الوطن هو الملجأ ومسقط الرأس، لسان حالنا معه كحال العاشق للمعشوق، هو الأب والأم هو مرآة حياتنا وتفاصيل ذكرياتنا وماضينا وبراءة طفولتنا وأمل حاضرنا ورؤية مستقبلنا،يبقى حنينا إليه دوماً كما يقول الشاعر:
كم منزل في الأرض يألفه الفتى.....وحنينه أبداً لأول منزلِ
الوطن ليس فقط المكان الذي نعيش فيه، بل هو الشيء الذي يعيش فينا ويكبر معنا ويجري فينا كمجرى الدم في العروق.
يسألونك عن الوطن، قل هو الشيء الذي نحمله معنا في قلوبنا أينما رحلنا وارتحلنا، فمنه نستمد عزيمتنا وقوتنا، هو ظلنا إن اشتدت حرارة الشمس وهو الملجأ إن اشتد ظلام الليل.
يسألونك عن الوطن، قل هو الجاذبية لقلوبنا عندما تكون قلوبنا معلقة بين السماء والأرض، فعندما نسافر فإن الأجساد تغيب وتبقى القلوب والأرواح حاضرة بكل لحظة من لحظات الوطن بفرحه، بحزنه، بأهله، بجميع أحواله، فمهما انشغلنا عنه يبقى الوطن حاضراً كما يقول الشاعر:
وطني لو شُغلتُ بالخُلد عنه.....نازعتني إليه في الخُلد نفسي
عندما يسألوك عن الوطن، أخبرهم بأن الفقر في الوطن غربة والغنى خارج الوطن فقر، أخبرهم أن أعمارنا تحترق كلما ابتعدنا عنه وعن أهله، أخبرهم يا صديقي كما قال محمود درويش بأن الوطن ليس سؤالاً تُجيب عنه وتمضي بل هو حياتك وقضيتك معاً.
عندما يسألوك عن الوطن، أخبرهم أن الوطن كالماء منه الحياة والارتواء، أخبرهم بأن من لا وطن له لا هوية له، فمن وُلد بلا وطن عاش عرياناً ولو لبس الحُلي.
إن سألوك يوماً عن وطني، أخبرهم بأن بلاد العُرب أوطاني من الشام لبغدانِ، فلا حد يباعدنا ولا دين يفرقنا ولسانُ الضاد يجمعنا بغسانٍ وعدنانِ.
ازرعوا في أوطانكم الورود واسقوها بالماء لتنمو وتزهر حينها ستستمتعون بما زرعتم وتأكلون مما حصدتم فاحملوا هم أوطانكم ولا تكونوا هماً على الوطن. اعشقوا أوطانكم إن ضاقت عليكم،اعشقوها إن لم يكن بها هواء ولا ماء، اعشقوها فقط لأنها الوطن. احرسوا الأوطان من الأخطار واحموها فمن عاش بلا وطن مات بلا هوية.