مقدمات التفتيت وما بعدها

مقدمات التفتيت وما بعدها
أخبار البلد -  

الاستفتاء في الشمال العراقي موضوع لا يحتمل المجاملة والغمغمات السياسية المترددة الحذرة، كما لا يستدعي المماحكات الصبيانية بشأن الأصول والتاريخ والجغرافيا وأخطاء هذه الجهة أو تلك.
فما يثير المخاوف والتعجب والرفض ليست نتائج الاستفتاء الذي تم في الشمال العراقي، بمباركة ساطعة متحدية من قبل استخبارات الموساد والقوى الصهيونية العالمية. فنتائج ذلك الصخب الهستيري المنظم برعاية صهيو – استعمارية، وتحت رايات النجمة السداسية، ممزوجة بشهوة السلطة والنهب عند هذا السياسي المحلي أو ذاك، كانت منتظرة ومعروفة مسبقا. ما يحير هو ردُ الفعل القصير النظر العاجز اللامبالي للغالبية الساحقة من أنظمة الحكم ومؤسسات المجتمع المدنية العربية نحو ذلك الحدث المفجع الخطير في الحياة العربية.
كنا ننتظر موقفا عربيا واحدأ وصوتا رافضا مجلجلا عربيا واحدا، يصدر بإجماع الدول العربية، من خلال كل المؤسسات المشتركة الإقليمية والقومية، وذلك لمساندة الدولة العراقية العضو في كل تلك المؤسسات، في رفضها الدستوري والقانوني والأمني والسياسي والاقتصادي لنتائج استفتاء مشبوه مسرحي يهيئ لتقسيم العراق ونهب ثرواته البترولية والغازية وإضعافه كدولة عربية مركزية.
فما حدث في العراق ليس حدثا محليا، وليس حدثا عابرا محصورا في الشمال العراقي، وليس تصحيحا لممارسات خاطئة من قبل هذا الزعيم العراقي أو ذاك. إنه مقدمة لمؤامرة صهيو- استعمارية كبرى لتمزيق كل قطر عربي، من دون استثناء، بدأت بتصريحات من قبل أمثال كيسنجر وعراب الفكر الصهيوني برتراند ليفي، ووصلت إلى قمتها بتدريب وتمويل وتسليح ورعاية الميليشيات الإرهابية الجهادية الرافعة لرايات الإسلام زورا وبهتانا، ثمُ توزيعها على سائر أجزاء وطن العرب لتعيث فيه فسادا وتدميرا عمرانيا وبشريا وحضاريا.
ولذلك فبعض ردود الفعل العربية الخافتة البائسة، التي ترفض أن ترى الصورة الكاملة للوضع العربي المتردي، تدل على أن الفاعلين في أرض العرب لا يقرأون الأدبيات السياسية الصهيونية واليمينية الأمريكية، ولا يفهمون الإشارات التي ظلت وما زالت تشير إلى حلم جعل العرب هنودا حمرا آخرين يعيشون في المعسكرات ككائنات للتفرُج والشفقة والتسلية.
لا يحتاج الإنسان لمعرفة عظم وفداحة تلك المؤامرة، إلا أن يقرأ أو يسمع ما يقال في كل بلدان المغرب العربي ووادي النيل العربي والمشرق العربي والخليج العربي، حتى يعرف أن ما حدث في العراق ليس إلا لجَس النبض ومعرفة حجم ردود الفعل من قبل سلطات الحكم، ومؤسسات المجتمع العربي، وشبكات التواصل العربية.
فاذا كان رد الفعل ضعيفا وباهتا وجزئيا وصرخات في فلاة قاحلة، فإن الوحش الكاسر سينتقل للهجوم على الضحية التالية، ولن تردعه مناقشات أو تحفظات باهتة من هنا أو هناك. وكمثال لمقدار العبثية في قصر النظر إلى هذا الأمر، دعنا نشير الى ما كان يجب أن يكون عليه الموقف العربي الخليجي. فالعراق كان ولا يزال محسوبا على أنه بالغ الأهمية في التركيبة الاستراتيجية القومية العروبية للخليج العربي، وإن ضعفه هو ضعف للتوازنات في الخليج، وقوته تعديل للتوازنات السياسية والأمنية والاقتصادية في الخليج، ولذلك فقد كان منتظرا أن يقف مجلس التعاون بصوت واحد، لا بأصوات متفاوتة، ضد الاستفتاء ونتائجه، ومع وحدة دولة العراق الشقيق المنهكة بمحاربة الإرهاب الجهادي من جهة، والخروج من تحت عباءة التدخلات الإقليمية والصهيونية والأمريكية من جهة أخرى.
لقد كانت فرصة لأن نشعر شعب العراق بأن أخوته في الخليج لن يخذلوه في مواجهة محنته الجديدة، كما خذله الكثيرون إبان الاجتياح الأمريكي الذي بني على الكذب والتلفيق والحقارات الاستخباراتية، والذي أدت تدخلاته الاستعمارية الطامعة الفاسدة في أمور ذلك البلد العربي إلى الدمار العمراني والبشري الهائل، وإلى فتح الأبواب أمام معاناته من قبل بربرية تنظيم «داعش» وأمه وأخواته والمتعاطفين المخدوعين معه.
لكن ذلك الموقف القومي الأخوي لم نلمسه. ثم يستغرب المسؤولون الخليجيون لماذا يتصاعد النفوذ الإقليمي غير العربي، بينما يبهت ويتلاشى النفوذ العربي الخليجي وغير الخليجي، القائم على الأخوة والعروبة والمصير المشترك.
وفي المستقبل، عندما يصل الدور لدول الخليج العربي لتفتيتها وإرجاعها إلى عصر الدويلات القبلية الهامشية السقيمة الفقيرة، هل ينتظر من العراق آنذاك، بعد أن يتعافى، وسيتعافى، أن يلعب دوره القومي المعتاد ضدُ من يسعى إلى تمزيقها وتقسيمها في ما بين القبائل والمذاهب؟
لنؤكد من جديد بأننا مع الحقوق الإنسانية الكاملة والمواطنة المتساوية والنصيب العادل في الثروات المادية والمعنوية للأخوة الأكراد. لكننا نؤمن بأن أربيل هي ملك شعب العراق كله، مثلما أن البصرة أو بغداد أو كربلاء هي الأخرى ملك لكل شعب العراق، بما فيه الأخوة الأكراد. وبالتالي فلا الأخلاق ولا المنطق ولا إيماننا بوحدة هذه الأمة العربية وهذا الوطن العربي يسمحون لنا بقبول تقسيم أو تجزئة أي قطر عربي. في كل صباح، عندما أنهض من نومي، يلحُ عليّ سؤال لا أستطيع مقاومة إلحاحه وسيطرته على عقلي ووجداني. أسأل نفسي: هل ما زال في مجتمعات العرب عقل يدقق ويريد، أو إحساس بالكرامة المسلوبة، أو قلق على المستقبل المليء بالأخطار – أو شعور بالخوف الغريزي عند تكالب الأعداء وإحن الأزمنة؟ فما جرى في فلسطين المحتلة وجنوب السودان وشمال العراق واليمن وسوريا وليبيا والصومال، وما سيجري في كل أرض العرب، لا يمكن إلا أن يشير إلى أجوبة مرعبة لتلك الأسئلة اليائسة.
بكل ألم أقول بأنه ما عاد هناك أمل إلا في أطفال وشباب وشابات ونساء العرب، بعد أن مزق تخبط رجال العرب السياسي، جيلا بعد جيل، عبر القرون الطويلة، أحلام وآمال وتطلعات ونضالات وتضحيات أمة بكاملها.
كاتب بحريني

