تبقى صورة تلك المرأة التي تعمل كآذنة في مؤسسة حكومية 9 ساعات يوميا براتب لا يتجاوز 211 دينارا تنفقه على تربية 7 أبناء هجرهم والدهم، حاضرة في ذهني دائما كامرأة وأم أولا وكإعلامية ثانيا.
فرغم التطور الكبير الذي شهده الإعلام الاردني خلال السنوات الماضية، ورغم أن صورة المرأة في هذا الإعلام ايجابية نوعا ما، إلا أن هذه الصورة ما تزال غير مكتملة وينقصها الكثير لتعكس الواقع الحقيقي للمرأة الاردنية.
فالمرأة ما تزال في المدينة تحظى بالحصة الكبرى من التركيز الإعلامي، وما تزال قضايا المرأة المتعلمة والمثقفة ومشاكلها هي الاكثر حضورا على صفحات الجرائد، كما أنّ المسؤولة الاردنية بغض النظر عن موقعها هي من يحظى بالاهتمام والاضواء.
ورغم الاهمية الكبيرة لصورة المرأة في الإعلام إلا أنه لا يمكن أن ننسى أنّ الاعلام الأردني لم ينصف المرأة كما يجب، فهناك الكثير من القصص والقضايا التي تعالج في الإعلام الأردني بعيدا عن المرأة رغم أن لها علاقة مباشرة بها.
هنالك الكثير من قصص النجاح صنعتها المرأة الاردنية البسيطة أو الأمية أو الفقيرة أو الفلاحة، وهنالك المعاناة اليومية للمرأة العاملة وربة البيت وغيرها، كما أنّ هناك المسار الطويل في مشوار تمكين المرأة لتمتلك مواطنتها الكاملة، وتحمل مسؤوليتها التي تتناسب مع تمثيلها السكاني، وطموحها القيادي في المجتمع.
لقد كرّمني زميلاتي وزملائي بالأمس بصورة رمزية بأن أكون رئيسة لتحرير "الغد" ليوم واحد، وهو وإن كان أمراً احتفالياً، فإنّه يعكس طموحنا جميعاً، ذكوراً وإناثاً، بأن نرى في المستقبل عدداً أكبر من النساء الإعلاميات القياديات، يتناسب مع التزايد الملحوظ في نسبة الزميلات في المؤسسات الإعلامية، سواء في الصحف المطبوعة أو الإعلام المرئي والمسموع.
المرأة (الاعلامية) هي الأكثر قدرةً على ايصال مشكلات المرأة في مجتمعها كما انها الأكثر قدرة على ايصال الرسائل الانسانية والاجتماعية، والكتابة عن قضايا الطفولة والامومة وكل ما يتعلق بالمرأة، ولا أتصوّر أن تحصل المرأة الأردنية على حقوقها وأن تقوم بدورها الحقيقي من دون أن يكون لها حضورها الإعلامي، الذي يسير مع هذا الطريق الطويل.
تمكين المرأة تحد حقيقي أمام المجتمع الأردني، ومفتاح لدخوله العالم المتقدم وشرط أساسي للمواطنة ودولة القانون وتكافؤ الفرص، وهي مهمة تقع على عاتق الجميع، ولا يجوز أن يكون تكريم المرأة محصوراً في يوم واحد في العام.