إسرائيل الجديدة وتحدياتنا مع حكومة الرأسين

إسرائيل الجديدة وتحدياتنا مع حكومة الرأسين
أخبار البلد -   قامت في إسرائيل حكومة جديدة وهي، على النقيض مما تبدو عليه، ستقاد برأس مدبّر واحد، هو بنيامين نتنياهو، ووراءه سيتحرك بيني غانتس، وزملاؤه من حزب كاحول لافان، كمسوخ تنفّذ أدوارها المعدّة في رحلة تحطيم المنارات و»أصنام المعابد» التي هندسها وبناها وحافظ عليها آباء الحركة الصهيونية المؤسسون لدولة تشاوف قادتها، لعقود، بكونها دولة مؤسسات تدار بنظام حكم يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات، التنفيذيه، التشريعية، القضائية، وعلى قيم العدالة الاجتماعية والمساواة أمام سلطة القانون، واحترام حريات المواطنين الجمعية والفردية

لن يصحّ، بعد الآن أن نكرّر ما كنا نقول، على مدار سنوات عديدة، حين كنا نتهجّم على الديمقراطية الإسرائيلية، ونبحر في تعداد مثالبها، أو نشكو مما كنا نعاني من سياسات قمع وموبقات عنصرية، نقيضة في جوهرها لمغازي الديمقراطية، كما كانت تدّعيها تلك الحكومات، ولا تتوافق مع مضامين المواطنة السليمة، ووشائجها المتبادلة الضرورية بين الأفراد والجماعات، وسلطة الدولة الحديثة

وقبل أن يقفز من آمنوا ومارسوا شعائرهم السياسية والعقائدية، وكأنهم يعيشون خارج إملاءات وحدود المواطنة الإسرائيلية، ليؤكدوا لنا أنهم أفهمونا دوماً أن لا ديمقراطية في إسرائيل، أودّ أن أؤكد بأنني أكتب هنا للمواطنين العرب، الذين أقاموا عقدهم مع إسرائيل على أساسين: المواطنة الكاملة، وهويتهم القومية إلى جانبها؛ على الرغم من اختلاف رؤى هذه الحركات، أو الاحزاب، أو الأفراد حول طريقة مزج ذينك العنصرين في حالتنا الفريدة، أو حول نسبة الجُرع الضرورية للمحافظة على بقائنا في البلاد، وتقدّمنا نحو مستقبل آمن

وقبل أن أوضح أكثر ما الفرق بين إسرائيل، التي مارست حكوماتها ضدنا، نحن العرب، سياسات القهر والتمييز العنصري، وإسرائيل التي نراها تولد بعد الانتخابات الاخيرة، يجب أن نراجع شروط ما اتفق عليه الخصمان اللذان، كما ظهر، لم يختلفا قبل الانتخابات، إلا مجازًا ولم يأتلفا بعدها إلا مجازًا؛ فالثعلب سيبقى ثعلبًا، لكنه أقوى وأخطر، والخراف ستكون نحن أولًا، وبعدنا سيلحق كل من لن يركع أمام ما «يريده الشعب»؛ ومن مثل نتنياهو وفي جيبه الخلفي الجوكر/ غانتس يعرفان ما يريد الشعب؟ لن آتي على ذكر تفاصيل الاتفاق بالكامل، رغم اهميتها مجتمعة، ولكن يكفي أن نعرف أنهما توصلا إلى اتفاق يحظر على الكنيست أن تبحث خلال ستة شهور، أي مشروع قانون لن تكون له علاقة بمواجهة جائحة كورونا؛ وأن يحتفظ كل حزب من حزبيهما، بعد الشهور الستة، بحق النقض «الفيتو» على كل مشروع قانون سيعرض على الكنيست من أي جهة كانت، بحيث لم يعُد من صلاحيات الكنيست الطبيعية شيء يذكر. ثم اتفقا على إصدار قانون يحظر على كليهما ترؤس الحكومة إذا سقطت حكومة الآخر، نتيجة تصويت لحجب الثقة. لقد «فرمل» نتنياهو، بعد هذه الموافقة، قدرة غانتس وحزبه، وسحب من تحتهم أحد أهم أسلحتهم المستقبلية؛ علاوة على إبطال مفعول حق استعمال «حجب الثقة» كوسيلة نيابية ديمقراطية، كانت تشكل عتبة رادعة للحكومات، وتعطي المعارضة حق استعراضها لمواقف سياسية مغايرة ومتحدّية في ظروف معينة. لم يقتصر الاتفاق على محاصرة الكنيست، وإفراغها من دورها الدستوري فحسب، بل سعى نتنياهو إلى تمكين حزبه من مضاعفة تأثيره في الجهاز القضائي، خاصة بعد أن أقنع غانتس بعدم إشراك ممثل عن أحزاب المعارضة في لجنة تعيين القضاة، وتبنّي قرار يقضي بانتخاب أعضاء اللجنة على أساس شخصي، وليس كما كان قائمًا حتى اليوم؛ في خطوة ستضمن لنتنياهو إمكانية التأثير في انتخاب قضاة موالين لسياسته، خاصة في هذه الفترة الحرجة التي يواجه فيها هو وعدد من زملائه لوائح اتهام خطيرة، ستتأثر مصائرها بهويات القضاة، وبمن كانوا أولياء نعمهم.لن أرهق القراء بتفاصيل إضافية، فهذه الاتفاقية هي بدون شك الشاهد الأبرز الذي ساهم غانتس في عملية دقه فوق قبر نظام الحكم السابق في إسرائيل، وهي كذلك شهادة ميلاد حكم ديكتاتوري يميني عنصري، سيتمتع بصلاحيات مطلقة غير مسبوقة وسيتقدّم نحو أهدافه، بدون أي كوابح تشريعية أو قضائية أو شعبية قد تعيقه.ما العمل؟

