«حماس» التي لم تفاجئ أحداً سوى نفسها

«حماس» التي لم تفاجئ أحداً سوى نفسها
أخبار البلد -  

 

 

على رغم كل ما يمكن أن يقال عن مبادرة «حماس» لتعديل ميثاقها ومبادئها (لتنسجم مع القانون الدولي) فإنها مبادرة تعكس إدراكاً واقعياً، أو تحوّل الإدراك المسبق إلى مبادرة علنية. ولا بأس في ذلك على أي حال! والحال أن «حماس» والحركة الإسلامية في إسرائيل تسلك فعلياً ومنذ زمن طويل سلوكاً واقعياً في فهم ومعالجة الحقائق الحاكمة في شأن الصراع والعلاقة مع إسرائيل، ولم تكن المبادرة سوى إعلان لحالة يعرفها الجميع، وهي أن المقاومة انتهت فعلياً عام 1948، ولم نكن، حكوماتٍ ومنظماتٍ، نفعل شيئاً سوى محاولة العودة إلى ما قبل 1967. لكننا وعلى مدى خمسين عاماً أعقبت هزيمة حزيران (يونيو) لم نحقق سوى خسائر إضافية وجديدة، لسبب واضح وبسيط وهو الفارق العسكري والتنظيمي الهائل بين طرفي الصراع، ولم تكن محاولات وجهود المقاومة سوى مواجهة من دون كيشوتية مع طواحين الهواء.

 

 

صحيح أن الهزيمة لا تغير التاريخ والحقائق، لكن التاريخ والحقائق لم تكن في واقع الحال سوى محصلة للصراع، ولم يكن الصراع في التاريخ والجغرافيا مطلوباً لذاته، ولم يكن أيضاً دليلاً على الحقوق التاريخية والأساسية، كما لم يكن وقف الصراع دليلاً على التخلي عن الوجود والتاريخ، وإن كان اليهود يصلحون مثالاً، فقد ظلوا على مدى القرون يحلمون بالعودة إلى ما يعتقدونه أرضهم ومقدساتهم، ولم ينسهم الزمن ولا اختلال الصراع لغير مصلحتهم وأحلامهم ومشروعهم. هي إذاً إرادات لا يشكل الصراع دليلاً عليها، فما من دليل في واقع الحال سوى القدرة والذاكرة.

 

 

لقد تحول الفارق بين القدرات والأفكار إلى انفصال عن الواقع، ثم تحول هذا الانفصال إلى مصالح نخبوية وفئوية، وبمرور الزمن صارت المقاومة رواية مختلفة عن منشئها، لم تعد فعلاً مؤثراً في الصراع وتسويته كما يفترض، لكنها حالة جديدة مستقلة أنشأتها أنظمة وجماعات فاشلة تداري بها الفساد والاستبداد، ثم صار لهذه الحالة هيكلها وكهنتها وروادها. والخرافة قادرة دائماً وكما يؤكد التاريخ والواقع على بناء أيديولوجيات وأنظمة وجماعات متماسكة، فالخيال كان وما زال على الدوام المورد الأساسي والمحرك الأكثر فاعلية لبناء الهويات والقوميات والدول،... التقدم والإنجازات ايضاً كانت في منشئها مدينة للخيال!

 

 

اليوم تبدو المقاومة في ما يمكن أو يجب تجنبه أكثر مما هي ما يمكن فعله، ففي الخوف والمجهول اللذين يسودان الأفكار والتوقعات والتحولات ليست ثمة صواب يمكن معرفته أو حكمة يمكن إدراكها، إنما تحتاج المجتمعات والأمم إلى تأمل عميق صامت ومحاولة للفهم والاستيعاب، إذ لم يعد ثمة صلة بين الواقع المتشكل والماضي القريب فضلاً عن البعيد، هو مستقبل منقطع عن الحاضر والماضي، وما من حكمة أو أداة لفهمه وإدارته سوى تجنب المجازفة ومحاولة التعلم والمعرفة والمراقبة غير المكلفة، لم يعد أحد يعرف إلى أين تمضي الموارد والأعمال والمؤسسات، وكل شيء معرض للزوال والتغيير الجذري بما في ذلك الأفكار والثقافات، وتفعل النخب والحكومات خيراً إن شغلت وأشغلت الناس بالبحث عن الفرص والتحديات الجديدة.

 

 

لكن مبادرة «حماس» تحمل مؤشرات بالغة الأهمية والدلالة، إعلان نهاية الأيديولوجيا الدينية كمحرك جوهري للدول والجماعات والمدن والمجتمعات، مثلما أعلنت مبادرة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988 نهاية الأيديولوجيا القومية، ستتحول الجماعات والمنظمات الدينية إلى فلول وذكريات، وسيكون مواصلة للهدر والفشل أن تواصل الجماعات والمؤسسات الدينية مغامرتها في الهيمنة على أرواح الناس وضمائرهم ومصائرهم، أو تواصل اعتقادها بأن لديها صواباً نزل من السماء لتنظيم مصالح الدول والمجتمعات وعلاقاتها، أو احتكارها لهذا الصواب!

 

 

 

 

 

 

 

 

* كاتب أردني

 

 

للكاتبTags not available
 

 
شريط الأخبار رئيس هيئة الأوراق المالية يبحث سبل تعزيز الاستثمار والتعاون مع السفير البريطاني في عمان تأهبوا ليوميّ الأربعاء والخميس... منخفض مصحوب بأمطار غزيرة وضباب انسحاب المؤسِّس الأردني محمد عمر محمد شاهين من شركة الفائقة الدولية لتجارة السيارات واستحواذ مجموعة “غبور” المصرية على كامل حصص الشركة الاتحاد الأردني لشركات التأمين بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي ينظمان برنامجا تدريبيا حول متطلبات المعيار المحاسبي رقم (17) "الغذاء والدواء": مستحضر NAD + للحقن الوريدي غير مرخص من المؤسسة قروض بطاقات الائتمان ترتفع 10% لتبلغ 420 مليون دينار منذ مطلع العام الطاقة: انخفاض أسعار المشتقات "عالميا" باستثناء بنزين 90 مطار الملكة علياء يحافظ على تصنيف الـ4 نجوم مليون زائر لمنصة الاستعلام عن خدمة العلم خلال أقل من ساعة كيف سيكون شكل الدوام والإجازات للمكلفين بخدمة العلم؟ الجيش يجيب.. الأردن يسجل أعلى احتياطي أجنبي في تاريخه إطلاق منصة خدمة العلم - رابط الخشمان يسأل الحكومة هل هذه الموازنة تصنع مستقبل الأردن نقابة أستقدام العاملين في المنازل تبارك لمفوض العقبة محمد عبدالودود التكريم الملكي.. تستحقها وبجدارة مديرة مدرسة تبصم من البيت باصابع اداريات وهذا ما جرى فارس بريزات يحمل مسؤولية الفيضانات للبنية التحتية وشرب "القيصوم" مع السفير الامريكي اعظم الانجازات..!! الملخص اليومي لحركة تداول الأسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الاثنين سعر تذكرة مباراة الأردن والأرجنتين تثير جدلًا واسعًا.. تعرف عليه! سلامي: المنتخب المصري يواجه ضغوطات.. وسنقوم بإراحة لاعبين أساسيين سجال ساخر على مواقع التواصل حول الاسوارة الإلكترونية البديلة للحبس في الأردن