قوافل اللاجئين وصورة الغرب الكريه

قوافل اللاجئين وصورة الغرب الكريه
أخبار البلد -  

منذ أواخر القرن التاسع عشر، بدأ مثقّفون عرب يهاجرون إلى أوروبا، أو يختارون منافيهم فيها. وفي باريس تحديداً، أسّس الأفغانيّ وتلميذه محمّد عبده مجلّة «العروة الوثقى» التي كان أبرز أهدافها، وفقاً لثانيهما، «صون استقلال الشعوب الشرقيّة من عدوان الدول الغربيّة، وإقلاق بال الحكومة الإنكليزيّة حتّى ترجع عن أعمالها المثيرة لخواطر المسلمين». واستمرّ تدفّق المثقّفين والمتعلّمين وطالبي العلم إلى فرنسا وبريطانيا، ولاحقاً الولايات المتّحدة. ومن هؤلاء، خصوصاً أبناء الأعيان المدينيّين والريفيّين، جاء كثر من صنّاع القرار في بلداننا.

 

 

لكنّ هذه الهجرة التي كان لها الإسهام الأكبر في ما سُمّي «النهضة العربيّة»، لم تقدّم من المعرفة بـ»الغرب» ما يُذكَر. فما قيل فيه وفي تجربته لا يعدو كونه وصفاً إنشائيّاً وبرّانيّاً يصعب اعتماده مصدراً للفهم والتأويل. مع هذا، وفي صيغ مختلفة عمّا كتبه محمّد عبده، انجذبت رموز تلك النخب إلى هدف واحد تعلّمته في الغرب، هو المساواة. ولأنّ المذكورين صادرون عن أمم مستعمَرة، بدا الاستقلال الفوريّ بلا أيّ تدرّج شرطاً للمساواة. وبالطبع، كان لرياح ثورة 1917 الروسيّة أن عزّزت المطالبة بالمساواة والاستقلال الفوريّين. فحين صعد، في الثلاثينات، أقصى اليمين الأوروبيّ، المعادي للديموقراطية التي لم تتوطّد إلاّ في البلدان الاستعماريّة، تعاظم الطلب على مساواة واستقلال فوريّين يُنتزعان من أمم استعماريّة وديموقراطيّة في آن.

 

 

وكان لهذا أن أضعف «الديموقراطيّ» في «الوطنيّ»، كما وطّد القطيعة بين الوطنيّة، الغربيّة المصدر، ومقدّماتها: فإذا صحّ ألاّ يمرّ إلحاحنا على الاستقلال والمساواة الفوريّين بإحداثنا اكتشافات جغرافيّة وباختراعنا الطباعة وبإنجازنا ثورة دينيّة وأخرى صناعيّة، ممّا فعله الغرب، لم يصحّ إرفاق الإلحاح بذاك الجهل والتجهيل بالتاريخ الأوروبيّ المفضي إلى تلك القيم التي نطلبها فوراً لنا.

 

 

ومع الهجرات اللاحقة للستينات والسبعينات، بقي الجهل والتجهيل سيّدين. فاليد العاملة المهاجرة استغرقها همّ اندماجها الذي أسفر عن قصص نجاح مؤكّد، قبل أن تصعد الهويّات والأصوليّات، إلاّ أنّ تجربتها لم تنتج معرفة بعالمها الجديد، وبأنماط حياته وصيروراته الديموقراطيّة. أمّا القليل الذي أُنتج فتناول تعريفنا «بنا»، أكثر كثيراً ممّا طاول تعريفنا «بهم».

 

 

وأسوأ من هذا، بدا نزوح الرساميل النفطيّة غرباً، وهو ما ترجّحت تأثيراته بين أسعار العقارات والعلاقات بين الدول والحكومات، إلاّ أنّه لم يحسّن المعرفة بالغرب مليمتراً واحداً. وأسوأ الأسوأ أنّ مشاريع بحثيّة وإعلاميّة لا تُحصى نشأت في باريس ولندن وواشنطن، غالبيّتها الساحقة نطقت بالعربيّة، ومعظمها صدّ أبوابه عن الاحتكاك بـ»الأجانب» والتفاعل مع تجاربهم.

