الهوية المعقّدة للعرب في إسرائيل

الهوية المعقّدة للعرب في إسرائيل
أخبار البلد -  

 

 

بعيداً من الخطاب السائد في وسائل الإعلام العربية بخصوص الأقلية العربية في إسرائيل، يأتي بحث استطلاعي جديد، نشره مؤخّراً المعهد الإسرائيلي للديموقراطية، ليكشف عن حقائق تتعلّق بهذا الجمهور الذي يعيش في حالة فصام مزمن. وعلى خلفية الخطاب الشعبوي الشعاراتي تميل الغالبية إلى عدم مواجهة هذه المكتشفات وتفضّل الاستمرار في دسّ رؤوسها في رمال الحواضن البلاغية.

 

 

لقد شمل هذا الاستطلاع مجموعتين عمريّتين، الأولى هي مجموعة الشباب بسنّ 18-34 سنة، والثانية مجموعة البالغين بسنّ 35-54. وقد انصبّ اهتمام الاستطلاع على استكشاف مواقف المواطنين العرب على اختلاف طوائفهم، من مسلمين ومسيحيين ودروز، في ما يتعلّق بقضايا عدّة، وهي: تقويم الوضع الإسرائيلي الرّاهن، الشعور بالانتماء للمواطنة الإسرائيلية والهوية الوطنية، القيم الديموقراطية، قضيّة الثقة بمؤسسات الدولة وبقيادة الجمهور العربي في إسرائيل.

 

 

على العموم، وعلى غرار المستطلعين اليهود بفوارق ليست كبيرة، تقوّم أكثرية المستطلعين العرب الوضع الإسرائيلي بأنّه جيّد أو جيّد جدّاً. غير أنّ أكثرية المستطلعين العرب، في الآن ذاته، تشير إلى التمييز والإجحاف بحق المواطنين العرب من قبل المؤسسة.

 

 

ولكن، على رغم كلّ ذلك، فإنّ المكتشفات الأخرى من هذا الاستطلاع تشير إلى حالة الفصام المزمنة لدى هذا الجمهور. إذ إنّ الأكثرية من بين المستطلعين العرب (55 في المئة) يقولون بأنّهم فخورون بكونهم إسرائيليّين. والملاحظ أنّ نسبة الفخر بالهوية الإسرائيلية هي أعلى في صفوف الفئة العمرية البالغة، حيث وصلت إلى قرابة الثلثين (2.56 في المئة). هذه النسب هي نسب معدّلة للجمهور العربي بعامّته. ولكن، بالنظر إلى مركّبات هذا المجتمع الطائفية نجد فروقاً واضحة بين مركّباته. إذ يتبيّن من الاستطلاع نسبة الفخر بالهوية الإسرائيلية هي الأعلى في صفوف الدروز (83 في المئة)، وهي شبيهة بالنسبة بين اليهود (86 في المئة). وبين المواطنين المسيحيين بلغت نسبة الفخر بالهوية الإسرائيلة حوالى الثلثين (64 في المئة)، وبين المسلمين حوالى النصف (49 في المئة).

 

 

أمّا بخصوص المركّبات الأهمّ في الهوية الشخصية فإنّ الأكثرية من المستطلعين العرب في إسرائيل (29 في المئة) ينظرون إلى المركّب الديني: مسلم، مسيحي أو درزي، بوصفه المركّب الأهمّ في الهوية ويضعونه في المرتبة الأولى. بينما وضع الربع منهم (25 في المئة) الهوية الإسرائيلية في المرتبة الثانية، بعدها تأتي في المرتبة الثالثة بنسبة مشابهة (24 في المئة) الهوية العربية. فقط ثمن المستطلعين (12.5 في المئة) أشاروا إلى الهوية الفلسطينية بوصفها الهوية الأهمّ.

 

 

مرّة أخرى هذه النسب المتعلّقة بتدريج المركّبات الأهمّ في الهوية هي نسب لكل المواطنين العرب. أمّا بالنظر إلى المركّبات الطائفية لهذا الجمهور فنكتشف فوارق كبيرة بين مركّباته. إذ تشير نتائج الاستطلاع بين المواطنين المسلمين إلى نسبة متشابهة تتعلّق بتدريج المركّبات الأهمّ في الهوية الشخصية، الإسلامية والإسرائيلية والعربية.

 

 

غير أنّ النسبة الأكبر (32 في المئة) لكون الهوية العربية تأتي في المرتبة الأولى هي لدى المواطنين المسيحيين، بعدها تأتي لديهم الهوية الإسرائيلية (22 في المئة)، ثمّ الهوية الدينية (18 في المئة)، والهوية الفلسطينية (14 في المئة). بينما في صفوف المواطنين الدروز فإنّ الهوية الدينية تأتي في المقدّمة بالنسبة الأعلى من بين العرب حيث بلغت 54 في المئة، بعدها تأتي الهوية الإسرائيلية بنسبة 37 في المئة، بينما الهوية العربية لا تكاد تُذكر، وهي بنسبة 5 في المئة، أمّا الهوية الفلسطينية فهي معدومة لدى الدروز، حيث لم يذكرها أيّ واحد من المستطلعين.

