رئيس صندوق النقـد الدولي (دومينيك شتراوس كان) يرقـد في زنزانة انفرادية في أحد سـجون نيويورك بانتظار محاكمته بتهمة اغتصاب عاملة نظافة في الفنـدق الذي قضى فيه ليلـة، وهي مهاجرة من إحدى بلدان العالم الثالث.
ما فعلـه الرئيس القوي للصندوق مع العاملة المسكينة هو نفس ما يفعله الصندوق مع دول العالم الثالث، دون أن يقـدم للمحاكمة بتهمة اغتصاب الشعوب المغلوبة على أمرها.
صندوق النقـد الدولي تأسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية (1945) ليضمن ثبات أسعار صرف العملات، بحيث يرتبط الدولار بالذهب، وترتبط العملات الأخرى بالدولار بسـعر ثابت. وكان الصندوق جاهزاً لإنقاذ الدول المتعثرة مقابل شـروط قاسية لمنعها من تخفيض عملاتها.
لكن أميركا لم تسـتطع مواصلة الحفاظ على ربط الدولار بالذهب لأكثر من 25 عاماً، فتحولت العملات منذ 40 عاماً لنظام التعويم، بحيث تتقلب أسعار الصرف من يـوم لآخر على ضـوء تفاعل العرض والطلب في الأسواق الحرة، وبذلك انقلب النظام العالمي رأساً على عقب.
بعبـارة أخرى فإن المهمة التي تم تأسيس الصندوق من أجلهـا انقضت، وبدلاً من تصفية الصندوق الذي فقـد مبرر وجـوده، بحث عن دور جديـد يؤمن له البقاء، ومن الغرابة أن وصفة الصنـدوق أصبحت تتضمن الدعوة لتخفيض العملة وزيادة الضرائب وبالتالي ارتفاع مستوى التضخم وتقليل القوة الشرائية للمواطنين بحيث يتحقق التقشـف الإجباري، وينخفض الطلب الكلي ومستوى المعيشة، ويتمكن البلد المعني من تحقيق فوائض مالية لتسديد الدائنين.
تقول افتتاحية مجلـة فوربز الأميركية (21/6/2011) إن العالـم لم يعد بحاجة لصندوق النقـد الدولي، وإن العالم سـيكون أفضل حالاً بدون الصندوق الذي يسيطر على حوالي 375 مليار دولار و90 مليون أونصة ذهب هي من حق الدول المشاركة في رأسماله.
هل تتحـول محاكمة رئيس صندوق النقـد الدولي بتهمة اغتصاب العاملة الضعيفة إلى محاكمة لصندوق النقد الدولي نفسـه بتهمة اغتصاب كرامة ومعيشة شعوب العالم الثالث، التي قادها فساد حكامها وسـوء إدارتهم للاستسلام لصندوق النقـد الدولي الذي ما زال يغـري الدول النامية بالاقتراض منه لتأجيل مواجهة سـوء إدارتها المالية؟؟.