في تقرير نشرته مجلّة "فورين أفيرز” الأمريكيّة، يذهب الباحث طارق عثمان إلى أنّ الانتفاضات العربيّة التي شهدتها منطقة الشّرق الأوسط خلال السّنوات الثلاث الماضية؛ أدّت إلى إحداث خلل عميقٍ في ميزان القوى في المنطقة. وبحسب التقرير فإنّ هناك معسكرين رئيسيين في طوْر التّشكّل ضمن قلب التّحوّلات الجارية اليوم. المعسكر الأوّل يتمثّل فيما يُسميّه طارق عثمان بالقوى الإسلاميّة، والتي تضمّ إيران، قطر، تركيا، والجماعات الإسلاميّة السياسيّة بقيادة الإخوان المسلمين. يتحدّث عثمان عن أسلمةٍ تدريجيّة للمنطقة يعملُ عليها هذا المعسكر في مقابل المعسكر الآخر الذي تقوده السّعوديّة ودول الخليج الأخرى، وبدعمٍ من مصر وإسرائيل والأردن، والذي يرى أنّ التّحوّلات الأخيرة في المنطقة بمثابة التهديد الوجوي له. ولكي تتّضح معالم الصّراع بين هذين المعسكرين، فإنّ عثمان يضع أربعة عوامل مؤثرة في ذلك.
عوامل التأثير على صراع المعسكرين:
- العامل الأوّل: يتعلّق بمستقبل مصر. فبعد إسقاط الرئيس الإخوانيّ محمد مرسي، فإنّ الاقتصاد المصري سيكون هو المسؤول عن تحديد مسار البلاد.
- العامل الثاني: يخصّ مستقبل الجزائر، والتي تُعدّ أكبر وأغنى دولة في شمال أفريقيا، وهي ثالث أكبر مورِّد للطاقة في أوروبا. ويُواجِه النّظام العسكري في الجزائر تحدّي الوقت إلى أن يتمكّن من العثورِ على بديلٍ للرّئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة، وذلك لكي لا يفقد السيطرة على البلاد.
- العامل الثالث: والذي يُحرِّك الصراع واتجاهه في المنطقة، فيتمثل في المملكة السعودية، حيث تتمسك العائلة المالكة فيها بسياستها المعهودة، رغم التوقعات الاقتصادية التي تنبئ بتراجع اقتصادي وتدهور بطيء من شأنه أن يُعيق قدرة آل سعود على شراء دعم الطبقة الوسطى، إضافة لفقدان السّيطرة على حركات الاحتجاج في أوساط الشباب الساخطين، والتي يمكن أن تؤدّي إلى تراكمٍ متدحرج ينتهي إلى إضعاف السّلطة السّعوديّة.
- العامل الرابع: الذي سيؤثر في الصراع القائم بين المعسكرين هو مدى الفوضى التي سيشهدها الشرق الأوسط خلال العقد المقبل، وبخاصةٍ مع الحرب التي تشهدها سوريا، واحتمال تشتيت الفوضى في دولٍ أخرى. ويُشار إليها تحديداً إلى مفعول العودة الارتداديّة للمقاتلين وما سيؤدّي ذلك إلى انقلاب السياسات الأمنيّة في دولهم.
المعسكر السعودي: الانهيار المقبل للنظام الخليفي
تقرير المجلّة ينتهي إلى القوْل بأنه من غير الممكن التنبؤ بما سيكون عليه الشرق الأوسط في السنوات القليلة المقبلة، مشيراً إلى أنّ ما يُسمّى بالإسلام السياسي، بسبب محاولته التكيّف مع الموجات الليبرالية في الشرق الأوسط، فإنه سيخسر التأييد بين دوائره الأساسية، وسيُفصَل تدريجيّاً من الإطار المرجعي الإسلامي الذي يقوم عليه.