الدَّجَل باسم الدين

الدَّجَل باسم الدين
أخبار البلد -  



لم تُوَفَّق نقابة المهندسين في برنامج محاضراتها العامة إلى أن تعالج همومنا الهندسية في البلد، مثل تخطيط الشوارع الذي يحدث كيفما اتّفق في البلديات وأمانة عمان، ومثل الأبنية التي تهبط على سكانها؛ بناية جبل الجوفة مثالاً، ومثل البشاعات العمرانيّة التي استلبت من عمان شخصيّتها المميّزة بين الحواضر العربيّة.. ولكن الذي أمضَّها وأقلقَ نومَها موضوعٌ لا علاقةَ له بالهندسة من قريبٍ أو بعيدٍ، بل لا علاقة له بأيِّ علمٍ من العلوم الإنسانيّة، وهو التفسير العلميّ للقرآن الكريم. وبناءً عليه فقد دعت في أسبوعٍ واحد إلى محاضرتين في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، الأولى قدمها شخصٌ ليس له أي باعٍ إلا في تأليف كتبِ الأرصفة من قبيل "تعلّم التركيّة في أسبوع"، والثانية قدّمها أستاذ جيولوجيا يضيفون إليه وصفَ "العلامة". وهي صفةٌ لم نسمع أن أحداً استحقَّها في العالم إلا من يُلمّعُهم الإسلام السياسي. فأهمّ العلماء في تاريخ البشريّة لم يحظوا بهذا الشرف العظيم، لا في الماضي ولا في الحاضر. وقد انطوى ابن خلدون وابن الهيثم والبيروني وابن رشد والفارابي وابن سينا ومن قبلهم فيثاغورس وأفلاطون وأرسطو دون أن يُضافَ إلى أسمائهم هذا الوصف المختال. وإخالُ الواحدَ منهم ينهرُ من يقدّمُه به، إلا "العلامة الجليل" موضوع هذه المقالة. فليس للرجل ما يسِمُه بتواضع العلماء ولا أدبهم، إذ يتفجّرُ من فمه سيلُ السباب منصرفاً إلى مخالفيه في المنهج، وكاشفي أكذوبة التفسير العلمي للقرآن التي يسوّقها على أنَّها رديفٌ وصنوٌ للآيات المُحكَمات. فمن لا يؤمّنُ على ما يقول من ترّهاتٍ، فهو "ملحدٌ كافرٌ زنديقٌ عَلمانيٌّ دهريٌّ، بل وحثالةٌ من الحثالات وحقير".. وهي مفرداتٌ التقطناها من شهود عيانٍ ومن فيديوهين فقط من فيديوهاته الكثيرة؛ الأول محاضرة له في جامعة فاس في المغرب، قبل شهور، والثاني محاضرته البائسة في نقابة المهندسين قبل أيام وتعليقه عليها لدى إحدى الإذاعات الأردنية. وكلُّه متاحٌ لمن شاء متابعة هذه المهزلة الكارثيّة.
لماذا أصف هذا "العلم" الذي يقدّمه "العلامة" بالدّجل؟ وما هو الدّجل؟
يقولُ "لسانُ العرب": "الدُّجَيْل والدُّجالة القَطِران والدَّجْل شدّة طَلْي الجَرْب بالقَطِران ودَجَل البعيرَ طَلاه به... فذلك التَّدجيل فإِذا جعلته في المشاعر فذلك الدَّسُّ... ودَجَل الشيءَ غَطَّاه... ودَجَل الرجلُ وسَرَج وهو دَجَّال كَذَب، وهو من ذلك لأَن الكذب تغطية... والدَّاجِل المُمَوِّه الكَذَّاب وبه سمي الدَّجَّال. والدَّجَّال هو المسيح الكذاب وإِنما دَجْلُه سِحْره وكَذِبُه. ابن سيده: المسيح الدَّجَّال رجل من يَهُود يخرج في آخر هذه الأُمة سمي بذلك لأَنه يَدْجُل الحَقَّ بالباطل وقيل بل لأَنه يُغَطِّي الأَرض بكثرة جموعه وقيل لأَنه يُغَطِّي على الناس بكفره وقيل لأَنه يدَّعي الربوبية سمي بذلك لكذبه وكل هذه المعاني متقارِب... (و) الدَّجَّال المُمَوِّه... (أما) النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح فقال: يكون في آخر الزمان دَجَّالون أَي كَذَّابون مُمَوّهون وقال إن بين يَدَي الساعة دَجَّالين كَذَّابين ...(و) كل كَذَّاب فهو دَجَّال وجمعه دَجَّالون وقيل سُمِّي بذلك لأَنه يستر الحق بكذبه" انتهى.
إذن، فدجْلُ الحقِّ بالباطلِ هو ما يفعلُه "العلاّمة"؛ الحقّ هو القرآن نصُّ المسلمين المقدّس، والباطلُ هو تأويله غير المقدَّس الذي يُقحمُه على النصِّ المقدَّس، ويُكفِّرُنا إن لم نصدّق به.
لقد اكتشفَ الدكتور في الجيولوجيا منجماً من ألماسٍ عندما هبط من علوم الأرضِ إلى علوم السماء. ولا يعيبُه أنّه قاربَ القرآن بأيِّ منهجٍ يريد، حتى لو لم يتّخذ عدَّته لذلك، من استبطان علوم التفسير وعلوم اللغة وعلوم القرآن وعلى رأسها علمُ أسباب التنزيل وعلمُ الناسخِ والمنسوخ... وغيرها. فالجهدُ البشريُّ يُحاجَجُ بالجهدِ البشريّ وبالنقد وبالتفكيك.. ولكن أن يزعمَ هذا الذي درسَ علومَ الأرضِ في جامعة بريطانيّة على مناهج العلمِ الصارمة، التي لا تخضعُ لرأيٍ بل للتجربة والبرهان، أنَّ ما يقوله في القرآن هو الحقّ، فليسمحْ لنا أن نذكّره بما كان يقوله الأوائل بعد كل اجتهادٍ وتفسيرٍ وتعليق "والله أعلم". ولتواضعَ أمام ربّه فلا يساوي "كلامَه البشريّ" بـ"كلام ربّه الإلهيّ". وللحديثِ بقيّة..
وإلى كلِّ ذلك، فدعونا لا نفقد الأمل..!

