الأردنية, وفلسطين هي فلسطين وشعبها فلسطيني له هوية وطنية واحدة هي الأساس في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس.
ثانياً:- مكافحة الفساد
أبدأ بطرح السؤال: على من تقع مسؤولية مكافحة الفساد?
وعند الإجابة على هذا السؤال نجد أن الأمر قد اختلط على المواطن والمسؤول? فهل هيئة مكافحة الفساد, أم القضاء, أم مجلس النواب, أم مجلس الوزراء, أم مراقب الشركات, أم ديوان المظالم, هو المسؤول?
والإجابة البسيطة المتفقة مع الآليات الدستورية والقانونية, تتكون من جزءين,
الأول المتعلق بمكافحة الفساد. وهي مسؤولية الإدارة الحكومية بكل هيئاتها كما هي مسؤولية البرلمان, والثاني المتعلق بالحقوق بين المواطنين ومحاسبة الفاسدين. وهي مسؤولية القضاء وحده دون سواه.
ومن هنا أقترح ما يلي:-
أ- جميع القضايا المتعلقة بخلافات حول الحقوق بين المواطنين, تُحال الى الادعاء العام. ولا يجوز لأية جهة أخرى النظر فيها. وعند ورود مثل هذه الحالات إليها, تقوم الجهات المختلفة بإبلاغ صاحب الشكوى بذلك من دون النظر فيها او تدقيقها.
ب- قضايا الشركات هي مسؤولية دائرة مراقبة الشركات. وفي حالة الشركات المساهمة العامة تكون المسؤولية إزاءها مشتركة بين هيئة الأوراق المالية ومراقبة الشركات. فاذا تبين للهيئة او لمراقبة الشركات, ما يستدعي تحويل القضية المطروحة الى الادعاء العام تقوم الجهة المسؤولة بذلك, وتبلغ ادارات الشركات او أصحابها بهذا القرار.
ج- وأما القضايا المتعلقة بشؤون الموظفين ورواتبهم فهي من مسؤوليات ديوان المظالم وديوان الخدمة المدنية, وفي قوانينها قواعد واضحة للتعامل مع مثل هذه القضايا.
د- قضايا الاعتداء على المال العام او الإهمال في إدارته. ويبدأ التحقيق فيها لدى الدائرة المعنية, وبالتعاون مع ديوان المحاسبة, فإذا توفرت المعلومات التي تشير الى شبهة فساد يتم تحويل القضية الى هيئة مكافحة الفساد لاستكمال التحقيق وإحالة القضية الى الادعاء العام اذا توفرت الادلة الكافية لإحالتها.
ه¯- القضايا او المشاريع التي انتهى العمل بها او أنها قيد التنفيذ بعد أن تم توقيع الاتفاقيات المتعلقة بها. وهي القضايا التي تشكل مدار حديث المواطن الآن, وتشغل الرأي العام. إن معظم هذه القضايا تتعلق بمشاريع أو إجراءات أو اتفاقات تمت بقرار من مجلس الوزراء أو من الوزير المختص أو من مجلس إدارة مؤسسة مرتبطة حكما بأحد الوزراء. وفي جميع هذه الحالات, يستطيع مجلس النواب أو الادعاء العام, طلب المعلومات من الحكومة حولها ودراستها. فإذا وجد مجلس النواب أن هناك شبهة فساد فيها او شبهة إهدار للمال العام, حوّلها إلى الادعاء العام, وفي هذه الحالة, كما في حالة كان الادعاء العام هو الذي باشر القضية أولا, يبدأ, عندها, بالإجراءات القضائية ويمكن لمجلس النواب أو الادعاء العام الاستعانة بهيئة مكافحة الفساد عند اجراء التحقيق.
واجزم أن تقسيم العمل بين الجهات الرسمية على هذا الأساس, سيساعد على الأسراع بالبت في هذه القضايا ويخفف العبء على هيئة مكافحة الفساد ويمكنها من اداء دورها, ويلبي مطالب القيادة والشعب في هذا المجال.
