أخبار البلد -
خريج كلية الدفاع الوطني الملكية – دراسات استراتيجية
أصبحت ظاهرة تزايد العنف الطلابي في الجامعات الأردنية ، ظاهرة مزعجة ومَقلقة في الأونة الأخيرة ، والتي تكون أسبابها تافهة ، لاتوجب الذكر ، نظراً لعدم منطقيتها . حيث أصبحت هذه الظاهرة تتزايد بصورة مفاجئة لدى طلبة الجامعات ، ومؤرقة لكل الجهات الرسمية من حكومية وادارات جامعية ، والشرطة واولياء الامور ، لما لها من اثار سلبية على طلبة الجامعات أو الجامعات نفسها ، وتشويه صورة التعليم الذي نفاخر فيه دول العالم ، وماينجم عنها من أعتداءات جسدية بين الطلبة ، أو تكسير لممتلكات الجامعة والطلبة ، والتي كلفتها من جيوب اهالي الطلبة ، أو التلفظ بالفاظ غير لائقة ، وعبارات جارحة خارجة عن الأعراف . وهذا السلوك العنفي ، يعتبر من أخطر المشكلات التي تواجه الوسط الجامعي بمَكوناته المختلفة ، بالاضافة الى انه يمزق النسيج الاجتماعي داخل المجتمع ، مما تؤثر نتائجها على المجتمع المحيط بالجامعة ، وتأثيراتها السلبية على النشاط الاقتصادي في محيط الجامعات .
لو رجعنا للوراء من اعوام سابقة ، اي ماقبل عام 2005 ، لم نكن نشهد مثل هذه الظاهرة الغريبة على مجتمعنا والتي تكاد تكون معدومة ، لاهتمام ورغبة الطلبة في التعلم والتطوير ، بالإضافة إلى أهتمام الأهل ، ولوجود السلطة الأبوية المسؤولة، والمتابعة للابناء ، على مستوى البيت والمدرسة والجامعة . اذ تلعب التربية البيتية دوراً كبيراً في توجيه ونصح وإرشاد الأبناء منذ مرحلة الصغر ، وحتى المراحل الدراسية المتعاقبة الى حين ان يصبح الطالب موظفا ، ورب أسرة.
ان أكثر الكتاب والاساتذة وعلماء الاجتماع ، يقولون في معظم ندواتهم واجتماعاتهم ،ان التعصب القبلي والعشائري أو المجتمعي هو احد اسباب العنف في الجامعات . لكنني ، أخالف هذا الرأي ، لأنه العشيرة في الأساس هي صمام الضبط للعائلة ، كانت وما تزال صمام الأمن والأمان للمجتمع ، وهي الحكم في حل المشاكل والمنازعات ، وتتدخل لإنهاء أية خلافات بين الأشخاص ، حيث أن الأبناء سابقاً ، كانوا يجلسون مع الاباء وكبار القوم ، والعقلاء من الوجهاء ، يصغون لهم جيدا ، ويتعلمون منهم كيفية حل القضايا العائلية والمجتمعية .
الأسباب الواقعية للعنف في الجامعات :
1. معاكسة الطالبات ، داخل الحرم الجامعي او خارجه ، من فئة بعض الشباب
2. التعصب العشائري والقبلي وصلة القرابة ،والخلافات الشخصية بين الطلبة .
3. الظهور والتباهي والغرور امام الطالبات .
4. الانفتاح الزائد ، وتراجع سلطة الاهل والاسرة على الابناء .
5. تغير نمط الأسرة في المجتمع ، حيث ان كبير العائلة ، كالاب والجد قد يكونا قد توفيا لرحمة الله ، الذين هم الرادع الاول للأسرة .
6. اظهار الفتوة ( استعراض القوى ) امام الطلاب والطالبات احيانا .
7. التنشئة الأسرية الخاطئة ، والتربية غير السليمة ، ودخول الحريات ( حرية الطفل ، حقوق الأنسان ، حماية الأسرة ) . حيث عمل وجود هذه الحريات على ادخال أسلوب المدارة لدى الاسرة ، في تحمل الأبناء في أخطائهم دون المَسائلة أحياناً ، تجنبا للمسائلة من الجهات المعنية عن الحريات .
8. أنتخابات مجالس الطلبة والأندية الرياضية ، احد اهم الأسباب الرئيسية ، كون بعض الشباب غير مَدركين لمعنى الديمقراطية وأنتخابات مجالس الطلبة .