 
شريط الأخبار مطار الملكة علياء يحافظ على تصنيف الـ4 نجوم مليون زائر لمنصة الاستعلام عن خدمة العلم خلال أقل من ساعة كيف سيكون شكل الدوام والإجازات للمكلفين بخدمة العلم؟ الجيش يجيب.. الأردن يسجل أعلى احتياطي أجنبي في تاريخه إطلاق منصة خدمة العلم - رابط الخشمان يسأل الحكومة هل هذه الموازنة تصنع مستقبل الأردن نقابة أستقدام العاملين في المنازل تبارك لمفوض العقبة محمد عبدالودود التكريم الملكي.. تستحقها وبجدارة مديرة مدرسة تبصم من البيت باصابع اداريات وهذا ما جرى فارس بريزات يحمل مسؤولية الفيضانات للبنية التحتية وشرب "القيصوم" مع السفير الامريكي اعظم الانجازات..!! الملخص اليومي لحركة تداول الأسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الاثنين سعر تذكرة مباراة الأردن والأرجنتين تثير جدلًا واسعًا.. تعرف عليه! سلامي: المنتخب المصري يواجه ضغوطات.. وسنقوم بإراحة لاعبين أساسيين سجال ساخر على مواقع التواصل حول الاسوارة الإلكترونية البديلة للحبس في الأردن مستغلاً المقاطعة.. مطعم جديد في عمان يحاول تقليد مطاعم عالمية شهيرة ثبتت التوقعات.. محافظ العقبة بحاجة الى خرزة زرقاء..!! لماذا عدل فستان سمر نصار عبر قناة محلية ؟ - صورة الحكومة تبرر ايصال المياه مرة بالاسبوع وفاة أكبر معمّرة الأردن عن 129 عامًا في تصريح جريء لوكيل مرسيدس رجا غرغور: لا معنى لوجود شركة نيسان استقالة رئيس جامعة خاصة تكشف المخفي والمستور.. هل سيفتح التعليم العالي تحقيقا بأسبابها