أبدي, هنا, ملاحظة عابرة لكنها, في نظري, مهمة, أتمنى لو اننا نستخدم مصطلح تعزيز النزاهة بدلا من مصطلح مكافحة الفساد. فالأردنيون, في غالبيتهم العظمى, يتمتعون بصفات وقيم نبيلة, وعلى رأسها النزاهة. والفاسدون قلة. ولكننا اليوم, بحكم ما نقرؤه ونسمعه, يختلط الحابل بالنابل في صورة الأردن, وكأنه بلد الفساد! تُكال فيه الاتهامات جزافاً خدمة لاجندات خاصة حيناً أو لغياب المعلومة في أحيان أخرى فتصيب البريء أحياناَ وتظلمه وينعكس ذلك علينا جميعاً. والأردن والأردنيون يستحقون منا نظرة أكثر موضوعية ودقة في محاربة الفساد, وتعزيز سمات النزاهة للبلد والشعب.
ثالثا:- تنمية المحافظات
انطلقت دعوات جلالة الملك بضرورة تطبيق اللامركزية من رغبة جلالته الصادقة بأن يشارك المواطن في صنع القرار, وخاصة في تحديد أولويات محافظته, بدلا من أن يتم تحديد هذه الأولويات من العاصمة حيث تتأثر في كثير من الاحيان بالواسطة والمحسوبية, كما بعدم الإلمام بواقع المحافظات بتفاصيله.
وأعتقد أن أفضل الطرق لتحقيق تنمية المحافظات يبدأ بتشكيل لجنة مركزية عليا لتنمية المحافظات, تتفرع عنها لجان تنمية في كل محافظة مشكلة من أبنائها . وتقوم اللجنة المركزية بوضع الإطار العام لتنمية المحافظات, وتحديد الإمكانات المالية المتاحة لها, والتنسيق بين خطط المحافظات تجنبا للازدواجية والتكرار, وتحديد المشاريع التي ترتبط بأكثر من محافظة للتنسيق بينها. أما تحديد أولويات كل محافظة فهي مسؤولية لجنة تنمية المحافظة نفسها.
واجزم أن الأردن قادر على بدء العمل بهذا المقترح بسرعة ونجاعة.
ان معالجة هذه القضايا الثلاث, باسلوب عملي وواضح وشفاف, ضرورة ملحة لا تحتمل التأجيل. وهي كفيلة بالتأسيس لبناء جسور الثقة بين الحكومة والمواطن.
لقد حبانا الله بقيادة هاشمية ملهمة وشعب وفيّ طيب معطاء, ومن أكثر الشعوب ثقافة وتعليما, ويمتلك القدرة المجربة على مواجهة التحديات وتجاوزها. وقد حان الوقت للعمل والإنجاز. فالأردن يُبنى بسواعد أبنائه وبناته وبابداعاتهم وإنتاجيتهم العالية. وهو يحتاج اليوم الى تضافر جهود جميع أبنائه ليعملوا معا, تحت قيادة جلالة الملك, بروح الفريق الواحد.
يعيش الأردن ربيعه العربي بنموذج فريد في المنطقة. فالإصلاح في الأردن هو مطلب القيادة بقدر ما هو مطلب الشعب. وجلالة الملك عبدالله الثاني يدعو الأردنيين منذ توليه سلطاته الدستورية, الى الانتظام في أحزاب برامجية ضمن منابر فكرية معدودة تساعد في الوصول الى الحكومات البرلمانية. وجاءت آخر هذه الدعوات في خطبة العرش عند افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة للعام 2011 - .2012
يسير الإصلاح السياسي, إذاَ, بثبات, نحو الهدف الذي وضعه جلالة الملك. وهو الوصول الى الحكومة البرلمانية من خلال تمثيل الأحزاب في مجلس النواب, وبالتالي تشكيل الحكومات من الأغلبية النيابية المطلقة. ويبدأ, بذلك, عهد تداول الموالاة والمعارضة على أسس واضحة.
ويشهد الأردن حراكاً شعبياً يطالب بالإسراع في الإصلاح, ومحاربة الفساد, وتحديد الهوية الوطنية الأردنية, وعودة الولاية الدستورية العامة الى مجلس الوزراء كاملة غير منقوصة, وحصر مهام الأجهزة الامنية في المحافظة على أمن الأردن واستقراره والابتعاد عن التدخل في العمل السياسي.
