ﻟم ﯾزل ﺳؤال ﯾﺣﯾر ﻗطﺎﻋﺎت واﺳﻌﺔ ﻣن اﻟﻣواطﻧﯾن، ﺣول اﻵﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﺳﻌﯾر اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت اﻟﻧﻔطﯾﺔ ﺷﮭرﯾﺎً، وﻟﻛن اﻟﺟواب اﻟﺻﺎدق اﻟذي ﯾﺑﻌث ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻘﺔ واﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻟﺷﻌب ﻏﺎﺋب، ﻋن ﻗﺻد وﺗﻐﯾﯾب اﻹﺟﺎﺑﺔ ﯾﻧﺑﻌث ﻣن ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻔرﯾﻎ ﺟﯾوب اﻟﻣواطﻧﯾن ﻣﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛوﻧﮫ ﻣن ﻗﻠﯾل اﻟﻣﻧﺎل ﻣﻣﺎ ﯾزﯾد اﻟﻔﻘﯾر ﻓﻘراً، واﻟﻐﻧﻲ ﻏﻧًﻰ.
وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺗﺳﺗورد اﻟﻧﻔط اﻟﺛﻘﯾل اﻟذي ﯾﻼﺋم اﻟﻣواﺻﻔﺎت اﻟﻔﻧﯾﺔ وﻣﺻﻔﺎة اﻟﺑﺗرول اﻷردﻧﯾﺔ ﺗﻘوم ﺑﺗﻘﯾﯾم اﻷﺳﻌﺎر وﺗﺣدﯾدھﺎ وﻓﻘﺎً ﻷﺳﻌﺎر ﺧﺎم ﺑرﻧت، وھذا اﻟﻌﻣل ﯾؤدي إﻟﻰ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت اﻟﻧﻔطﯾﺔ ﺑﻧﺳب ﻋﺎﻟﯾﺔ، ﺣﺗﻰ ﻟو ﺗم إﻟﻐﺎء اﻟﺿرﯾﺑﺔ اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت اﻟﻧﻔطﯾﺔ.
وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺗﺣدﯾد اﻷﺳﻌﺎر ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻛل ﺷﮭر، إﻻ أﻧﮭﺎ ﻓﻲ ذات اﻟوﻗت ﺗﻔﺗﻘر إﻟﻰ اﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ ﺑﺎﻹﻋﻼن ﻋن اﻟﻧﺳب اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻣﻌدﻻت ﺗﻐﯾر اﻷﺳﻌﺎر دوﻟﯾﺎً ﺻﻌوداً أو ھﺑوطﺎً، وھذا ﯾﻔﺳر ﻋدم ﻗﻧﺎﻋﺔ ﺧﺑراء اﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن وﺳﯾﺎﺳﯾﯾن وﺣﻘوﻗﯾﯾن ﺑﻘﯾﻣﺔ ﺗﺧﻔﯾض اﻷﺳﻌﺎر أو رﻓﻌﮭﺎ ﺷﮭرﯾﺎً أي ﺑﻛﻠﻣﺎت أﺧرى ﺗﻌزﯾز ﻋدم اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺎت واﻟﻘرارات اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ.
واﻟﺣﻛوﻣﺔ أﯾﺿﺎً ﻻ ﺗﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻷﺳﻌﺎر اﻟﻣﺧﻔﺿﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﺣﮭﺎ دول ﺷﻘﯾﻘﺔ ﻛﺎﻟﺳﻌودﯾﺔ واﻟﻌراق، ﺳواء ﻋﺑر ﻣﻧﺢ ﻛﻣﯾﺎت ﻣﺣدودة أو ﻋﺑر اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺄﺳﻌﺎر ﺗﻘل ﻋن اﻷﺳﻌﺎر اﻟدوﻟﯾﺔ، وﺗﺳﺗﻣر اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺎﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟدﻋم اﻟﻣزﻋوم ﻟﺑﻌض اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت اﻟﻧﻔطﯾﺔ، ﻣﺗﺟﺎھﻠﺔ اﻷرﺑﺎح اﻟﺑﺎھظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻧﯾﮭﺎ ﻣن ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺑﯾﻊ وﻣن ﻓروق اﻷﺳﻌﺎر، وﻣن اﻟﺿراﺋب اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت اﻟﻧﻔطﯾﺔ.
وھذا ﯾﻔﺳر اﻟﺳﺑب اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻸﺳﻌﺎر اﻟﺑﺎھظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﺎع ﺑﮫ ﻓﻲ دول ﻣﺳﺗوردة ﻟﻠﻧﻔط، وأﺳﻌﺎره ﻣﺣررة، ﺑل ﯾﺗم اﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء ﻣن ﺧﻼل ﺷرﻛﺎت ﻣﻣﻠوﻛﺔ ﻟﻠﻘطﺎع اﻟﺧﺎص.
