أخبار البلد -
ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺔ مهمة وﻣﺜﯿﺮة، ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺪراﺳﺎت اﻻﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷردﻧﯿﺔ، ﺗﻨﺎول اﻟﻤﺴﺆوﻟﻮن اﻟﻤﻌﻨﯿﻮن (ﻓﻲ
وزارﺗﻲ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺼﺤﺔ، واﻷجهزة اﻷﻣﻨﯿﺔ، واﻟﻘﻀﺎء، وﻧﻘﺎﺑﺔ أﺻﺤﺎب ﻣﻜﺎﺗﺐ اﻻﺳﺘﻘﺪام، واﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻮطﻨﻲ ﻟﺤﻘﻮق
اﻹﻧﺴﺎن) ﻣﻠﻒ ﻋﺎﻣﻼت اﻟﻤﻨﺎزل، وﻣﺎ ﻳﻄﺮﺣﻪ ﻣﻦ إﺷﻜﺎﻟﯿﺎت وﺗﻌﻘﯿﺪات ﻣﺘﻌﺪدة.
اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﺧﻼل اﻟﻮرﺷﺔ وﻣﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺗﻮﺻﯿﺎت -تعهد أﻣﯿﻦ ﻋﺎم وزارة اﻟﻌﻤﻞ ﺣﻤﺎدة أﺑﻮ ﻧﺠﻤﺔ، ﺑﻮﺿﻌﮫﺎ ﻣﻮﺿﻊ
اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ اﻟﻔﻮري- ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻜﻼت أﺳﺎﺳﯿﺔ، أﺑﺮزھﺎ ﻗﻀﯿﺔ ھﺮوب اﻟﻌﺎﻣﻼت ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎزل. وإذ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ إﺣﺼﺎءات
وأرﻗﺎم دﻗﯿﻘﺔ ﺑﺸﺄن ھﺆﻻء اﻟﻌﺎﻣﻼت، ﺗﺬھﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮات اﻷﺟﮫﺰة اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ إﻟﻰ أّن ﻋﺪد "اﻟﻤﻠﺘﺰﻣﺎت ﺑﺘﺼﺮﻳﺢ اﻟﻌﻤﻞ"
ھﻮ ﻗﺮاﺑﺔ 40 أﻟﻔﺎ، ﻓﯿﻤّﺎ ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد اﻟﻠﻮاﺗﻲ "ﻳﻌﻤﻠﻦ ﺑﺼﻮرة ﻏﯿﺮ ﻣﺮّﺧﺼﺔ" ﺣﻮاﻟﻲ 27 أﻟﻒ ﻋﺎﻣﻠﺔ؛ أي إّن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻓﻲ
اﻷردن ﺣﻮاﻟﻲ 70 أﻟﻒ ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻣﻨﺎزل. ھﺬا ﻓﯿﻤﺎ ﺗﺸﯿﺮ ﺗﻘﺪﻳﺮات أﺧﺮى، ﻓﻲ اﻟﻮرﺷﺔ، إﻟﻰ أّن اﻟﻌﺪد ﻗﺪ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ 90
أﻟﻒ ﻋﺎﻣﻠﺔ، أي أّن ھﻨﺎﻟﻚ ﻗﺮاﺑﺔ 50 أﻟﻒ ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻻ ﻳﺤﻤﻠﻦ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎً، وﻳﻌﻤﻠﻦ ﺑﺼﻮرة ﻏﯿﺮ ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔ.
اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮرة ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ أّن ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻦ "اﻟﻌﺎﻣﻼت ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺮّﺧﺼﺎت" ﻳﺼﺒﺤﻦ ﺟﺰءاً ﻣﻦ "اﻟﺘﺠﺎرة ﺑﺎﻟﺒﺸﺮ"؛ إذ
ﻳﻘﻮم ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻤﺎﺳﺮة ﺑﺘﺸﻐﯿﻠﮫﻦ واﺑﺘﺰازھﻦ واﺳﺘﻐﻼﻟﮫﻦ ﺑﺼﻮرة ﻏﯿﺮ ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔ وﻻ إﻧﺴﺎﻧﯿﺔ، ﻓﻲ ظﻞ ﻗﺼﻮر اﻟﻘﺎﻧﻮن
اﻟﻤﻄﺒّﻖ، ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪم وﺟﻮد ﻋﻘﻮﺑﺎت رادﻋﺔ ﻓﯿﻪ ﻟﻤﻮاﺟﮫﺔ اﻟﺴﻤﺎﺳﺮة واﻟﺨﺎرﺟﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن، ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻗﻄﺎﻋﺎً
ﻋﺮﻳﻀﺎً وواﺳﻌﺎً وﺣّﺴﺎﺳﺎً ﻣﻦ أوﻻء اﻟﻌﺎﻣﻼت ﺧﺎرج ﻧﻄﺎق اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ واﻹدارﻳﺔ.
ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻤﻘﻠﻘﺔ أﻳﻀﺎً، ﻣﺎ ﺻﺮّح ﺑﻪ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ أﺑﻮ رﻣﺎن، اﻟﻤﺴﺆول ﻓﻲ وزارة اﻟﺼﺤﺔ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﻤﻠﻒ. إذ
أﺷﺎر إﻟﻰ أّن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻌﺎﻣﻼت ﻳﺤﻀﺮن ﻣﻦ ﻣﻨﺎطﻖ ﻓﻘﯿﺮة وﻣﮫﻤّﺸﺔ، ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﯿﮫﺎ اﻷﻣﺮاض. وﻗﺪ رﺻﺪت اﻟﻮزارة ﻓﻲ
اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﺗﺰاﻳﺪاً ﻣﻠﺤﻮظﺎً ﻓﻲ أﻋﺪاد اﻟﻤﺼﺎﺑﺎت ﺑﺎﻻﻳﺪز واﻷﻣﺮاض اﻟﺴﺎرﻳﺔ اﻷﺧﺮى، ﺑﻤﺎ ﻳﻔﻮق ﻛﺜﯿﺮاً ﻧﺴﺒﺔ اﻹﺻﺎﺑﺔ
ﺑﮫﺬه اﻷﻣﺮاض ﻓﻲ اﻷردن، وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻜﻮن دول ﻋﺮﺑﯿﺔ أﺧﺮى رﻓﻀﺖ اﺳﺘﻘﺒﺎﻟﮫﻦ، ﻓﯿﺤﺎول أﺻﺤﺎب اﻟﻤﻜﺎﺗﺐ
اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ إﻳﺠﺎد ﺑﺪﻳﻞ ﻟﮫﻦ ﻓﻲ اﻷردن!
