لم تتمالك ايمان العبيدي نفسها ... فاجهشت بالبكاء والعويل في احد فنادق العاصمة الليبية امام حشد من الصحافيين ... ولم تطق صبرا على ما تعرضت له من ممارسات يندى لها جبين الانسانية فجاهرت بالشكوى المشفوعة بالصراخ .. بل ان عزة نفسها وكرامتها كأحدى حرائر الجبل الاخضر حيث تنحدر من بنغازي لم تسمحا لها بالتزام الصمت والسكوت عن الجريمة المروعة التي تعرضت لها فاعلنت تفاصيل تلك الجريمة امام الملأ وعلى مسمع من الصحافيين ونزلاء الفندق وحراسه ورجال البوليس السري الذين يملأون المكان ...
دموع ايمان لم تشفع لها امام جلاوزة نظام لقذافي ... والكدمات وآثار الضرب المؤلم المبرح الذي بقي عالقا في وجهها ومختلف انحاء جسدها ... لم يجد له المبرر أمام الحراس والبوليس السياسي للبوح عن معاناتها ... والدماء التي تنزف من جسدها وخاصة في فخدها الايمن لم تقنع اتباع النظام بعدالة قضيته ... فكتموا انفاسها وحالوا بينها وبين قول الحقيقة التي تنطلق من بين شفتيها الداميتين اللتين غطت الدموع ما بهما من آلام وغضب مكبوت !!!
جريمة ايمان العبيدي التي لم يغفرها البوليس السياسي انها كشفت عم تعرضت له من كتائب القذافي التي اعتقلتها على أحد الحواجز في طرابلس لانها من بنغازي من شرق البلاد ووجودها في طرابلس يتضمن شبهة جنائية بعد ان اضحت بنغازي وغيرها من مدن ومناطق شرق ليبيا تحت سيطرة الثوار.
مأساة الفتاة الليبية التي لا تزال في مقتبل العمر انها لم تحتمل الظلم والقهر والمعاناة ولم تعبر عن ما حل بها من اعتداء على جسدها حيث تناوب خمسة عشر من كوادر كتائب القذافي على اغتصابها ... فحرصت على فضح هذه الممارسات وعدم ابقائها طي الكتمان !!!
البوليس السياسي وحراس الفندق غضبوا على روايتها غضبة مضرية فاقتادوها خارج الفندق ولم يتمكن الحضور من رجال صحافة واعلام وزوار اجانب تخليصها من بين ايديهم ... بعد ان حاولوا كتم انفاسها واغلاق فمها وشل يديها ... ولا يعلم مصيرها الا الله سبحانه وتعالى ..
صرخة ايمان العبيدي تعيد الى الاذهان صرخة الفتاة العربية المسلمة التي تعرض لها الرومان بالاذى في بلدة عمورية ... حيث استنجدت بالخليفة المعتصم الذي لم يخيب أملها فانطلق بجيش عرمرم قوامه تسعون الف مقاتل الى عمورية وقد صور الشاعر ابو تمم تلك المعركة وجسد نخوة المعتصم في قصيدة تعتبر من عيون الشعر العربي ... الا ان صرخة العبيدي لم تجد طريقها الى المعتصم بل الى كتائب القذافي وحرسه وبوليسه السياسي الذين ضاقوا بها ذرعا واقتادوها الى مكان مجهول ... وطبعا الى مصير مجهول !!!
هذه الضحية تعد غيضا من فيض من جرائم القذافي وكتائبه ... وبالتالي فهي احدى الجرائم التي يقترفها الحكام العرب المستبدون ضد مواطنيهم ... علما بأن واجبهم هو حماية الرعايا وتأمينهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم ..
لقد فاضت نفس ايمان العبيدي فاطلقت صرخاتها المستغيثة علها تجد صدى لدى من يسمعها ... ولم تعلم ان حراس النظام لا يختلفون عنه في الظلم والقهر والاضهطاد والاستبداد والسادية والخيانة والسرقة ونهب ثروات الشعوب وخيراتها والاعتداء على حقوقها وحرياتها واعراضها !!!
اجهزة الحكام وجلاوزتهم وحراسهم يغتصبون السلطة والمال والجاه والمراكز والاموال منذ عقود طويلة ... افلا يسهل عليهم اغتصاب النساء من حرائر العرب الا انهم لن يمنعوا عبق الياسمين ونسيم الحرية من التسلل عبر الحدود مهما وضعوا فيها من جند وحواجز !!!