منذ يوم امس ونحن نراقب مواقع التواصل الاجتماعي تعلق باسهاب حول موضوع انهيار اسعار النفط وهنا ارجو توضيح ما يلي:
ان انهيار سعر النفط الى ما دون الصفر لأول مرة بالتاريخ ما هو الا وهم للكثيرين، والسبب انه ليست كل اسعار النفط انهارت الى ما دون الصفر، ان اسعار النفط عالميا ترتبط بسياسة العرض والطلب بالدرجة الأولى وأود أن أضيف نقطة اخرى وهو معيار الجودة الذي يلعب دورا مهما بتحديد سعر النفط عامة.
نوعية النفط التي انهار سعرها بهذه الصورة يسمى الخام الأمريكي نايمكس وهو ذو جودة رديئة وهو اصلا نفظ رخيص مقارنة بخام برنت، وكذلك فان معظم استهلاك هذا النفط يكون بالسوق المحلية كون تكلفة نقله الى السوق العالمية ربما اكثر من كلفة انتاجه، بينما خام برنت هو النفط المطلوب في السوق العالمية لانه ذو جودة عالية.
ويعزى الانهيار التاريخي لعدة اسباب، اولا وقوع سوق النفط تحت الضغوطات الصحية بالعالم بسبب جائحة كورونا التي اثرت على اقتصاديات دول العالم كافة ومن ثم التأثير على سياستها التي عملت على تغيير نهجها السياسي للتعاطي مع الجائحة العالمية، فمن جهة توقفت عجلة الانتاج الصناعي بنسبة تزيد عن 70%، وايضا توقفت حركة التنقل البري والجوي تماما في كثير من دول العالم بسبب اجراءات التعاطي مع جائحة كورونا وسياسة الحظر على الأفراد والشركات الصناعية والتجارية والخدمية فأصبحت في حالى ركود أو محدودة جدا وفرضت الكثير من الدول عقوبات صارمة للحيلولة دون انتشار الوباء بين الناس عن طريق ايقاف التواصل وسياسة التباعد بين الناس، أدى الى تقليل الطلب على النفظ بشكل عام، مما ادى الى انخفاض الطلب على النفط، ومن جهة أخرى بقي انتاج النفط على وتيرة واحدة وضخ النفط بشكله المعتاد لا بل قامت بعض الدول بزيادة الضخ للسوق العالمية كالسعودية التي عملت على المنافسة مع الروس للاستحواذ على الأسواق الآسيوية بسعر بخس، الأمر الذي ادى الى انخفاض اسعار النفط، لذلك قامت كثير من دول العالم بشراء كميات كبيرة من النفط منذ بداية ازمة كورونا مستغلة انخفاض السعر وزيادة العرض فامتلأت خزاناتها ووصلت الى مرحلة الاشباع، وفي ضوء انخفاض الطلب اصبح المخزون يمكث لفترة طويلة مما يزيد السعر لأن هنالك كلفة للفترات التخزينية فاصبح المستثمرون يعملون على التخلص من المخزون بأي شكل كي لا يتحملوا كلف اضافية لا بل يدفعون مبلغا من المال للتخلص منه لايقاف خسائرهم الأمر الذي ادى الى هبوط السعر الى ما دون الصفر،
ولكن خام برنت لم يهوي لهذه الدرجة صحيح انه فقد اكثر من 18% من قيمته ليصل الى ما دون 20 دولار للبرميل تحت ضغط انهيار خام نايمكس الأمريكي، وباعتقادي انه اذا لم تتحرك الدول النفطية الى انقاذ سعر النفط وتسريع تطبيق اتفاق اوبيك + الذي يبدأ مطلع ايار اي بعد ثمانية ايام من الآن فان الاسعار ستشهد تراجعا اكبر على مبيعات شهر مايو وحزيران التي تبدأ يوم غد.
وبغض النظر عما يحدث بالسوق العالمية فإننا نجد الفرصة مهيأة للدول النامية للاقبال على شراء النفط بسعر رخيص واستغلال الفرصة وبأسرع وقت لان هذا السعر لن يتكرر مستقبلا وهي فرصة حقيقية لانتعاش اقتصادها وتحسن الحالة الاقتصادية والاجتماعية وتسديد قروضها التي تنهك اقتصادها مما يخفف من العبء الاقتصادي للدولة كالأردن مثلا. خاصة وان هذه الأسعار هي اسعار آنية لن تستمر كثير وسينتعش سوق النفط خلال ايام او اسابيع على ابعد تقدير في ضوء سياسة رفع اجراءات الحضر تدريجيا في دول العالم وعودة الحياة من جديد وبشكل تدريجي.