وأﺷﺎر إﻟﻰ أّن أﻏﻠﺐ اﻟﻔﺤﻮﺻﺎت اﻟﻄﺒﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮى ﻟﻠﻌﺎﻣﻼت ﻓﻲ ﺑﻠﺪاﻧﮫﻦ، ﻏﯿﺮ دﻗﯿﻘﺔ وﻻ ﻣﺼﺪاﻗﯿﺔ ﻟﮫﺎ، ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ
اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ أﻋﻘﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﻞ اﻟﻌﺎﻣﻼت إﻟﻰ اﻷردن، إﻟﻰ ﺣﯿﻦ إﺟﺮاء اﻟﻔﺤﻮﺻﺎت اﻟﻄﺒﯿﺔ ﻟﮫﻦ. وإذا ﺗﺒﯿّﻦ أّن إﺣﺪاھﻦ
ﻣﺼﺎﺑﺔ ﺑﺄﻣﺮاض ﻣﻌﺪﻳﺔ، ﻓﺈّن اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻌﻘﯿﺪات ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔ وإﻧﺴﺎﻧﯿﺔ وﻣﺎﻟﯿﺔ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﺮﺣﯿﻞ.
ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ اﻟﻤﺸﻜﻼت طُﺮﺣﺖ، وﺗﻮﺻﯿﺎت وأﻓﻜﺎر ﻣﮫﻤﺔُﻗّﺪﻣﺖ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ھﺬا اﻟﻤﻠﻒ، أھﻤﮫﺎ -ﻓﻲ ظﻨﻲ-
اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ؛ أي ﻣﻘﺪار وﻋﯿﻨﺎ، ﻧﺤﻦ اﻷردﻧﯿﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺴﺘﻘﻄﺐ اﻟﻌﺎﻣﻼت، ﺑﺎﻷﺑﻌﺎد اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﮫﺬا
اﻟﻤﻠﻒ؛ ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺎً وﺛﻘﺎﻓﯿﺎً وإﻧﺴﺎﻧﯿﺎً. وھﻮ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﮫﺎت اﻟﻤﻌﻨﯿﺔ اﻟﺘﺸﺪد أﻛﺜﺮ، واﻟﺘﺪﻗﯿﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﺗﺐ
اﺳﺘﻘﺪام اﻟﻌﺎﻣﻼت، وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺨﻄﻮات اﻟﻤﺴﺒﻘﺔ ﻗﺒﻞ وﺻﻮل اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ إﻟﻰ اﻷردن، ﺑﺸﺄن ﻣﺪى ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺎت
ﻟﻠﻤﻮاﺻﻔﺎت اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ.
ﻛﻤﺎ طُﺮﺣﺖ ﺗﻮﺻﯿﺎت أﺧﺮى، ﻣﺜﻞ ﺗﺸﺪﻳﺪ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎت واﻟﻤﺨﺎﻟﻔﯿﻦ، وإﻳﺠﺎد آﻟﯿﺎت أﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻓﻲ
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ وﺿﻊ ﻋﺎﻣﻼت اﻟﻤﻨﺎزل ﻓﻲ اﻷردن، وﺗﺸﺪﻳﺪ اﻹﺟﺮاءات اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ واﻹدارﻳﺔ.
اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ-اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ اﻷھﻢ اﻟﺬي أﺗﺤﺪث ﻋﻨﻪ -إذا ﺗﺠﺎوزﻧﺎ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت
اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ، ووﺟﻮد اﻟﻌﺎﻣﻼت ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎزل، وھﻲ ﻛﺜﯿﺮة ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ- ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ھﻮ: ھﻞ ﻳُﻌّﺪ أﻣﺮا ﺻّﺤﯿﺎ ﻓﻌﻼً أن
ﻜﻮن دوﻟﺔ ﻣﺜﻞ اﻷردن، ﺗﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻔﻘﯿﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ أزﻣﺎت اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻟﻌﺠﺰ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻮازﻧﺎت
واﻟﻤﺪﻳﻮﻧﯿﺔ، ﻓﯿﮫﺎ ھﺬا اﻟﻌﺪد اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻣﻦ "ﻋﺎﻣﻼت اﻟﻤﻨﺎزل"، وھﻮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻮاﻓﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة وأوروﺑﺎ؟! أﻻ
ﻳﻔﺘﺮض أن ﻧﻘﻔﺰ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ ﺣّﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻌﺎﻣﻼت، إﻟﻰ اﻟﻘﻀﯿﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ؟! ھﻞ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺒﺪاﻟﮫﻦ ﺑﺠﻠﯿﺴﺎت
أطﻔﺎل وﻋﺎﻣﻼت ﻣﺤﻠﯿﺎت، ﺑﻌﺪ ﺗﺄھﯿﻠﮫﻦ وﺗﻮﻓﯿﺮ اﻟﻀﻤﺎﻧﺎت اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﯿﺔ لهن؟!