 

 

إذاً، لم يعلّمنا المسار الممتدّ قرناً ونصف القرن ما يستحقّ الذكر عن السياسة وكيفيّاتها في مجتمع حديث، ولا عن أحوال المرأة والدين وسوى ذلك. لكنّه، فوق هذا، فصل فهمنا لـ»الغرب» عن طلب العلم أو العمل فيه، وعن الاستثمار الآمن لديه، فلم يبق من معنى لذاك الغرب سوى كونه سياسة استعماريّة وقوّة تعادينا. وتوكيداً لهذا التلخيص، حضر قيام إسرائيل ثمّ النزاع معها حجّةً دامغةً لقطع الشكّ باليقين، فانشغل بها المثقّفون «العرب» في المهاجر عن مسألة الهجرة، بل عن تفكير أوضاعهم الوطنيّة في بلدانهم نفسها. فالمهمّ إثبات أنّ الغرب هو ما يناوئ، بالقوّة والعنف، استقلالنا عنه ومساواتنا به، وأنّه لا يجيد سوى تقسيمنا وإرسال الجيوش والأساطيل وإقامة القواعد وتعزيز إسرائيل. فهو، بالتالي، ما اختزلناه إليه على صورة الضدّ لحقوقنا ومطامحنا.

 

 

واليوم، يتبدّى ذاك الجهل أحد مرتكزات العالم الذي تكشّف عن لجوء العرب المعذّبين إلى الغرب بمئات آلافهم. فهؤلاء الضحايا الذين سعوا ببساطة إلى الحياة، وقضى بعضهم في البحر غرقاً، دفعوا، في ما دفعوه، أكلاف «أساتذة» سبقوهم ولم يعلّموهم كيف أنّ بشّار الأسد وأمثاله لا يصلحون حكّاماً حتّى لو قالوا إنّ الغرب عدوّنا. وما هو أدنى طموحاً أنّ أولئك «الأساتذة» الذين لم يؤسّسوا لدينا وعياً طارداً للاستبداد، لم يتركوا لمواطنيهم الذين فرّوا ويفرّون اليوم من وطأة الطغيان والفقر والحروب الأهليّة، عشر صفحات «مانيويل» تساعدهم على العيش في مجتمعات حديثة عاشوا هم فيها وتعلّموا وعملوا، لكنّهم لم يُخبرونا عنها سوى أنّها مصنع للعداء والكراهيّة.

 

 

 
 
شريط الأخبار «المركزي»: تعليمات خاصة لتعزيز إدارة مخاطر السيولة لدى البنوك فرنسا ترسل سفينة عسكرية إلى سواحل لبنان احترازيا في حال اضطرت لإجلاء رعاياها الاتحاد الأردني لشركات التأمين يهنئ البنك المركزي الأردني بفوزه بجائزة الملك عبدالله الثاني للتميز عن فئة الأداء الحكومي والشفافية لعام 2024 الصفدي يوجه لنجيب ميقاتي رسالة ملكية جادة وول ستريت تستكمل تسجيل المكاسب بعد تصريحات رئيس الفدرالي الأميركي إعلان تجنيد للذكور والإناث صادر عن مديرية الأمن العام المستشفى الميداني الأردني غزة /79 يستقبل 16 ألف مراجع الملك يرعى حفل جوائز الملك عبدالله الثاني للتميز الخارجية: لا إصابات بين الأردنيين جراء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان حزب الله: قصفنا مستعمرة "جيشر هزيف" بصلية صاروخية الحكومة تقرر تخفيض أسعار البنزين 90 و95 والديزل لشهر تشرين الأول المقبل وفاة احد المصابين بحادثة اطلاق النار داخل المصنع بالعقبة البنك الأردني الكويتي ينفذ تجربة إخلاء وهمية لمباني الإدارة العامة والفرع الرئيسي وفيلا البنكية الخاصة الخبير الشوبكي يجيب.. لماذا تتراجع أسعار النفط عالمياً رغم العدوان الصهيوني في المنطقة؟ حملة للتبرع بالدم في مستشفى الكندي إرجاء اجتماع مجلس الأمة في دورته العادية حتى 18 تشرين الثاني المقبل (ارادة ملكية) الاعلام العبري: أنباء عن محاولة أسر جندي بغزة تسجيل أسهم الزيادة في رأس مال الشركة المتحدة للتأمين ليصبح 14 مليون (سهم/دينار) هيفاء وهبي تنتقد الصمت الخارجي بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان مشاهد لتدمير صاروخ "إسكندر" 12 عربة قطار محملة بالأسلحة والذخائر لقوات كييف