 

 

وفي ما يتعلّق بمسألة التديّن، فحوالى ثلث المستطلعين العرب بعامّة يعرّفون أنفسهم بأنّهم متديّنون جدّاً أو متديّنون. وما يقارب النصف يقولون بأنّهم محافظون. والملاحظ أنّ نسبة التديّن في صفوف المسلمين هي الأعلى. ومن بين الطوائف العربية الثلاث يكشف الاستطلاع أنّ نسبة عدم التديّن هي الأعلى في صفوف المواطنين الدروز.

 

 

أمّا في ما يتعلّق بقضيّة الثقة بالمؤسسات الرسمية والسياسية، فإنّ المواطنين العرب على غرار المواطنين اليهود، لكن بنسبة أكبر، يكشفون عن عدم ثقة بالسياسيين. إذ تقول النسبة الأكبر منهم بأن السياسيين يهتمّون بمصالحهم الشخصية أكثر من اهتمامهم بمصالح الجمهور الذي انتخبهم. أمّ بخصوص القيادة العربية فإنّ نسبة ضئيلة، وهي أقلّ من ثلث المستطلعين، تثق بقيادة الجمهور العربي المتمثّلة بلجنة المتابعة العليا للجمهور العربي في إسرائيل.

 

 

إنّ نتائج هذا الاستطلاع تشير بلا أدنى شكّ إلى الحال السياسية والاجتماعية المعقّدة التي وجدت فيها هذه الأقلية نفسها على خلفية المواطنة الإسرائيلية والصراع العربي- الإسرائيلي منذ قيام إسرائيل كدولة يهودية باعتراف أممي. وعلى رغم إشكالية العلاقة بالمؤسسات الرسمية ذات الأجندات اليهودية القومية التي نشأت عليها، فإنّ الأقلية العربية وعلى خلفية ما يجري في العالم العربي، وما تشاهده في السنوات الأخيرة من مجازر لا أوّل لها ولا آخر، فإنّ تشبّثها بالهوية الإسرائيلية على إشكاليّتها له ما يبرّره.

 

 

كذلك فإنّ الفوارق التي تظهر بين المكوّنات الطائفية لهذا المجتمع هي مجرّد أصداء لما هو حاصل في سائر المجتمعات العربية في هذا المشرق. وعلى ما يبدو فإنّ الانتماء للعروبة لم يفلح في جذب المركّبات البشرية لهذا المجتمع لتنصهر في هويّة عابرة للطوائف.

 

 

إنّها قضايا كبيرة تؤرّق أهل هذه البقعة من الأرض وهي جديرة بالبحث، وجديرة أيضاً بطرحها على الملأ والتعامل معها بانفتاح ذهني وبصراحة قصوى. إنّ طريق التصالح مع أنفسنا تبدأ بالتصارح. أليس كذلك؟

 

 

 

 

 

 

 

 

* كاتب فلسطيني

 

 

للكاتبTags not available
 
 

pic.twitter.com/jAm1f7mMGs

" lang="ar" data-twitter-extracted-i1494312181425772726="true">Tweets by @alhayat_op


 
شريط الأخبار في أول تصريح لوزير الاقتصاد الرقمي سامي سميرات يعيد "نفس الكلام" !! أبو علي: 100 آلف مكلف المسجلين بنظام الفوترة الوطني الالكتروني "بورصة عمان" تنهي تداولاتها لجلسة الإثنين بنسبة انخفاض (0.39%) البنك "الاستثماري" يفوز بجائزتين مرموقتين من جوائز الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية العالمية المستحقون لقرض الإسكان العسكري لتشرين الأول (أسماء) نائب الأمين العام لحزب الله: "إسرائيل" لم ولن تطال قدراتنا العسكرية.. وجاهزون لحرب برية متقاعدو الفوسفات يعودون إلى الشارع مجددًا: تعنّت الإدارة وملف التأمين الصحي يشعلان الاحتجاجات العقبة.. مفصول من عمله بمصنع يفتح النار بشكل عشوائي ويصيب اثنين لماذا تم تعيين رئيس تنفيذي جديد "لكيا الأردن" في هذا الوقت؟ التقى برجل مجهول وصافحه... تفاصيل جديدة عن عملية إغتيال نصر الله فيديو يظهر الحايك وهو يتوقع عدوان اسرائيل على منطقة الكولا في بيروت.. ماذا قال؟ الأمن يعلن عن تعديلات واسعة في عمل جسر الملك حسين عاجل. 6 كلاب ضالة نهشته في رأسه ورقبته.. تفاصيل صادمة عن حادثة وفاة طفل بالجيزة العجلوني : نتائج الشامل الدورة الصيفية 2024 يوم الأربعاء الموافق 2/10/2024 بسبب حذائها الأحمر.. موقف محرج لوزيرة الخارجية الألمانية في شوارع نيويورك (صور) 1238 باخرة رست على أرصفة ميناء العقبة الجديد وميناء الركاب في 2024 «حماس» تعلن مقتل قائدها في لبنان وعضو قيادتها في الخارج، فتح شريف أبو الأمين، مع بعض أفراد عائلته في ضربة إسرائيلية في جنوب لبنان راقصة مصرية تكشف عن طلب وزير خارجية أميركي سابق الزواج منها اجواء خريفية معتدلة فوق المرتفعات اليوم وانخفاض الحرارة غدًا تحويل مستحقات مراقبي ومصححي التوجيهي للبنوك يوم غد الثلاثاء