واﻟﻣﺗﺗﺑﻊ ﻷﺳﻌﺎر اﻟﻧﻔط اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻟﺷﮭر ﻛﺎﻧون اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻌﺎم 2014 ﯾﺧﻠص إﻟﻰ أن ﻧﺳﺑﺔ اﻟﺗﻐﯾﯾر ﻟﻸﺳﻌﺎر اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ اﻟﺷﮭر وﺣﺗﻰ ﻧﮭﺎﯾﺗﮫ ﺑﻠﻐت ﺣواﻟﻲ 3٪ ھﺑوطﺎً؛ أي ﺑﺣﺳﺑﺔ رﻗﻣﯾﺔ ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻔروض أن ﯾﻧﺧﻔض ﺳﻌر ﻟﺗر اﻟﺑﻧزﯾن ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﻘل ﻋن أرﺑﻌﯾن ﻓﻠﺳﺎ ﻟو ﺳﻠﻣﻧﺎ ﺟدﻻً ﺑﺄﺳﻌﺎر ﺑرﻧت، وھذا اﻟرﻗم ﻧﺎﺟم ﻋن ﻓرق ﺳﻌر اﻟﺷراء واﻟﺿراﺋب اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻌر اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ اﻟذي اﻧﺧﻔض وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎً ﯾﺟب اﻧﺧﻔﺎض ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺿراﺋب اﻟﺑﺎھظﺔ اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻌر اﻟﻣﺣدد ﺣﻛوﻣﯾﺎً.
ﻟذا وﺟدﻧﺎ أن ﺗﺧﻔﯾض ﺳﻌر اﻟﺑﻧزﯾن ﺑﻌﺷرة ﻓﻠﺳﺎت ﻟم ﯾﻘﻧﻊ أﺣداً، ورﺳﺦ اﻟﻘﻧﺎﻋﺔ ﺑﺄن اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻓﻘط ﻻ ﺗﺗﻘن إﻻ َﺣﻠْب اﻟﻣواطن اﻟﻐﻠﺑﺎن،
0
اﻟذي ﻟم ﯾﻌد ﯾطﯾق أي ﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﺿراﺋب اﻟﻣؤدﯾﺔ إﻟﻰ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر.
ﻟذا ﻓﺈن اﻟﺣل ﯾﻛﻣن ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
أوﻻً: ﻛﺳر اﺣﺗﻛﺎر اﺳﺗﯾراد اﻟﻧﻔط وﺗﻛرﯾره وﺑﯾﻌﮫ، وذﻟك ﺑﺎﻟﺳﻣﺎح ﻟﻠﺷرﻛﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺣرﯾﺔ اﻻﺳﺗﯾراد ﻟﻠﻣﺷﺗﻘﺎت اﻟﻧﻔطﯾﺔ وﺑﯾﻌﮫ ﻟﻠﻣواطﻧﯾن.
ﺛﺎﻧﯾﺎً: إﻟﻐﺎء اﻟﺿراﺋب ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺗﺳﻣﯾﺎﺗﮭﺎ ﻋن اﻟﻧﻔط واﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺎﺧﺿﺎع اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﺳﺗوردة واﻟﻣوزﻋﺔ ﻟﺿرﯾﺑﺔ اﻟدﺧل ﻣن ﺷﺄن ذﻟك أن ﯾﺧﻔف ﻋبء اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺄﺷﻛﺎﻟﮭﺎ ﻋن ﻛﺎھل اﻟﻣواطﻧﯾن.
ﺛﺎﻟﺛﺎً: اﻋﺗﻣﺎد أﺳﻌﺎر اﻟﻧﻔط اﻟﺛﻘﯾل وﻟﯾس ﺧﺎم ﺑرﻧت ﺣﺗﻰ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﺣرﯾﺔ اﻟﺳوق، أم أن ﺣرﯾﺔ اﻟﺳوق ﻓﻘط ﯾﻌﻧﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﺣﻛوﻣﺔ، وﺗﻐطﯾﺔ ﻧﻔﻘﺎﺗﮭﺎ اﻟﻣﺳرﻓﺔ دون ﻣﺑرر ودون أن ﺗﻧﻌﻛس إﯾﺟﺎﺑﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎة اﻟﻣواطن، أو ﻟﯾﺳت اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺗزﻋم وﺗدﻋﻲ أن اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻷردﻧﻲ اﻗﺗﺻﺎد ﺣر؟! ﻓﺄﯾن اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ظل ھﯾﻣﻧﺔ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﯾراد واﻟﺑﯾﻊ وﻣﻧﺢ اﻟرﺧص وھذا ﻻ ﯾﻧطﺑق ﻓﻘط ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔط وأﻧﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻗطﺎﻋﺎت أﺧرى ﻣﺛل اﻟﻛﮭرﺑﺎء واﻻﺗﺻﺎﻻت.
وإذا ﻟم ﺗرﻏب اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺑﻣﺎ ﺗﻘدم ﻓﻌﻠﯾﮭﺎ ﺑذل اﻟﺟﮭود ﻣن أﺟل ﺿﻣﺎن ﺗدﻓق اﻟﮭﺑﺎت اﻟﻧﻔطﯾﺔ أو اﻟﻧﻔط اﻟﻣدﻋوم وﺑﯾﻌﮫ ﺑﻛﻠﻔﺗﮫ ﺧدﻣﺔ ﻟﻠﻣواطﻧﯾن، اﻟذﯾن ﻓﻘدوا اﻷﻣل ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻓﻘدان اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ وأﺟﮭزﺗﮭﺎ.