أعتقد أن سمعة باراك أوباما في البعد من الفضائح السياسية أو الشخصية مستَحَقة، فهو «المستر نظيف»، إلا أنني أقمت في واشنطن في الثمانينات من القرن الماضي، وأعود إليها مرة أو مرتين في السنة، وأعرف سياسيين والإدارات التي سبقت، وهم وهي كانت أيَّ شيء إلا أنها لم تكن نظيفة.
عندما أقمت في واشنطن كان رئيس البلدية ماريون باري، وهو سياسي أسود من الناشطين في جماعات حقوق الإنسان. هو فاز في الانتخابات مرة ومرتين وثلاثاً، ثم انتشر المخدر «كراك» في العاصمة الأميركية التي شهدت رقماً قياسياً من الجرائم بلغ 369 جريمة قتل سنة 1988، وبعد سنتين سُجِّلَ رقم قياسي جديد بلغ 479 جريمة قتل. ثارت شكوك المحققين إزاء بيري، وهو اعتقل في غرفة فندق مع صديقة له ودين باستعمال مخدرات من نوع كوكايين وكراك، وسقط، ثم عاد وفاز برئاسة البلدية مرة رابعة سنة 1995.
كان هناك أيضاً السيناتور بوب باكوود الذي عمل رئيس اللجنة المالية، إلا أن خدمته الطويلة في مجلس الشيوخ انتهت بانفجار فضيحة مدوية بعد أن اتهمته عشر نساء بالتحرش الجنسي والاعتداء عليهن، وقررت لجنة الأخلاق في مجلس الشيوخ طرده واستقال.
لا بد أن بعض القراء لا يزال يذكر اسم الكولونيل أوليفر نورث، فقد كان ضابطاً يحمل أوسمة عدة، عمل في إدارة الممثل الفاشل رونالد ريغان. سجله الذهبي انتهى عندما دين في فضيحة «إيران كونترا»، وهي بيع السلاح سراً لإيران، على رغم المقاطعة الأميركية الشاملة، وتحويل الأرباح إلى الثوار في نيكاراغوا.
لن أدخل اليوم في فضيحة بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي، فالتفاصيل معروفة، وإنما أحكي للقراء عنه مع بولا جونز، فهي اتهمته بأنه اعتدى عليها في فندق في ولاية أركنسو، واستمرت المحاكمة أربع سنوات ونصف السنة، وتسببت في المطالبة بعزله من الرئاسة. كلينتون انتهى بتسوية مع بولا جونز، ودفع لها تعويضاً بلغ 850 ألف دولار.
هيلاري كلينتون نفسها لم تسلم من الفضائح، فقد كان زوجها بيل وصديق له وزوجتاهما اتفقوا على بدء مشروع يقوم على شراء 230 فداناً من الأرض وتطويرها. المشروع الذي عُرِف باسم «وايتووتر» فشل في الثمانينات، وهيلاري كلينتون واجهت المحققين في العقد التالي فكانت أول سيدة أولى تقف مثل هذا الموقف. وقرأت في «واشنطن بوست» أن المحققين وجدوا فرص إدانة الشركاء لا تتجاوز عشرة في المئة فأغلقوا التحقيق.
هل يريد القارئ مزيداً؟ كان هناك عضو الكونغرس، ميل رينولدز، الذي بدأ الناس يسمعون به في الثمانينات عندما فشل في دخول الكونغرس، ثم نجح سنة 1992، وأعيد انتخابه لدورة ثانية من دون منافس رغم فضيحة مدوية.
اتهمَ رينولدز سنة 1994 بالاعتداء الجنسي على بنت لم تتجاوز عامها السادس عشر، وهو دين وحُكِم عليه بالسجن خمس سنوات، ثم حوكم ودين في تهم أخرى تشمل الاحتيال البنكي، واستخدام التبرعات لحملته الانتخابية في الإنفاق على نفسه، والكذب على المحققين. وإذا لم تخني الذاكرة، فالرئيس كلينتون أصدر عفواً عنه، وهو قضى بقية مدة السجن في نزل للسجناء.
في سنوات إقامتي في واشنطن والسنوات التالية، كانت الفضائح الجنسية كل يوم، إلا أنني أكتب في جريدة عائلية ولن أدخل إطلاقاً في تفاصيل، وإنما أذكر أن هايدي فلايس كانت «مدام» مشهورة، وقرأت أن الممثل تشارلي شين كان من زبائنها وهو مصاب بالإيدز الآن. أغرب ما في قصة هذه المرأة أن أباها كان طبيب أطفال مشهوراً في كاليفورنيا، وحياتها الشخصية مضمونة. وهناك قصة للأميركية أستيلا تومبسون مع الممثل البريطاني هيو غرانت انتهت باعتقالهما ومحاكمتهما.
كل ما سبق حدث، وهو مسجل بالتفصيل المثير أو الممل، وبعد ثماني سنوات أو نحوها للرئيس أوباما في البيت الأبيض ولا فضائح، أجد أنه يستحق لقبه «المستر نظيف».