يشعر العديد من نواب الاردن أنهم فوق السلطة، وأنهم غير قابلين للمحاسبة "untouchable" ويستطيعون أن يفعلوا ما يريدون، فهم حسب رؤيتهم الخاصة من نوعية "ثور" و"هالك" و"سوبرمان" و"سبايدرمان"، وهذه شخصيات خرافية فوق القانون بل هي القانون في أفلام السينما الأمريكية، ويماثلها في السينما المصرية الممثل أحمد السقا "منصور الحفني" في فيلم الجزيرة حين كان يصرخ "من النهارده مفيش حكومة أنا الحكومة"، وبما أنه شريك للحكومة فقد نجا من القتل والسجن وخرج ليمثل الجزء الثاني وإذا تطور الوضع سيكون بطلاً للجزء الثالث، ويعشق الكثيرون من أعضاء مجلس النواب دور "منصور الحفني" كون السقا أبدع في تمثيل المشهد حتى تمنى الكثير منهم القيام بهذا الدور، لينشأ في داخل العديد منهم حفني صغير يبحث عن دور البطل المُطلق.
الحفني الصغير كبر في صدور بعضهم، وتعزز بفضل الصورة البطولية التي رسمها عدد من المواطنين للنواب، فقرروا لعب هذا الدور على أرض الواقع، فنائب يعبث بالأختام حتى يحصل على المال للجزيرة، وآخر يكسر القانون ويجتمع بعدد كبير من الأفراد دون خوف من القانون، وهناك من كسر هيبة قانون الدفاع بتجاوز الحظر، ونائب يقوم بإدخال مواطنين لمنطقة مغلقة تحت عبائته، ونائب يسيء إلى الدولة ووزارة الخارجية بأسوء الألفاظ، ولا ننسى طبعاً العنتريات الدونكوشوتية في إجتماعات المجلس، والأسوء هو تهرب بعض من يدعون الفضيلة عن حضور جلسات النواب، فيما يصرخ احدهم بأن النواب يكذبون على الأردنيين، وخطف الكثير منهم تصاريح للخروج وقت حظر التجول، لتكون ورقة ضغط للحصول على الأصوات في قادم الأيام، لنجد ان كل منهم يتعامل مع الحكومة على أنها نمر من ورق وأنهم فوق السلطة، ولكل منهم طريقته المميزة وإتجاهه المختلف للتنمر عليها.
النواب بغالبيتهم العظمى يحلمون ويخططون للعودة إلى " الجزيرة" المجلس في دورته القادمة، بعد أن إستعذبوا دور البطولة الذي يضمن لهم التحليق في الجو صوب أي دولة يريدون على طريقة "سوبرمان"، ويجعلهم قادرون على القفز من وزارة إلى أخرى لتسير المعاملات دون حسيب ولا رقيب حسب قانون "سبايدرمان"، كون خيوط العنكبوت التي بأيديهم قوية وتلتصق بالجدران، أضف إلى ذلك أن المجلس يجعلهم يشعورون بقوة "ثور" وهم يضربون بايديهم على طاولاتهم تحت القبة، وفوق كل ذلك فهم يمارسون دور "هالك" في إختراق أعتى الأبواب والحواجز، ولا ننسى بطولاتهم الوهمية وإطلاق الرصات في الأفراح وعند فوزهم بالانتخابات، مستعيدين بذلك طريقة الحفني الكبير .
لقد أُصيب المواطنون بالإحباط من تصرفات النواب خلال فترة كورونا التي مازت الخبيث من الطيب، وأظهرت المعدن الوطني الأصيل للباحثين عن رفعة الاردن، والتقليد المشابه "للذهب الروسي" لعدد من النواب الذين تسبقهم مصالحهم الشخصية قبل أي شيء، ففي الوقت الذي كانت تخوض فيه الحكومة معركة شرسة لم تنتهي لغاية الآن مع "كوفيد -19"، كان بعض النواب يبحثون عن تجارة الحروب لزيادة أرصدتهم في البنوك، وفي الوقت الذي سمعنا أصوات شرفاء الوطن وهم يهتفون "لبيك يا اردن" ويدفعون المال الحلال لصندوق "همة وطن"، كان عدد كبير من النواب يختبئون حتى لا يراهم أحد ويطلب منهم المال كنظرائهم في الحكومة، على الرغم أن العديد منهم أنفقوا الملايين على حملاتهم الإنتخابية، لنشعر ان الوطن عند عدد منهم مجرد مزرعة يربحون منه المال، وإن تألم يبحثون عن مزرعة جديدة, لذا فقد إنقسم النواب بين نواب وطن ونوائب وطن وتجار للوطن.
—————————
-ثور : بطل خرافي وهو ابن أودين ملك العوالم التسعة وسلاحه المطرقة.
-سبايدرمان: بطل خرافي لطالب لسعه عنكبوت وأصبح يتنقل بين المناطق بفضل خيوط العنكبوت التي يطلقها من يده.
-هالك: شخصية خرافية يحارب الشر ويتحول من شخض عادي إلى رجل أخضر ضخم.
-سوبرمان: شخصية خرافية جاءت للأرض من كوكب كريبتون.
-منصور الحفني: الشخصية الرئيسية في فيلم الجزيرة وهو متمرد على القانون وسعى ليصبح نائباً في البرلمان.