أخبار البلد - ماهر ابو طير
في الأردن مليون ونصف المليون سوري تقريبا، وبين هؤلاء لابدّ أنْ نجد -مثل كل خلق الله- من يرتكب جريمة، أو يدخل في مشاجرة، أو يخالف القانون.
لم يقل أحدٌ ان السوريين من طينة سماوية، ولايجوز أنْ يرتكب أحدهم خطأ، وهذا امر ينطبق على بقية الناس في هذه الدنيا، وفي كل مدينة او حي او قرية نجد الصالح والطالح بيننا، وهذا أمر ينطبق على كل الدنيا، وداخل بيوتنا ايضاً.
مناسبة الكلام هذه الدعوات المؤسفة لطرد السوريين من الأردن، او لطرد السوريين من مدن محددة؛ لأن احدهم اعتدى على مواطن، أو تورط في مشاجرة، أو ارتكب سرقة.
واقع الحال يقول، إن السوريين لاينقصهم -اصلا- هذا المناخ الضاغط عليهم نفسيا، فوق مقتل اقاربهم وخسارة بيوتهم ووظائفهم، وتشردهم في هذه الدنيا.
علينا أنْ نُعقلن الكلام قليلا، فلا أحد ينكر أن سياسات اللجوء لم تكن حكيمة، وتركت أثرا على الناس هنا، في ظل مصاعب اقتصادية، واختناق اجتماعي، والتأثيرات الاقتصادية من ارتفاع ايجارات البيوت، الى المنافسة على الوظائف القليلة اصلا، مرورا بالضغط على البنى التحتية، والتغيرات الاجتماعية، امر يقره الجميع، لان هذا العدد الكبير من الاشقاء السوريين لابد ان يترك اثرا حادا على كل شيء.
ليس هناك ذنب لاغلب السوريين في تصرفات القلة منهم، لكنك تأسف اذ نصير انطباعيين، فالذي يقابل سورياً ولايعجبه يصير كلامه في المطلق ضد السوريين، هذا على الرغم من ان اغلبهم متدين، ويريد الستر فقط في ظل المحنة التي تواجههم.
مع هذا فإن التغيرات الديمغرافية في مدن كثيرة مثل: المفرق، اربد، والرمثا، امر واضح، لاينكره احد، لكننا قبل ان نلوم السوري، علينا ان نلوم السياسات العامة التي ادت الى هذه الاختلالات، ولم تتنبه الى احتياجات الاردني اولا.
بقية مقال ماهر ابو طير
المنشور على الصفحة اخيرة الجزء الاول
السوريون في محنة كبيرة، والاصل ان يتنبه -ايضا- كل فرد فيهم الى الحساسيات في المجتمع، وهي حساسيات تولدت جراء ضيق الحال اولا، وليس لكره الاردني لشقيقه العربي، فالاردني كان دوما صاحب موقف ممتاز تجاه العرب، وتاريخه احتمل الكثير، ويقال هذا الكلام حتى لايصير الاردني -اليوم- هو الملوم، وهو المتهم بأنه يكره الاخرين، ولايريد رؤية وجه اي أحد، لكنه ضيق الحال، اذ يكون الاردني مختنقا في الاساس، في رزقه وحياته، فتأتيه موجات اللجوء بضغوطات أخرى.
تعبيرات الأردني الحساسة لاتعبر الا عن ضيق حاله امام مايراه في البلد، حتى لاننكر ارث الناس وتاريخهم، وحتى لانسمح باتهامات بائسة من قبيل العنصرية والإقليمية.
لا احد يقبل ان يتم الاعتداء على مواطن، ولا احد -ايضا- يقبل ان يتم الاعتداء على القانون او الامن او الدرك، وايضا لايجوز هنا -اخلاقيا- ان نقبل الاستهانة والاستخفاف بالسوري، ونعتدي عليه ولو من باب رد الفعل.
نسمع الدعوات التي تطالب بطرد السوريين من كل الاردن او من مدن محددة، وهذه ليست من شيمنا، وليست من قيم الاسلام اساسا، وليست قوة لائقة على ضعيف.
اين يذهبون في هذا الزمن الصعب؟؟، ونحن نرى الدول تنهار من حولنا، وآخرها اليمن، والحبل على الجرار، وكل المؤشرات تقول، إننا مازلنا في البداية، والدنيا كلها مقبلة على خراب اكبر، وحروب صغيرة وكبيرة!.
ليس من حق احد الاعتداء على اي اردني او على البلد، كما ان اي اعتداء يجب ان تكون كلفته مرتدة على المعتدي فقط وليس على عموم السوريين، من باب العدل، والقانون، وقيمة الدين التي نمتلكها وتحمل صاحب المسؤولية افعاله، ولاتسحبها على كل قومه، وهذا امر لايجوز لا في الارض ولا في السماء.
يكفيهم مافيهم من بلاء، فلا نزيد عليهم في هذا الزمن، ولايزيد بعضهم -ايضا- علينا، من اثقالنا وتعبنا، بتصرف او جريمة او استفزاز.