وتتفق القيادة مع الشعب في هذه المطالب, وتحث القيادة الحكومات على العمل بجدية وبسرعة لتحقيقها. وبنظرة سريعة, سوف نلاحظ التوافق القائم بين مطالب الحراك الشعبي وبين اتجاهات خطبة العرش.
وفيما يتصل بقضايا الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي, تختلف وجهات النظر في البلاد. فهناك من يريد العودة الى الاقتصاد الموجه بقيادة القطاع العام, وآخرون يدعون الى تطبيق نظام السوق الحر, بينما يتبنى فريق ثالث رأيا وسطا يرى إخضاع نظام السوق الحر إلى ضوابط اجتماعية وقوانين تمنع الإحتكار والاستغلال.
وعلى خلاف الآراء, يتفق الجميع على أهمية دور القطاع الخاص, وضرورة بناء شراكة حقيقية واضحة بينه وبين القطاع العام, تحدد بموجبها واجبات كل قطاع ومسؤولياته ليتمكن من اداء دوره الكامل لتحقيق الرفاه والحياة الكريمة للمواطنين.
كما يتفق الجميع على ضرورة التركيز على أولوية تنمية المحافظات وإعطاء دور أكبر لكل محافظة في تحديد أولوياتها ومشاريعها من دون تدخل من الحكومة المركزية.
إن هذه الخلافات في وجهات النظر صحية ومفيدة. وهي تشكل العنصر الأساسي على برامج الاحزاب المتنافسة. وسوف تحدد صناديق الاقتراع أي هذه البرامج هو الذي سيفوز بثقة المواطنين, ويصبح, بالتالي, محور السياسة الرسمية لحكومة الأغلبية البرلمانية.
وهناك من يشكك في نية الحكومة في التطبيق الدقيق للتعديلات الدستورية وقوانين الإصلاح السياسي ونزاهة عملية الانتخاب العام. واعتقد جازماً ان الملك هو صمّام الأمان لضمان الالتزامات الحكومية في هذه المجالات.
إلى ذلك, فإن المرحلة القائمة¯ وعنوانها الإصلاح محليا وعربيا تتطلب السرعة في الإنجاز والدقة في التطبيق, فلا تستطيع أية حكومة تجاوز هذا الواقع او ترحيل حلول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى الحكومات التالية. ولعلي أجد, في انعدام الثقة بين المواطن والحكومة, ما يبرر المخاوف الشعبية من الممارسات الحكومية, ولكني أجد, في الوقت نفسه, أن الأردن يستحق منا منح الحكومة, الفرصة لتحقيق برامج الإصلاح ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين.
لقد قمنا, خلال الأشهر الماضية, بالعديد من الحوارات المفيدة, وتوضحت الصورة والمواقف. وقد حان الوقت لنبدأ, جميعا, بما يمكن تسميته ب¯ "حوار الإنجاز". فالبقاء في خنادق المطالبات والمطالبات المعاكسة, لا يحل مشكلة, ولا يسرّع بحل قضيّة, ولا يطعم جائعاً, ولا يعالج مريضاً.
ولقد أظهرت الحوارات والتفاعلات الوطنية والشعبية في الأشهر الماضية, بوضوح, أن هنالك ثلاث قضايا أساسية ينبغي حلها بالسرعة الممكنة من أجل التأسيس المتين للمرحلة الاصلاحية المقبلة, وهي:-
أولا: - تكريس الهوية الوطنية الأردنية والإجابة على سؤال "من هو الأردني?"
والإجابة التي تحظى بالإجماع على هذا السؤال, نجدها في ديباجة تقرير لجنة الحوار الوطني, والتي انتهت إلى التوافق بين أعضاء اللجنة, (الذين يمثلون كل الأطياف السياسية والاجتماعية والاقتصادية,) على ما يلي:
أ- كل من يحمل رقما وطنيا أردنيا هو مواطن أردني كامل الحقوق والواجبات. وينطبق ذلك على الأردنيين من حملة البطاقة الصفراء.