لقد جاءت القائمة المشتركة علينا كأول الغيث؛ فقرار جميع مركباتها للمضيّ معًا بأداء أراح توقعات الناس، أعاد لأكثرية المواطنين العرب الثقة بقيادات كانت معاقبة ببطاقات حمر قانية؛ وأعاد للناس إيمانهم بضرورة وأهمية النضال البرلماني. لم يحصل هذا التغيير، إلا بعد أن استعاد مفهوم المواطنة وضرورة العمل تحت سقوفه مكانته بين قيادات تلك الأحزاب ومصوتيهم. من جهة أخرى، ثمة إجماع على أن العمل البرلماني، مهما كان موفقًا أو بارزًا، لن يكفي للوقوف في وجه ما سيباشر بتنفيذه النظام الجديد. ففي حين يؤكد الاتفاق، بين نتنياهو وغانتس، على حق إسرائيل بضم أراض فلسطينية محتلة إلى سيادتها، يتوجب علينا أن نفكر كيف نستطيع بث الروح في شعار «لا للاحتلال» وتحديث صياغته بأسلوب قادر على تشبيك السياسي بالمدني، وبأسلوب كفيل بتجنيد المواطنين العرب أولًا، واستهداف المواطنين اليهود في الوقت نفسه وعلى درجة الاهمية نفسها ثانياً

حكومة إسرائيلية جديدة برأسين سيقودها نتنياهو، ووراءه يتحرك بيني غانتس وزملاؤه كمسوخ تنفّذ أدوارها المعدّة

لقد أكد الاتفاق بين الاثنين، في ما اكّد، على عدم المساس «بقانون القومية»، ما يضع مجددًا جميع المواطنين العرب بلا استثناء أمام تحدّ جدّي، ومعهم جميع اليهود الذين يعارضون هذا القانون على اختلاف دوافعهم. يجب استئناف النضال ضد هذا القانون وضد مخططات هذه الحكومة؛ ولكن لا يمكن أن نفعل ذلك، ونحن نسير بهدي المفاهيم السياسية القديمة نفسها؛ ولا يمكن أن «نقاوم» سياسة النظام الجديد وأساليبه بالوسائل والشعارات القديمة نفسها. فمع ضرورة المحافظة على القائمة المشتركة وتطوير عملها، كنموذج لجسم سياسي، يعكس فهمًا مبتكرًا ومتطوّرًا، ونضوجًا سياسيًا متمايزًا ووحدويًا لافتًا، يجب أن نتطرق بشكل مسؤول إلى «لجنة المتابعة العليا» وما تواجه من مشاكل، لن يحلّها، برأيي، إجراء انتخابات عامة لهيئاتها أو لرئيسها، (وهو منصب سيشغر في اكتوبر المقبل)، كما تقترح بعض الجهات، ولن ينقذها كذلك، رصد الميزانيات التشغيلية التي كانت بكل تأكيد ستسعفها، ولكن لن تبرئها بشكل تام. لقد حظيت اللجنة في السنوات الأخيرة برئاسة محمد بركة، وهو أحد أبرز قادة الجماهير العربية في العقود الأخيرة، وأغناهم تجربة فكرية ونضالية، ورغم محاولاته للإقلاع بها بعيدًا، وما أحرزه، في هذا المسعى من إنجازات، من خلال نشاطاته ونجاحه في عقد مؤتمر القدرات البشرية، وما افرزه من تفاعلات عديدة مهمة أخرى، بقي تأثير هذه اللجنة محدودًا

