تعديل الحكومة أو حتى رحيلها، اذا ما تم بمعزل عن تغيير يصيب النهج العام الذي يدير البلد، فانه لن يمثل الا محاولة التفافية تريد التحايل على الاحتقان، والتخفيف من حدة الفضائح الاخيرة، وتجفيف بعض أتون الحراك الشعبي المتصاعد، لا سيما في المحافظات.
ورغم ذلك، كان من المتوقع بعد ما جرى في قضية الكازينو، واحتراما لمشاعر المواطنين ومطالبهم، ان يرحل البخيت عن المشهد، وان تكون الرسالة السياسية اكثر انحيازا للناس.
تعديل الامس الذي اجراه معروف البخيت على حكومته لم يكن فارقا بشكل واضح، وباستثناء الاطاحة بوزير الداخلية السرور، لم ينتبه الناس الى معلم يثيره التعديل في نفوسهم.
وعلى ما يبدو فإن قرار التعديل رُسِمَ مضمونه بهدف إحداث تغيير شكلي نفسي يؤثر في المزاج العام، أما قضية برنامج البخيت وسياسته فهي مستمرة لن يطاولها تعديل قط.
البخيت وفي ظل رغبة المرجعيات العليا باستمراره، كان مضطرا للتغيير، فهناك مقاعد وزارية شاغرة بسبب الاستقالات، وثمة عدم توافق في فريقه الوزاري، ما جعله مضطرا للتعديل بسقف غير ابداعي.
طبعا الحراك الشعبي والسياسي الذي شهدنا تطوره يوم الجمعة، لن يتأثر بهذا التعديل ولن تقنعه هذه الخطوة بالتراجع عن مطالبه الوطنية والاجتماعية والحقوقية.
ومن هنا يتبدى ارتباك المشهد السياسي الاردني عند كافة اطرافه، فالنظام يقف امام معضلته بسلبية واضحة، فهو لا يقدم على خطواته الا مترددا وبكمية غير دسمة، لا تسمن ولا تغني من جوع.
أما المعارضة والحراك الشعبي تحديدا، فمطالبتهم بحل البرلمان واسقاط الحكومة، ليست مطالبة لذات الحل والاسقاط، وانما هي مطالبة بمشروع اصلاحي متكامل يغير النهج ويلبي طموح الناس ويطوي مخاوفهم على الوطن والادارة والقرار.
التعديل الذي أجراه البخيت على حكومته، ليس اكثر من قفزة في هواء التراخي الرسمي عن الاصلاح واضاعة الوقت، فالذهاب بعمرو، والاتيان بعمرو اخر، ليس حلا.
الحل واضح وضوح الشمس، وعنوانه خطوات اصلاحية حقيقية تمس التشريعات الناظمة للعمل السياسي ومن ثم اسقاطها على ارض الواقع، على ان تدير المرحلة الانتقالية هذه حكومة وطنية يرأسها شخص غير خلافي مشهود له بالقامة الانصافية والاستقلالية.