أ.د ماهر سليم
رئيس جامعة عمان العربية
تبرز في كل أزمة فرصة أو عدة فرص تستدعي من القائمين على إدارتها استثمارها بالشكل الصحيح، ونظريا يعد الامر سهلا، لكن في الواقع يحتاج لكثير من الجهد والجرأة في اتخاذ القرار.
في أزمة فيروس كورونا، ظهرت الأهمية الحقيقية للتعليم عن بعد من خلال الشبكة الإلكترونية انسجاماً مع مقولة ربّ ضارةٍ نافعة بعد انتشار الوباء في كافة أنحاء العالم دون تمييز أو تفضيل، وأصبح الجميع في مهب رياح المجهول، يواجهون فيروسا شرسا ينتشر بسرعة ويفتك بلا رحمة، الأمر الذي دفع جامعات الأردن ومدارسها لتبني أسلوب التعليم عن بعد كوسيلة ناجعة وتؤدي الغرض في ظل ظروف لا يستطيع الطلبة فيها الاختلاط أو الخروج إلى المجتمع في ظل فرض حظر التجول منعاً لانتشار المرض.
بالرغم من تأخر إدارة التعليم العالي في الأردن تبني سياسة التعليم الإلكتروني منذ عقود ورفضها الاعتراف بالشهادات الصادرة من هذا النظام إلا أن البدء في هذا الأسلوب هو المطلوب لأسباب عدة وقد أشرت لذلك في ورقة علمية تم نشرها سابقاً.
تكشف تجربة التعليم عن بعد على مستوى المدارس أن المجتمع يفهم ويدرك وبشكل سريع لمكونات عملية التعليم علن بعد بدليل حجم الاعداد من الطلبة الذين دخلوا لمنصة "درسك"، حيث قدر عدد مستخدمي المنصةمنذ اطلاقها نحو 977127 مستخدما بواقع 332375 مستخدما يوميا، بحسب الاحصائيات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم.
كما تكشف التجربة ان الجامعات وبمستويات مختلفة ملتزمة وحسب الامكانات بتنفيذ التعليم عن بعد، واثبتت بعض الجامعات الخاصة قدرتها العالية على تطبيق هذه العملية واستعدادها مبكرا كجامعة عمان العربية التي نفذت العديد من دورات التدريب لاعضاءهيئة التدريس وأعدت البنية التحتية لضمان ديمومة العملية الاكاديمية في الجامعة.
غير أن، نجاح تجربة التعليم عن بعد في ظل الأزمة تواجه تحدياً كبيراً ويتمثل بقدرة الشركات المزودة بتوفير الخدمة الإلكترونية المناسبة لتلبي احتياجات الجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية والخاصة وأفراد المجتمع.
بالإضافة إلى تحديات أخرى تتعلق بإمكانية الطالب بتوفير الحزم الإلكترونية التي تمكنه من تلقي العلم عن بعد. لذا أقترح أن تسمح شركات الاتصال بالتصفح والتحميل والتنزيل المجاني في الروابط الخاصة بالتعليم ضمن اتفاق جماعي بين الجهات الرسمية والجامعات ومزودي الخدمة في أسرع وقت وإذا لم تتخذ إجراءات لمراجعة الأمر فإن التعليم عن بعد سيكون في حالة الخطر.