لقد أنشئت اللجنة قبل أربعة عقود في ظروف سياسية محلية وخارجية استثنائية، وشُكّلت بوجود أطر وقيادات، صار بعضها طي التاريخ، وبعض من بقي منها لم يعد يحمل المعاني نفسها، ولا يتبوأ المكانة نفسها. لقد ضعضعت هذ التغييرات جسدها فاختلت في داخله موازين القوى حتى شهدنا، رغم محاولات رئيسها لإنعاشها، تراجعًا في مكانتها.إننا في أمس الحاجة إلى وجود «لجنة متابعة عليا»، أو أي جسم مواز من هذا القبيل، على أن تضم داخل «خبائها» أكبر عدد من الأطر الناشطة بين المواطنين العرب في إسرائيل؛ على أمل أن تتحول إلى عنوان سياسي شرعي ومؤثر ومقبول كبوصلة يسير على هديها الناس. أُعير لعدد الأطر المنضوية تحت هذه الخيمة أهمية كبيرة، لكنني مؤمن بأن المضامين السياسية والقيم الاجتماعية المتفق عليها بينهم ستبقى هي العوامل الأهم والضمانات الأكيدة لنجاحها

لقد مضت على إسرائيل سبعون سنة، وما زال البعض بيننا «يقاومها» من باب كونها باطلًا سيزول؛ ويصرّ، إلى جانب ذلك، على أن المواطنة فيها مجرد ترف يمكنهم التفّ عليه، وأهلًا، بعدها، بأي مصير! من حقهم أن يؤمنوا بما يشاؤون، ولكن يجب أن يأخذوا بالحسبان إمكانية عدم قدرتهم/ملاءمتهم على دخول هذه الخيمة، لأنها يجب أن تقوم حتماً على عامودين: أولهما المواطنة وثانيهما هويتنا القومية
 
شريط الأخبار فيديو || المقاومة الإسلامية في العراق تهاجم هدفاً في غور الأردن "الاقتصادي والاجتماعي": موازنة 2025 تتصدر التحديات الاقتصادية لحكومة حسّان "الوطني للمناهج": لا نتعرض لأي ضغوط خارجية أو إملاءات لإدراج أو حذف أي موضوع في مناهجنا الإفراج عن الأسيرين الأردنيين النعيمات والعودات حملة لإنفاذ سيادة القانون في البترا المعايطة يوعز بالتحقيق في الفيديو المتداول لتجاوزات أثناء إلقاء القبض على أحد الاشخاص نائب الملك يشدد على ضرورة الارتقاء بنوعية التعليم العالي ارتفاع سعر البنزين أوكتان (90) بنسبة 4% عالميا "اعتماد التعليم": لن يكون هناك برامج راكدة بالجامعات خلال 2-3 سنوات صالح العرموطي رئيسا لكتلة نواب "العمل الإسلامي" الأمن العام يوضح تفاصيل التعامل مع التجمع الاحتجاجي في البترا مكاتب استقدام الخادمات.. الوزير خالد البكار والخيارات المفتوحة في الامتحان الأول الأردن يعـزي إيـران بضحايا حادث انفجار منجم للفحم في إقليم خراسان من هو (فادي) الذي حملت صواريخ حزب الله اسمه؟ الحبس ل 4 أشخاص في الكرك خططوا لقتل مسؤولين مكافحة المخدرات تلقي القبض على 19 تاجراً ومروجاً للمخدرات اللواء الركن الحنيطي: القوات المسلحة مستعدة لتنفيذ أي مهمة دفاعية لحماية حدود المملكة الأوراق المالية توافق على طلب تسجيل رفع رأس المال لـ شركة "المتحدة للتأمين" إصدار 326 ألف شهادة عدم محكومية إلكترونيا منذ بداية العام الحالي إلغاء الإجتماع غير العادي لشركة الأردن الدولية للتأمين