9. ضعف التحصيل الأكاديمي لدى الطلبة ، من أهم أسباب الإحباط لدى الطلبة، مما يجعلهم أكثر عرضة للإنسياق وراء التصرفات السلبية ، اذ تدل الدراسات أن نسبة كبيرة من الطلبة المشاركين في المَشاجرات ، من ذوي المعدلات المتدنية .
10. الضغوط العشائرية ، والواسطة للضغط على إدارة الجامعات لإلغاء العَقوبات أو تخفيضها ، مما تشجع هذه الضغوط ، الطلبة ثانية على القيام بافتعال المشاكل والمشاجرات داخل الحرم الجامعي او خارجه .
الحلول لظاهرة العنف الطلابي في الجامعات :
1. إعادة النظر بنمط وشكل وآليات نظام الأمتحانات ، وتقييم الطلبة المعمول فيه بالجامعات ، حيث اقترح كباحث ، على الجامعات كافة ، الَطلب من الطلاب، ( اضافة على الأمتحانات ) ، تقديم أبحاث أكاديمية ، مع كل امتحان ، للمادة الدراسية الواحدة ، بحيث يطلب من الطالب ، مايقارب (10) عشرة أبحاث ورقية عملية للمادة الواحدة . ويحسب لها علاماتها ، بدل نمط نظام المشاركة . اذ أن نظام الجامعات ، أدخل نظام المشاركة للطالب بدل الامتحان الثاني خلال الفصل الدراسي ( وتوضع له علامة سواء شارك الطالب بقاعة المحاضرة ، أو لم يشارك . مما يجعل هذا الامر( الحل ) الطالب مَنشغلاً بالدراسة ، وعمل الأبحاث ، والرجوع للمكتبات للبحث والمطالعة وكتابة الأبحاث ، بدل أن يترك الطالب طيلة اليوم الدراسي بوقت فراغ طويل .
2 . على إدارة الجامعات الحكومية والخاصة دون استثناء ، أن تطلب من الطلبة عند التحاقهم بالجامعات كفالة عدلية ، وبمبلغ مالي معتبر لا يقل عن(20) الف دينار ،تحت طائلة مصادرة قيمة الكفالة في حال الاخلال فيها من الطالب خلال فترة دراسته الجامعية ، لدى ( كاتب العدل المختص ) موقعة من ولي امر الطالب ، ويعتبر هذا الشرط وثيقة من ضمن الوثائق المطلوبة لقبول الطالب بالجامعة وشرط اساسي لدى الجامعات عند التحاق الطلبة بالجامعة . بحيث تتضمن الكفالة العدلية ( ان يضمن ولي الامر ، ابنه (الطالب الملتحق بالجامعة ) بأن يحافظ على الانظمة والقوانين ، وان يحرص على دراسته ، وعدم افتعال المشاكل والمشاجرات واعمال عنف ، سواء داخل الحرم الجامعي او خارجها ، وخلال فترة مدة دراسة الطالب ، ويكتب نص واضح في الكفالة العدلية بان اي طالب يفتعل اية مشكلة صغيرة كانت او كبيرة يفصل من الجامعة ، ولا يقبل او ينقل لأية جامعة اخرى حكومية او خاصة ) . هذا الحل وبكل تأكيد سوف يحقق الفائدة والغاية المرجوة ، وسوف يقضي على العنف الطلابي في الجامعات .
3 . منع قبول اي طالب مفصول من الجامعات سواء كانت حكومية او خاصة ، بأي جامعة اخرى مستقبلا ، ومهما كانت الظروف ، ويعتبر منع القبول دائم وليس مؤقت وآني .
4 . إقرار منهاج أجباري وألزامي لكافة الطلبة ولجميع السنوات ، يتضمن مواد تتناول قضايا ومسائل مهمة ، تخص المجتمع وتطوره ورقيه ، كظاهرة العنف الطلابي وسلبياته ، والمواطنة والانتماء ، الاخلاص في العمل وفي الحياة اليومية ، الصدق ، التخلص من ثقافة العيب ، الأحترام واحترام الرأي الاخر والتفاعل البناء ، خدمة المجتمع والعمل الاجتماعي والتطوعي في محافظات المملكة ، عدم أستخدام الهاتف النقال أثناء السواقة ، عدم ألقاء أعقاب السجائر وأوراق النفايات من شبابيك السيارات ، المحافظة على نظافة البيئة والثروة الحرجية .
