سقوط «الإخوان» وتشظي الوعي الجمعي المصري

سقوط «الإخوان» وتشظي الوعي الجمعي المصري
أخبار البلد -  


هناك دلالتان بارزتان يمكن استنتاجهما من موجة الإرهاب الجديدة التي ضربت مصر أخيراً، باستهداف كمين شرطة وكنيسة، في عمليتين متتاليتين.

 

 

الدلالة الأولى هي السقوط المروع لجماعة «الإخوان المسلمين». فالجماعة منذ عزل محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) 2013 قدمت نفسها إلى الرأي العام الداخلي والعالمي باعتبارها ضحية لإرهاب «الدولة العسكرية» التي انقلبت على الرئيس المنتخب. لا سيما أن الأحداث التي تلت ذلك وجرَت خلالها انتهاكات لحقوق الإنسان، ساعدت الجماعة في تدشين خطاب مظلومية جديد في مواجهة السلطة في مصر.

 

 

إلا أن انجرار الإخوان إلى دائرة العنف المسلح وإعلانهم مسؤوليتهم المباشرة أو غير المباشرة عنه، يعني أن التنظيم انتهج العنف المسلح كسلوك وحيد في مواجهة الدولة، بما يؤكد نهايته. فمن غير المنطقي أن تتمكن جماعة مسلحة، أياً كانت قدراتها التكتيكية من هزيمة دولة، إلا إذا كانت أجهزة الأخيرة هشة ومنهارة داخلياً. ولعل خير دليل على ذلك هو تجربة «جبهة الإنقاذ» الإسلامية في الجزائر التي منيت في الأخير بالهزيمة، وتراجعت عن نهج العنف المسلح في مواجهة الدولة.

 

 

أما الدلالة الثانية، فهي تشظي الوعي الجمعي المصري. فردود الأفعال المتناقضة والمتضاربة والعنيفة، بعد حادثة كتفجير الكنيسة البطرسية التي يفترض أن تشكل قوة دامجة في مواجهة خطر الإرهاب الداهم، تؤكد ذلك التشظي. فإعلاميو النظام الذين ذهبوا لتغطية الحدث في محيط الكنيسة، نالهم من الأقباط المحتجين ما نالهم من عنف لفظي وبدني. كما أن جموع الأقباط الغاضبة منعت رئيس وزراء مصر ووزير الداخلية من دخول الكنيسة، وهو ما يناقض رد فعل المؤسسة الكنسية في مصر والنخب القبطية وقطاع من الجماهير القبطية التي ما زالت تعتقد بأن السلطة الحالية هي الملاذ الوحيد لمصر وللأقباط في مواجهة موجة الإرهاب التي تضرب البلاد.

 

 

هذا التشظي انتقل من دائرة الأقباط إلى المجال العام المصري، فقد أثارت حادثة تفجير الكنيسة وما تلاها من تحقيقات لكشف الجناة، تساؤلات مخلوطة باستنكار شديد من جانب النشطاء السياسيين والإعلاميين وشباب الفايسبوك المعارضين للسلطة في مصر والذين يجمعون على عدم دقة الرواية الرسمية في ما يتعلق أولاً بقيام الأمن بدوره في حماية الكنيسة، وثانياً بعملية تعقب المتهمين والقبض عليهم، مستدعين أحداثاً إرهابية سابقة للتدليل على ذلك كفشل الجهات الأمنية في الحيلولة دون نسف الطائرة الروسية أو عشوائية عملية التحقيق وضبط المتهمين في واقعة مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني. مع إعلانهم تخوفاتهم الواضحة من ما يمكن أن يستتبع تلك الحادثة الإرهابية من تعديلات دستورية تسعى السلطة لإجرائها لتتمكن من إحالة المدنيين على محاكمات عسكرية بهدف مواجهة الإرهابيين وردعهم. وهو ما يعني في التحليل الأخير أن الصراع الصفري بين الإخوان والسلطة أدى إلى انصراف قطاع لا يستهان به من النخب والجماهير عن كليهما. فلا الإخوان استطاعوا فرض أمر واقع بقوة السلاح، ومن ثم العودة إلى المشهد السياسي من جديد. ولا السلطة استطاعت الحفاظ على ظهيرها الشعبي الذي كتَّلته تحت لواء محاربة الإرهاب، أو تمرير ما تعتزمه من إجراءات جديدة تخنق بها ما تبقى من الهامش الديموقراطي. بل على العكس من ذلك، فإن كلا الطرفين سيخسر إذا حاول توظيف العنف السياسي وحالة الاحتقان في الشارع كمكسب له في مواجهة الطرف الآخر. فالناس لم يلمسوا في ظل سياق الأزمة بين السلطة والإخوان تغيراً إيجابياً في واقعها المعيش. بل على العكس، فإن الأزمة الاقتصادية تطحن الجميع، وضيق المجال العام وخنق الحريات باتا يؤرقان المواطنين أيضاً. ومن ثم، فإن هذا التشظي في الوعي الجمعي هو أحد أشكال التمرد على سياقات الأزمة برمتها، غير قابل للترجمة كمكسب يمكن أن يصب لمصلحة طرف من طرفي الأزمة والصراع في مصر.

 

 

 

 

 

 

 

 

* كاتب مصري

 

 

للكاتبTags not available



 
 
شريط الأخبار داو جونز يخسر 200 نقطة بعد تصريحات رئيس الفدرالي الأميركي - (تحديثات مباشرة) إعلان تجنيد للذكور والإناث صادر عن مديرية الأمن العام المستشفى الميداني الأردني غزة /79 يستقبل 16 ألف مراجع الملك يرعى حفل جوائز الملك عبدالله الثاني للتميز الخارجية: لا إصابات بين الأردنيين جراء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان حزب الله: قصفنا مستعمرة "جيشر هزيف" بصلية صاروخية الحكومة تقرر تخفيض أسعار البنزين 90 و95 والديزل لشهر تشرين الأول المقبل وفاة احد المصابين بحادثة اطلاق النار داخل المصنع بالعقبة البنك الأردني الكويتي ينفذ تجربة إخلاء وهمية لمباني الإدارة العامة والفرع الرئيسي وفيلا البنكية الخاصة الخبير الشوبكي يجيب.. لماذا تتراجع أسعار النفط عالمياً رغم العدوان الصهيوني في المنطقة؟ حملة للتبرع بالدم في مستشفى الكندي إرجاء اجتماع مجلس الأمة في دورته العادية حتى 18 تشرين الثاني المقبل (ارادة ملكية) الاعلام العبري: أنباء عن محاولة أسر جندي بغزة تسجيل أسهم الزيادة في رأس مال الشركة المتحدة للتأمين ليصبح 14 مليون (سهم/دينار) هيفاء وهبي تنتقد الصمت الخارجي بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان مشاهد لتدمير صاروخ "إسكندر" 12 عربة قطار محملة بالأسلحة والذخائر لقوات كييف كمين محكم للمقاومة الفلسطينية جنوبي غزة في أول تصريح لوزير الاقتصاد الرقمي سامي سميرات يعيد "نفس الكلام" !! أبو علي: 100 آلف مكلف المسجلين بنظام الفوترة الوطني الالكتروني البنك "الاستثماري" يفوز بجائزتين مرموقتين من جوائز الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية العالمية