 
شريط الأخبار 103 ملايين دينار مخصصات موازنات المحافظات في مشروع قانون موازنة 2026 وزارة النقل: مشروع تتبع المركبات الحكومية خفّض الاستخدام غير المبرر للمركبات بنسبة 62% "الجمارك" تضبط 25 ألف حبة مخدر و50 غراما من مادة الكريستال الملك يطلع على خطة الحكومة لتطوير المرحلة الأولى من مشروع مدينة عمرة سوليدرتي الأولى للتأمين تقيم ورشة عمل في الجامعة الألمانية الأردنية بعنوان: "التأمين… وإدارة المخاطر" فرع جديد لمجموعة الخليج للتأمين – الأردن في جبل عمّان القضاء يلزم مريضي سرطان بحفظ سور من القرآن كعقوبة بديلة نائب: شموسة منعت من الدخول في عام 2021 هل صرف "الاهلي المصري" النظر عن النعيمات ؟ ضبط أكثر من 1400 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر واحد سلامي: نواجه خصمًا قويًا وسندافع عن حظوظنا لبلوغ نهائي كأس العرب.. موعد المباراة قتلى ومصابون جرّاء إطلاق نار على حفل يهودي في سيدني الفحص الطبي لمرة واحدة… قرار جباية أم تنظيم؟.. النوتي يكتب... الصبيحي يكتب.. الدراسة الاكتوارية للضمان: مؤشرات تحذير لا مخاوف تخبط اداري في مؤسسة صحية .. فك وتركيب اقسام ومديريات!! السفير الأميركي يواصل جولاته المكوكية بين الوزارات الأردنية فريحات يكتب.. السلامي يواجه أستاذه رينارد .. صراع خبرة وطموح في المستطيل الأخضر ايقاف 3 مصانع منتجة للنمط ذاته من المدافئ المتسببة بالوفيات التمييز تحسم القرار .... فينكس القابضة تكسب قضية بملايين الدنانيير ضد الصناعية العقاريه الحكومة تشكل لجنة للبحث عن اسباب حوادث الاختناق