5. رفع معدل قبول الطلبة بالجامعات الحكومية والخاصة وخاصة طلبة الكليات الانسانية والادبية ، بحيث يصبح 70% حتى نضمن من هذا الرفع ، عند قبول الطلبة نوعية مَميزة من الطلبة ، وبالتالي نحصل على نوعية خريجين من الطلبة اكفاء تأهيلا اكاديميا مسلحين بالعلم والمعرفة لرفد السوق المحلي والخارجي بالكفاءات المميزة . بالأضافة إلى جعل هدف وتفكير الطالب من المرحلة الأعدادية ، تحقيق معدل جيد ليضمن له مقعد بالجامعة ، وتركيز أهتمامه بالدراسة المدرسية مَنذ الصغر، لأنه أصبح أمامه شرط أساسي للألتحاق بالجامعات بأن يحقق معدل 70% فما فوق ، مما يعطي ذلك الحل أهتمام أكثر لدى الطالب والأهل وتشجعه على الدراسة. حيث ان المتابع لظاهرة العنف الطلابي يلاحظها تنحصر عند طلبة الكليات الانسانية والادبية دون سواهم .
6. بعد تخرج الطالب من الجامعة ، وتقدمه لطلب وظيفة ، يشترط حصوله على كتاب رسمي من ادارة الجامعة ، يفيد بأن الطالب الخريج كان حسن السيرة والسلوك ، ولا يمنح هذا الكتاب لأي طالب أساء التصرف، أو أفتعل أية مشكلة ، او شارك بالعنف الطلابي ، بحيث تعتبر هذه الوثيقة ضرورية وشرط اساسي للتعيين ، وفي حال تطبيق مثل هذا الشرط في حالات التعيين كافة ، سواء كانت في القطاع الخاص او الحكومي ، بالاضافة الى كتاب عدم المحكومية من الجهات الامنية والرسمية . وبدون شك سيحد هذا الشرط من العنف الجامعي .
7 . زيادة العبء الدراسي للطالب الجامعي خلال فترة دراسته الجامعية ، وذلك بادخال منهاج مادة الخدمة الاجتماعية والعمل الخيري ، واقرارمواد دراسية ذات صلة بالخدمة الاجتماعية ، واعتباره من ضمن متطلبات الجامعة الاجبارية ، ولا يقتصر متطلبها لسنة واحدة، بل لكافة سنوات الدراسة الجامعية الاربعة ، وخاصة طلبة الكليات الانسانية والادبية – مما يصقل هذا المتطلب شخصية الطالب ، ويقضي على ثقافة العيب التي أصبحت ظاهرة متجذرة لدى خريجين الجامعات والمعاهد . و لملىء فراغ الطلبة من هدر وضياع الوقت .
8 . إدخال في كل فصل دراسي ، مادة دراسية إجبارية باللغة الانجليزية للطلبة ، حتى ينشغل الطلبة بالدراسة بدل اللهو وخلق المشاكل وأفتعال العنف ، مما يساهم إلى زيادة تحسين مستوى الطالب باللغة الانجليزية – مع مرور الوقت . حيث وللأسف الشديد نلاحظ العديد من خريجي الجامعات ، ضعاف المستوى باللغة الأنجليزية . وهذا الحل حتما سيزيد من مستوى تحسن الطالب ، ويجعله مَنشغلاً بالدراسة ومهتما بها .
9 . عند تعيين أي خريج جامعي في الوظائف العامة والخاصة ، يشترط أن لايقل معدله عن جيد في مرحلة البكالوريس ، ولا يقبل كل من تقديره المقبول ، وهذا الحل سيشجع الطلاب على الدراسة والمواظبة ، ونكون قد انتجنا نوعية من الخريجين ،للعمل كموظفين اكفاء في الادارات مستقبلا .
10 . اهتمام أولياء امور الطلبة بمَتابعة مسيرة أبنائهم الطلبة ، وأطلاعهم على علاماتهم بالأمتحانات أولاً بأول .
هذه الحلول ، أن طبقت تضمن لنا نوعية جيدة ومميزة من الخريجين ، مؤهلة اكاديميا وثقافيا للأنخراط بسوق العمل. ونكون قدر الامكان تمكنا من القضاء على ظاهرة العنف الطلابي في الجامعات ، وكسر حاجز ثقافة العيب لدى الخريجين من الطلبة ، والمتضمنة عدم رغبتهم بالعمل بالكثير من المجالات في القطاع الخاص بحجة أنهم جامعيين .