انكشفت لعبة مسيرة مقابل مسيرة، ولم تعد الخدعة تنطلي على أحد، إذ الذين يخرجون مقابل المسيرات السياسية السلمية للأحزاب والنقابات والناشطين السياسيين لا يرفعون شعارات سياسية ولا يتكلمون بهتافات معاكسة، وإنما استعداد عال للهجوم ورشق الحجارة، وهذا الأمر بالذات ما استدعى استعارة وصف البلطجية لهم. لو أن مشروع مسيرة مقابل مسيرة اعتمد نهج شعار مقابل آخر، وذات الأمر بالنسبة للهتافات لصدق الناس والعالم وجود مواقف سياسية مقابل أخرى، ولكان لدعوات الحوار واعتماده نهجاً مكاناً بين الأطراف، غير أن لا مجال لأي حوار بين فئات سياسية ومجموعات مقابلها لم يعهد عنها أي اهتمامات سياسية على الإطلاق، ما يدفع للبحث عمن خلفهم لبحث إمكانية الحوار معهم. لكن لأنهم يعملون بالخفاء فلا فرصة للأمر. وهذا ما يستوجب دوراً حكومياً جاداً لوقف اللعبة ومنع مظاهرها التي استمرت يوم الجمعة وإن مرت بهدوء، إلا أنه كان مشوباً بالحذر الشديد.
قبل اسبوعين خرجت ثلاث مسيرات في آن واحد، الأولى من أمام المسجد الحسيني للسلفيين الذين لهم مطالب خاصة، والثانية من أمام مسجد الجامعة الأردنية لحزب التحرير الذي له مطالب مختلفة أيضاً، إلا أن هذه وتلك لم تواجه بأي مسيرة مقابلة أو أي مجموعة مجهزة، وكل ما في الأمر استوجب قوات أمن اعتيادية، ولم يتم رشق حجر واحد في النهاية، ولا تكسير لأي مرافق، وإنما مجرد هتافات وشعارات ومطالب.
في حين استدعى النشاط الثالث أمام مجمع النقابات إجراءات أمنية مشددة واستعدادات عالية للسيطرة على حدود النشاط.
ذات الأمر كان في مسيرة مسجد الكالوتي الذي تزامن مع اعتصام الداخلية الجمعة قبل الماضية.
اعتصام الجمعة الأخير استدعى مجدداً حضوراً أمنياً كثيفاً لمنع الذين اعتدوا على اعتصام دوار الداخلية من تكرار فعلتهم، وقد شهدت ساحة نخيل أمانة عمان حضورهم، غير أنهم منعوا من الاقتراب من الساحة جراء سياج رجال الأمن العام.
كما كان هناك ثلاثة نشاطات في جمعة واحدة، فإنه بالإمكان وجود رابعة ايضاً دون أي نوع من الاعتداءات، لو أنها لدوافع سياسية حقيقية، وليس لمجرد شحن وتجييش لرشق الحجارة وإطلاق ما يثير العنصرية والجهوية والإقليمية البغيضة.