من المتوقع أن تبدأ الدورة الاستثنائية لمجلس النواب في الأسبوع المقبل، وستناقش مجموعة من التشريعات، في مقدمتها قانون البلديات، تمهيداً لانتخابات بلدية، تضع قطار الإصلاح عملياً على السكة، بانتظار الدورة الاستثنائية الثانية (أو العادية) ويفترض أن تناقش التعديلات الدستورية، ومشروعي قانوني الأحزاب والانتخاب.
في سياق ذلك، فإنّ مصير مجلس النواب يكاد يكون معروفاً، وفق هذه الروزنامة، ويرتبط بدرجة رئيسة بتحديد موعد الانتخابات المبكّرة، فيما إذا كانت في بداية العام المقبل أم بعد ذلك.
السؤال اليوم يتبدّى حول مصير حكومة الرئيس معروف البخيت، إذ طغى انطباع عام في الأوساط السياسية والإعلامية أنّها دخلت مرحلة "الرحيل"، تحت وقع قضية خالد شاهين، والتجاذبات مع الشارع، والاختلاف في دوائر القرار (وبين الفريقين السياسي والاقتصادي داخل الحكومة نفسها) على خطة الإصلاح الاقتصادي وقرارات رفع الأسعار وتغيير سياسات الدعم.
السؤال يكمن حالياً فيما إذا كان مصير الحكومة حُسم فعلياً أم أنّه ما يزال قيد التفكير ورسم السيناريوهات وأزمة البدائل، وأخيراً عامل الوقت، إذ إنّ تصور تشكيل حكومة جديدة حالياً مرهون بالمرور عبر الدورات البرلمانية.
ليس من المتوقع أن يجري د. البخيت الانتخابات البلدية والنيابية. لكن السيناريو الرئيس كان يقتضي أن يقود السفينة إلى أن يصل للتحضير للانتخابات المقبلة، ثم تتولى حكومة أخرى هذه المهمة.
الآن، مع توقع الدورة الاستثنائية في الأسبوع المقبل، فإنّ الرئيس غالباً سيعبر هذه الفترة. لكنه من المتوقع أن يواجه خلالها مجلساً شرساً مشاكساً، وأهم ما في هذه المواجهة نتائج لجنة التحقيق في ملف الكازينو، بعد أن طلب قرابة 87 نائباً إدراجه على جدول الدورة الاستثنائية.
خصوم البخيت في مجلس النواب سارعوا إلى التقاط ملف الكازينو، وبناء قضية قاسية ضد الرئيس شخصيا. وللأمانة، فإنّ المحرّك الأساسي لدى بعض هؤلاء النواب لا يتجاوز منطق "تصفية الحسابات الشخصية" مع الرجل، هذا لا ينفي – بالطبع- مسؤوليته الأدبية والسياسية عن هذه القضية التي وقعت في عهده. إنّما يحسب له أمران؛ الأول أنّه امتلك الشجاعة لإثارتها علناً ومباشرةً، والثاني أنّه نظيف اليدّ، ليس فاسداً، وإن كان وقع في أخطاء كارثية خلال الحقبتين الأولى والثانية، وغني عن التذكير أنّ نظافة اليد باتت ميزة استثنائية في الطبقة السياسية.
إذا، مع ترجيح بقاء الرئيس إلى حين انتهاء الدورة الاستثنائية الوشيكة، فإنّه أمام أيام صعبة واختبارات في القدرة والكفاءة على إدارة معارك جديدة، وقد أرسل مؤخراً بملف "سكن كريم لعيش كريم" إلى المجلس، وهو ما سيدفع إلى ارتفاع سخونة الاستثنائية، مع وجود عدد كبير من النواب الذين ما يزالون يدينون بالولاء لرئيس مجلس النواب السابق، عبدالهادي المجالي، أعاده الله بالسلامة.
ربما يسعف الرئيس الوقت إذا قام بتعديل في فريقه الحكومي، واستطاع الحصول على مجموعة أكثر انسجاماً وقدرة على الاشتباك مع الشارع.
الرئيس يتحرّك في الوقت الضائع، وفي ظروف متوترة ترتفع فيها حرارة الحراك السياسي، وقد بدأت المطالبات برحيله، ويستعد لمواجهة مجلس نيابي محتقن، أيضاً، فيما ما تزال وراءه قصة خالد شاهين والأزمة مع الإسلاميين والاحتجاجات المختلفة، كان الله في عون الجميع!