ب- كل من يحمل جواز سفر مؤقتا, ولا يحمل رقما وطنيا أردنيا ويحمل البطاقة الخضراء, هو مواطن فلسطيني مقيم في الأردن, له حق الاقامة والعيش الكريم وجميع الحقوق باستثناء الحقوق السياسية.
ج- تطبيق قانون الجنسية على الجميع من دون استثناء, بحيث تنعدم إمكانية سحب الرقم الوطني أو منحه لأي كان, الا بموجب أحكام القانون, وبقرار من مجلس الوزراء.
د- ان حق العودة لاصحابه هو حق مقدس لا يجوز التفريط به او المساومة عليه.
وأرى ان قيام الحكومة في تطبيق هذه التوصيات يمكن أن يتم بسرعة, بما يطمئن الأردنيين, ويبعث, في الوقت نفسه برسالة واضحة لمن ما زالوا يروجون لخيار الوطن البديل أو حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن, وهما أمران يعتبرهما جلالة الملك خطاً احمر ويقف معه وخلفه في ذلك الشعب الأردني بكل مكوناته. فالأردن هو الأردن وشعبه أردني له هوية وطنية واحدة هي هوية الدولة الأردنية, وفلسطين هي فلسطين وشعبها فلسطيني له هوية وطنية واحدة هي الأساس في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس.
ثانياً:- مكافحة الفساد
أبدأ بطرح السؤال: على من تقع مسؤولية مكافحة الفساد?
وعند الإجابة على هذا السؤال نجد أن الأمر قد اختلط على المواطن والمسؤول? فهل هيئة مكافحة الفساد, أم القضاء, أم مجلس النواب, أم مجلس الوزراء, أم مراقب الشركات, أم ديوان المظالم, هو المسؤول?
والإجابة البسيطة المتفقة مع الآليات الدستورية والقانونية, تتكون من جزءين,
الأول المتعلق بمكافحة الفساد. وهي مسؤولية الإدارة الحكومية بكل هيئاتها كما هي مسؤولية البرلمان, والثاني المتعلق بالحقوق بين المواطنين ومحاسبة الفاسدين. وهي مسؤولية القضاء وحده دون سواه.
ومن هنا أقترح ما يلي:-
أ- جميع القضايا المتعلقة بخلافات حول الحقوق بين المواطنين, تُحال الى الادعاء العام. ولا يجوز لأية جهة أخرى النظر فيها. وعند ورود مثل هذه الحالات إليها, تقوم الجهات المختلفة بإبلاغ صاحب الشكوى بذلك من دون النظر فيها او تدقيقها.
ب- قضايا الشركات هي مسؤولية دائرة مراقبة الشركات. وفي حالة الشركات المساهمة العامة تكون المسؤولية إزاءها مشتركة بين هيئة الأوراق المالية ومراقبة الشركات. فاذا تبين للهيئة او لمراقبة الشركات, ما يستدعي تحويل القضية المطروحة الى الادعاء العام تقوم الجهة المسؤولة بذلك, وتبلغ ادارات الشركات او أصحابها بهذا القرار.
ج- وأما القضايا المتعلقة بشؤون الموظفين ورواتبهم فهي من مسؤوليات ديوان المظالم وديوان الخدمة المدنية, وفي قوانينها قواعد واضحة للتعامل مع مثل هذه القضايا.
د- قضايا الاعتداء على المال العام او الإهمال في إدارته. ويبدأ التحقيق فيها لدى الدائرة المعنية, وبالتعاون مع ديوان المحاسبة, فإذا توفرت المعلومات التي تشير الى شبهة فساد يتم تحويل القضية الى هيئة مكافحة الفساد لاستكمال التحقيق وإحالة القضية الى الادعاء العام اذا توفرت الادلة الكافية لإحالتها.
