أخبار البلد - نفرح لتونس ونحزن لأنفسنا
حمادة فراعنة
نفرح لتونس وتجربتها وانتخاباتها، ولا نتوقف كثيراً أمام نتائجها فهي ملك لهم، وهم الذين اختاروا إفرازاتها، أما نحن علينا أن نتوقف بالذات أمام تجربة قوائمها الوطنية وأحزابها، فقد سارعت وحدد قانونها أن تونس دائرة انتخابية واحدة، والمواطن يختار قائمة من القوائم الحزبية وينتخبها، فالقائمة دالة على إفرازات حزب سياسي ولهذا تعددت القوائم لتعدد الأحزاب، وبات للأحزاب حديثة التكوين قوائم برلمانية ونواب سيشكلون حكومة وحكومات، بدون فلسفة وتعقيدات وتهرب من الحقائق والاستحقاقات، غيروا أوضاعهم ووصلوا إلى نتائج عملية سريعة واضحة وعميقة خلال سنوات قليلة منذ العام 2011 فقط.
ونحن منذ العام 1989، عام استعادة شعبنا لحقوقه الدستورية وإلغاء الاحكام العرفية، والمصالحة الوطنية بين الدولة والمعارضة، وترخيص الأحزاب السياسية، وإطلاق الحريات العامة، منذ ذلك الوقت ونحن نعيش دوامة وندوخ بين وثائق الميثاق الوطني والأجندة الوطنية ومع ذلك لم نصل بعد إلى الاتفاق على أهمية «القائمة الوطنية» الملاذ الوحيد لوحدتنا الوطنية بدلاً من التمزق الذي تفرضه علينا الحكومات المتعاقبة كل منها لها قانونها الانتخابي حتى سجلنا أننا الدولة الأولى في العالم التي لديها قوانين انتخاب عديدة تتغير وتتبدل مع تبدل الحكومات ومع كل انتخابات!!.
نفرح لتونس ونحزن لأنفسنا ولماذا لا نصل إلى قانون واضح يقوم على القائمة الوطنية الواحدة مثل كل المجتمعات المتحضرة التي تُوحد مجتمعاتها بدلاً من تشتيتها وتمزيقها بين هويات جهوية فرعية ممزقة، بدلاً من العمل على وحدتنا على قائمة وطنية واحدة ، وهوية أردنية واحدة، نغرق في وحل التمزق القومي والديني، فالعالم يسير إلى الأمام ويتوحد قومياً وأممياً ونحن نغطس بالهويات الفرعية غير المجدية.
كنت نائباً في البرلمان، ولم أسمع ولم أقرأ عن اقتراح أو مطلب له علاقة بالبدو أو المسيحيين أو الشركس أو الشيشان، بل أستطيع المباهاة والادعاء أنني من طالب الحكومة بوقت مبكر عبر مقالتي اليومية من على صفحة الدستور ليكون عيد ميلاد السيد المسيح يوماً وطنياً، ولذلك دعونا نعمل وبقوة ليكون لدينا قائمة وطنية فقط، هي التي ستوحد الأردنيين، وهي التي ستفرض الأحزاب وتجعل الأردنيين وتدفعهم ليتوحدوا ضمن برامج سياسية ويتوحدوا في خياراتهم نحو اختيار أحزابهم وقوائمهم البرلمانية .
سمعت المهندس محمد عبد الحميد المعايطة، رئيس بلدية الكرك السابق يقول: الدولة الأردنية تأسست عام 1921، ولازلنا أسرى عقلية قوى الشد العكسي، وأسرى التفكير المحافظ غير التقدمي، غير الديمقراطي، الممسكة بقوانين اللعبة، وتحول دون التطور، ودون تقدم الأردن والأردنيين، بينما المستعمرة الإسرائيلية تأسست عام 1948 ولديها جنسيات وهويات من 72 دولة ومع ذلك يتوحدوا بقوائم حزبية وبرلمانية واحدة، ويتوحدوا خلف أحزابهم وقوائمها، ونحن مع الأسف نعمل على تجييش شعبنا وتمزيقه بهويات فرعية ضعيفة غير مفيدة لأصحابها، وضارة لنا كمجتمع ودولة وشعب وحياة وتطور، ولن نتقدم طالما نتمزق في المناكفات الفرعية الصغيرة، فإلى متى نبقى أسرى هذا الوضع وهذه العقلية؟؟ .