جرائم بدم بارد..؟!

جرائم بدم بارد..؟!
أخبار البلد -  




لا ادري كيف يمكن "لابن " ان يتنكر لرحم امه وحضنها وتعبها "فيكافئها” بقطع رقبتها بسكين غادر ، او "لأم” أن تتنازل عن أمومتها وتطوع لها نفسها قتل ابنائها ، أو كيف يمكن "لأب” أن يوجه رصاصاته القاتلة تجاه زوجته وابنائه ، كيف يمكن لأحدنا أن يتصور هذه الجرائم التي غالبا ما ترتكب في اطار الاسرة الواحدة بدم بارد ، وتسجل في اروقة القضاء برسم "المحاكمة” دون ان تهز موازيننا الاجتماعية وتطرق بقوة على جدراننا التي ما تزال صامتة.

امس الاول تفاجأنا ( هل تفاجأنا حقا..؟!) بحادثة قتل اب لزوجته وابنه وابنته في احدى قرى شمال المملكة، اول سؤال ربما خطر على بالنا هو : لماذا فعل ذلك..؟ مهما تكن الاجابة فانها لن تكون كاملة او مقنعة لكن الاهم من هذا السؤال هو الظاهرة نفسها ، فقد تكررت مثل هذه الحوادث في مجتمعنا ، وتعددت اسبابها ، لكن النتيجة واحدة وهي : هذه القسوة التي دخلت الى بيوتنا لدرجة الكراهية والقتل ، كيف تسللت الى مجتمعنا، فأفقدتنا الاحساس بالرحمة، والشفقة والعطف، وجردتنا من انسانيتنا حتى لم نعد نرتعد امام هذه النماذج السلوكية المفجعة، وكأنها اصبحت جزءا من حياتنا او ضريبة ندفعها – كما ندفع غيرها – دون ان يهتز لنا طرف؟
ان قسوة هؤلاء الذين دفعتهم انحرافاتهم النفسية او اضطراباتهم العقلية او ظروفه الاقتصادية الى فعل ما نستنكره، لا تقل – ابدا – عن قسوة المجتمع الذي خرجوا منه وعليه، كما ان خيبتنا بهم لا تقل – ايضا – عن خيبتهم بنا، واذا كانوا بحكم التشريعات والاعراف قد اصبحوا مجرمين يستحقون العقاب، فان جريمتنا بحق السكوت على "التربة” التي اخرجتهم والمقدمات التي استقوا منها ما آلوا اليه من نتائج، لا تقل بحال عن جريمتهم.
لقد اخطأ هؤلاء حقا، ولكن هذا الخطأ كان انعكاسا لحالة نفسية ومزاج عام مضطرب يعاني منه مجتمعهم، او هو – ان شئت الدقة – احد التعبيرات الصارخة والشاهدة – في آن – على توعك المجتمع واعتلاله، اما كيف حدث ذلك، فاننا لا نعدم من يدلنا على المحطة التي انطلق منها الانحراف، وتولدت فيها التعقيدات والامراض النفسية والعقلية، وهي – على كل حال – تتجاوز الفرد والاسرة، بل والمجتمع ايضا، لتشمل منظومة طويلة من المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية التي خرج منها كل ما نعانيه من اضطرابات وتشوهات.
صحيح ان احدنا يشعر بالاشمئزاز والغضب والاستنكار من هذا الذي يفعله شاب مجنون، او ام ظالمة، او والد مريض.. الخ بحق اقرب الناس اليه، لكن ثمة شعورا غائبا بالشفقة على هؤلاء الضحايا لا بدّ من استحضاره، ومعه دعوة الى قراءة اعماق المجتمع الذي افرزهم، بكل ما فيه من توعكات وشقوق واورام، واحسب انها مهمة تستدعي من الباحث النفسي (دعك من السياسي والاقتصادي) مزيدا من التأمل، لا مجرد الادانة واصدار الاحكام والشعور بالشفقة والاشمئزاز.
ثمة من يربط بين العنف وبين الاحباط وتراجع الاحتكام لمنطق "القانون” وسيادة الانتماءات الفرعية على حساب "الهوية” الجامعة ، وهذا يبدو صحيحا لكنه لا يكشف عن حقيقة المشكلة وجذورها فهنالك ارتباط -مثلا – بين العنف وبين الثقافة السائدة وبينه وبين مخرجات السياسة وانسداداتها وبينه وبين البحث عن الهيبة والكرامة وبينه وبين تراجع الدخل وانتشار الفقر وبينه وبين افتقاد شبكة "تعليمية” ناضجة ، وشبكة مفاهيمية صحيحة تنتج "تدينا” صالحا للحياة ، وشبكة اجتماعية لا تخضع "لمزادات” السياسة وتجاربها.
لا يوجد لدينا، حسب علمي، دراسات جادة عن علاقة الشخصية الاردنية -تحديدا – بالعنف عموما وبمثل هذا الجرائم داخل الاسرة الواحدة تحديدا ، ولا عن ارتباط هذه الحالة بما طرأ على مجتمعنا من تحولات اقتصادية واخلاقية وسياسية ، كما لا يوجد لدينا بحوث علمية ترصد بدقة "خرائط” انتشاره او دوافعه او انماطه او حجم الزيادة في معادلاته، وبالتالي فان سؤال العنف الاجتماعي ما زال معلقا بلا اجابات واضحة وما زالت التشخيصات التي تقدمه في معزل عن السياسة والتعليم والامن الشامل عاجزة عن الاعتراف بحقيقة "منابعه” ومصادره وما يلزمه من حلول ومعالجات

 
شريط الأخبار تطورات المنخفض الجوي وحالة الطقس الثلاثاء- تحذيرات وفيات الثلاثاء 16-12-2025 "المناصير": طرح أسطوانة الغاز المركبة قريباً بالأسواق المحلية وظائف شاغرة في الحكومة - تفاصيل الجنائية الدولية ترفض طعنا إسرائيليا ضد أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت ولي العهد يهنئ النشامى بالتأهل لنهائي بطولة كأس العرب الجماهير الأردنية تخرج للشوارع احتفالا بتأهل "النشامى" إلى نهائي كأس العرب "النشامى" إلى نهائي كأس العرب رئيس الوزراء: "النشامى دايما رافعين الراس" الأمطار الغزيرة تغرق خيام النازحين وتُصيب عدداً منهم في غزة الملك يعقد مباحثات مع رئيس الوزراء الهندي في قصر الحسينية إطلاق الاستراتيجية الوطنية الثانية لنشر الدراية الإعلامية والمعلوماتية انخفاض أسعار الذهب محليا في التسعيرة الثانية الاثنين الزرقاء في المرتبة الأولى... دراسة: 81.3 كيلوغراما معدل هدر الغذاء السنوي للفرد في الأردن الأردن يسير قافلة مساعدات جديدة إلى سوريا فتح باب تقديم طلبات القبول الموحد للطلبة الوافدين للفصل الثاني 2025-2026 لماذا اشترى حسين المجالي الف سهم في شركة الامل؟ إعلان الفائزين بجائزة التميز لقيادة الأعمال الحكومة: اسعار النفط عالميا تنخفض توقيف زوج شوه وجه زوجته أثناء نومها