ه¯- القضايا او المشاريع التي انتهى العمل بها او أنها قيد التنفيذ بعد أن تم توقيع الاتفاقيات المتعلقة بها. وهي القضايا التي تشكل مدار حديث المواطن الآن, وتشغل الرأي العام. إن معظم هذه القضايا تتعلق بمشاريع أو إجراءات أو اتفاقات تمت بقرار من مجلس الوزراء أو من الوزير المختص أو من مجلس إدارة مؤسسة مرتبطة حكما بأحد الوزراء. وفي جميع هذه الحالات, يستطيع مجلس النواب أو الادعاء العام, طلب المعلومات من الحكومة حولها ودراستها. فإذا وجد مجلس النواب أن هناك شبهة فساد فيها او شبهة إهدار للمال العام, حوّلها إلى الادعاء العام, وفي هذه الحالة, كما في حالة كان الادعاء العام هو الذي باشر القضية أولا, يبدأ, عندها, بالإجراءات القضائية ويمكن لمجلس النواب أو الادعاء العام الاستعانة بهيئة مكافحة الفساد عند اجراء التحقيق.
واجزم أن تقسيم العمل بين الجهات الرسمية على هذا الأساس, سيساعد على الأسراع بالبت في هذه القضايا ويخفف العبء على هيئة مكافحة الفساد ويمكنها من اداء دورها, ويلبي مطالب القيادة والشعب في هذا المجال.
أبدي, هنا, ملاحظة عابرة لكنها, في نظري, مهمة, أتمنى لو اننا نستخدم مصطلح تعزيز النزاهة بدلا من مصطلح مكافحة الفساد. فالأردنيون, في غالبيتهم العظمى, يتمتعون بصفات وقيم نبيلة, وعلى رأسها النزاهة. والفاسدون قلة. ولكننا اليوم, بحكم ما نقرؤه ونسمعه, يختلط الحابل بالنابل في صورة الأردن, وكأنه بلد الفساد! تُكال فيه الاتهامات جزافاً خدمة لاجندات خاصة حيناً أو لغياب المعلومة في أحيان أخرى فتصيب البريء أحياناَ وتظلمه وينعكس ذلك علينا جميعاً. والأردن والأردنيون يستحقون منا نظرة أكثر موضوعية ودقة في محاربة الفساد, وتعزيز سمات النزاهة للبلد والشعب.
ثالثا:- تنمية المحافظات
انطلقت دعوات جلالة الملك بضرورة تطبيق اللامركزية من رغبة جلالته الصادقة بأن يشارك المواطن في صنع القرار, وخاصة في تحديد أولويات محافظته, بدلا من أن يتم تحديد هذه الأولويات من العاصمة حيث تتأثر في كثير من الاحيان بالواسطة والمحسوبية, كما بعدم الإلمام بواقع المحافظات بتفاصيله.
وأعتقد أن أفضل الطرق لتحقيق تنمية المحافظات يبدأ بتشكيل لجنة مركزية عليا لتنمية المحافظات, تتفرع عنها لجان تنمية في كل محافظة مشكلة من أبنائها . وتقوم اللجنة المركزية بوضع الإطار العام لتنمية المحافظات, وتحديد الإمكانات المالية المتاحة لها, والتنسيق بين خطط المحافظات تجنبا للازدواجية والتكرار, وتحديد المشاريع التي ترتبط بأكثر من محافظة للتنسيق بينها. أما تحديد أولويات كل محافظة فهي مسؤولية لجنة تنمية المحافظة نفسها.
واجزم أن الأردن قادر على بدء العمل بهذا المقترح بسرعة ونجاعة.
ان معالجة هذه القضايا الثلاث, باسلوب عملي وواضح وشفاف, ضرورة ملحة لا تحتمل التأجيل. وهي كفيلة بالتأسيس لبناء جسور الثقة بين الحكومة والمواطن.
لقد حبانا الله بقيادة هاشمية ملهمة وشعب وفيّ طيب معطاء, ومن أكثر الشعوب ثقافة وتعليما, ويمتلك القدرة المجربة على مواجهة التحديات وتجاوزها. وقد حان الوقت للعمل والإنجاز. فالأردن يُبنى بسواعد أبنائه وبناته وبابداعاتهم وإنتاجيتهم العالية. وهو يحتاج اليوم الى تضافر جهود جميع أبنائه ليعملوا معا, تحت قيادة جلالة الملك, بروح الفريق الواحد.